تاريخ إسرائيل الأسود حاضراً في زيارة نتنياهو إلى الهند

18 يناير 2018
انتقد غاندي "دبلوماسية المعانقة" لمودي بعد استقباله نتنياهو (Getty)
+ الخط -


يحضر التاريخ خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الهند، التي بدأها يوم الأحد الماضي وتستمر لستة أيام، ويسعى فيها لتعزيز العلاقات بين الطرفين وتقوية حضور بلاده هناك، غير أن مساعيه تصطدم بتاريخ إسرائيل الأسود في تعاملها مع الهند، وهو ما دفع رئيس حزب "المؤتمر" الهندي المعارض راهول غاندي، لاتخاذ قرار مفاجئ برفض لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي.
سبب رفض غاندي للقاء يعود إلى الاتهام الهندي لإسرائيل بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الراحل جواهر لال نهرو، في العام 1960. حينها كان نهرو رئيساً للوزراء، وحاول الاحتلال الإسرائيلي استهدافه أثناء زيارته إلى غزة عبر مقاتلاته الحربية، كما يقول مؤرخون وخبراء هنود.

وبعد لحظات من هبوط طائرة نتنياهو  في مطار دلهي، انتقد حزب "المؤتمر" عبر موقع "تويتر"، ما سمّاها "دبلوماسية المعانقة" لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي استقبل نظيره الإسرائيلي في المطار بحفاوة كبيرة. غير أن أوساطاً دبلوماسية هندية مؤيدة للتقارب مع إسرائيل، سارعت لانتقاد قرار راهول غاندي. وفي مقال في جريدة "إنديان إكسبرس" اليومية الهندية، قال الخبير في العلاقات الهندية الإسرائيلية في جامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي، بي آر كوماراسوامي، إن "قرار راهول غاندي خطوة استراتيجية قصيرة النظر ويمكن أن تؤثر على توافق الآراء الوطنية (الهندية) إزاء إسرائيل".
كذلك ذكّر البعض بلقاء سونيا غاندي، الرئيسة السابقة لحزب "المؤتمر" وأرملة راجيف غاندي ووالدة راهول، عام 2003 برئيس الوزراء الإسرائيلي حينها أرييل شارون عندما زار الهند. واعتبر هؤلاء قرار راهول غاندي بعدم لقاء نتنياهو "تناقضاً صارخاً" مع ما فعلته والدته في الماضي.

وبالعودة إلى الاتهامات الهندية للاحتلال الإسرائيلي بمحاولة اغتيال جواهر لال نهرو، فقد روى تفاصيل هذا الحدث الكاتب الشهير فيجاي براشاد في مجلة "فرونت لاين" الهندية، قائلاً: "كان نهرو في مقر قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة في غزة. واستقل طائرة تابعة للأمم المتحدة من غزة في 1960. وفي الجو، اعترضت مقاتلات إسرائيلية طائرته داخل ما ادعاه الجيش الإسرائيلي لاحقاً بأنه ميل واحد داخل الأراضي الإسرائيلية". وأضاف: "لا يوجد وصف لهذا الحدث، ولكن ينبغي للمرء أن يفترض أن ذلك لم يكن بعيداً عما حدث في كثير من الأحيان لطائرات الأمم المتحدة التي حلقت فوق غزة". وكان نهرو قد توجّه إلى غزة والتقى بقوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة، التي كان قائدها في ذلك الوقت جنرالاً هندياً.


ووفق براشاد، "عندما عاد نهرو إلى الهند، تحدث خلال اجتماع للبرلمان الهندي في الأول من أغسطس/ آب 1960، كيف أن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية لاحقت طائرة الأمم المتحدة في الجو، قائلاً إن هذا الإجراء غير مبرر، لأن السلطات الإسرائيلية كانت على علم مسبق بالزيارة إلى غزة". وأشار براشاد إلى أن "نهرو تمكن من استخدام هذه التفاصيل لشرح لماذا كان على الهند التفكير بجدية قبل أن تتخذ قرار إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، وعندما أثيرت قضية إرسال سفير إلى إسرائيل في 22 ديسمبر/ كانون الأول 1960، قال نهرو إن هذه المسألة متشابكة جداً في قضايا دولية مهمة وخطيرة، بما في ذلك عدم احترام رئيس الحكومة الهندية".

ولا يتوقف التوتر التاريخي بين الهند وإسرائيل على هذه الحادثة، بل إن اسم الاستخبارات الاسرائيلية "الموساد" برز في قضية اغتيال رئيس الوزراء الهندي الأسبق راجيف غاندي، والد راهول غاندي، في العام 1991. كان التقرير النهائي للجنة التحقيق في اغتيال راجيف غاندي ركز على مؤامرة دولية كبيرة، وعلاقة الاستخبارات المركزية الأميركية و"الموساد" ومنظمة "نمور التاميل لتحرير إيلام" بذلك.
ووفق أسبوعية "أوت لوك" الهندية، في تقرير نشرته في 20 يوليو/ تموز 1998، فإن تقرير لجنة التحقيق أشار إلى مؤامرة دولية كبرى وتورط وكالات استخبارات أجنبية، وقادة بعض منظمات السيخ المتطرفة في الاغتيال. وكشف التقرير أن هؤلاء تعاونوا بنشاط مع منظمة "نمور التاميل" وأفراد هنود رئيسيين في الفترة السابقة مباشرة للاغتيال.

وذكر التقرير برقية بتاريخ 11 سبتمبر/ أيلول 1991، أرسلها السفير الهندي في تونس إلى وزارة الشؤون الخارجية الهندية، تضمنت مذكرة رئيسية من ياسر عرفات. وأفادت هذه البرقية بأن "عرفات كانت لديه معلومات تفيد بأن أعداء راجيف غاندي سيستخدمون فترة الانتخابات للتخلص منه، وقد حصل (عرفات) على هذه المعلومات من داخل إسرائيل ومصادره الأوروبية. وأشارت هذه المصادر إلى أن متطرفي نمور التاميل والسيخ سيحاولون الإضرار بغاندي، وبالإضافة إلى هؤلاء، فإن القوات المعادية من خارج الهند قد تحاول أيضاً".

كما ورد في التقرير النهائي للجنة التحقيق مذكرة مسجلة عن الحديث بين وزير الخارجية الهندي آنذاك موتشكوند دوبي والسفير الفلسطيني في الهند بتاريخ 6 يونيو/ حزيران 1991، جاء فيها على لسان الوزير: "قال لي السفير الفلسطيني إنهم شاهدوا حركة عملاء الموساد في الهند، بما في ذلك نحو مدينة مدراس (مدينة تشناي)، وقال إنه إذا كان المرء يبحث عن صلة، فقد كان الرابط بين وكالة الاستخبارات المركزية والموساد ومنظمة نمور التاميل".