قضت محكمة النقض المصرية، اليوم السبت، برفض الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن المعتقلين بقضية "التخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة، وإفشائها إلى دولة قطر"، ويتهم فيها الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وعشرة آخرون من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لإلغاء الأحكام الصادرة بالإعدام بحق ستة معتقلين، والسجن بمجموع أحكام بلغت 240 سنة على بقية المعتقلين، وأيّدت المحكمة الأحكام لتكون أحكاماً نهائية وباتة.
وجاء منطوق الحكم، بقبول عرض النيابة العامة شكلاً وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهم أحمد علي عبده عفيفي ومحمد عادل كيلاني ومحمد إسماعيل ثابت.
ثانياً: قبول طعن المحكوم عليهم شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه على النحو الآتي:
أولاً: إلغاء عقوبة السجن 15 عاماً المقضي بها على المحكوم عليه محمد مرسي على الجريمتين المسندين إليه بالبندين رابعاً وثامناً والاكتفاء بعقوبة السجن المؤبد المقضي بها عليه بالبند تاسعاً من الحكم المطعون فيه.
ثانياً: إلغاء عقوبة السجن 15 عاماً المقضي بها علي أمين الصيرفي عن الجريمتين المسندتين اليه بالبندين خامسا وثامنا والاكتفاء بعقوبة السجن المؤيد عن جريمة المسندة إليه بالبند التاسع.
ثالثاً: إلغاء عقوبة السجن المشدد لمدة 15 عاماً المقضي بها على المحكوم عليه أحمد عفيفي بالبند عاشراً والاكتفاء بعقوبة الإعدام.
رابعاً: إلغاء عقوبة السجن المشدد على المتهم خالد حمدي رضوان والاكتفاء بعقوبة السجن 15 عاماً وتغريمه 10 آلاف دولار.
خامساً: إلغاء عقوبة السجن المشدد على المتهم محمد كيلاني والاكتفاء بعقوبة الإعدام. ورفض الطعن فيما عدا ذلك وقبول طعم النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع برفض.
إحالة الأوراق إلى النائب العام
وقررت المحكمة إحالة الأوراق إلى النائب العام لاتخاذ اللازم نحو التحقيق والتصرف فيما نسب إلى رئيس قناة الجزيرة حمد بن جاسم من أفعال ووقائع تنطوي على جرائم جنائية مؤثرة بشأن التخابر على دولة أجنبية والإضرار بمصلحة البلاد ومركزها الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وإعطاء مبالغ مالية كبيرة بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية للبلاد.
واستمعت المحكمة خلال الجلسة الماضية (ثاني جلسات الطعن)، إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المعتقلين الطاعنين، في القضية، والتي دفعت بأن الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة "أول درجة"، انطوى على العديد من الأخطاء القانونية.
وأضافت هيئة الدفاع أن هناك بطلانًا في إجراءات المحاكمة، وخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره، وقصوراً في التسبيب والبيان، والفساد في الاستدلال، والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق، والتناقض والتضارب بين أسباب الحكم، والإخلال بحق الدفاع.
وتابعت بأن الدليل على بطلان الحكم، وإجراءات المحاكمة، يتضح من خلال أن الثابت من محضر جلسة 6 مارس/ آذار 2016، وأن محكمة الجنايات، أضافت اتهامات جديدة للمعتقلين الخامس والسادس والسابع في القضية، ثم دانت الرئيس محمد مرسي بالاتفاق الجنائي معهم في جميع الاتهامات، والتي عدلتها دون أن تكون من بين الاتهامات التي تم التحقيق فيها بمعرفة النيابة العامة.
وأوضحت أن محكمة الجنايات لم تتح للرئيس محمد مرسي فرصة للرد على الاتهامات الجديدة وتفنيدها، كما أن المحكمة لم تواجه بها المعتقلين بجلسات المحاكمة أو تستجوبهم بخصوصها، ما يعد تصدياً منها، وفقا للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية، وبالتالي لا تكون المحكمة صالحة للحكم في القضية.
وأكد أعضاء هيئة للدفاع أن محكمة الجنايات دانت الرئيس محمد مرسي بتولّي قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون تأسيساً على أفعال سابقة لتوليه رئاسة الجمهورية، بالرغم من أن الأفعال المنسوبة للرئيس في القضية خاصة بالفترة من شهر يونيو/حزيران 2013 وحتى 6 سبتمبر/أيلول 2014، ومن هنا يتبين استناد الحكم إلى أفعال سابقة على ذلك التاريخ بسنين عددا، ما يصِم الحكم الطعين بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
أقوال الشهود
وأقوال شهود الإثبات التي استند إليها الحكم الطعين لإثبات اختلاس مرسي للوثائق، والمستندات، لا تؤدي حتماً لإدانته، باعتباره رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك، وله مطلق السلطة التقديرية، في الاحتفاظ بأي نوع من الوثائق والمستندات، في المكان الذي يريده وبحوزة من يريده وللفترة الزمنية التي يقدرها، بشرط مراعاة ألا يتم إطْلاع من ليس له صفه على تلك الوثائق.
ولفت الدفاع إلى أن هناك انتفاء صلة المعتقل مدير مكتب رئيس الجمهورية، بحفظ جميع التقارير والمكاتبات أياً كانت طبيعتها، أو درجة سريتها أو الجهة المرسلة لها، وانقطاع صلته بها بعد عرضها على رئيس الجمهورية، وذلك وفقا للثابت بشهادة الشهود، وكذلك وفقا للثابت بالمرفق رقم 9 من تقرير اللجنة المشكلة بقرار المحكمة، والمتمثل في لائحة التقسيمات التنظيمية الرئيسية، والفرعية، والداخلية، لمكتب رئيس الجمهورية، والتي استمر العمل بها إبان فترة تولي المعتقل لوظيفته وفقاً للثابت بشهادة الشهود.
كما أن هناك بطلانًا في تقرير هيئة الأمن القومي المؤرخ 11 يونيو/حزيران 2014، وعدم جواز التعويل على التحريات الواردة به لإجرائها بالتجاوز لحدود الندب، وعن إدانة الرئيس محمد مرسي، بجريمة تولّي قيادة في جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، أوضح الدفاع أن محكمة الجنايات دانته بتلك الجريمة رغم انقطاع صلته بجماعة الإخوان المسلمين بمجرد انتخابه رئيساً للبلاد.
وشككت هيئة الدفاع عن المعتقلين، في شهادة اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية الحالي، حيث أوضح علاء علم الدين، عضو هيئة الدفاع عن "مرسي"، أن "تقرير اللجنة خلا من بيان تاريخ ورود المستندات المضبوطة على ذمة القضية لرئاسة الجمهورية، وما إذا كان قد تم إثبات أي منها بدفاتر وارد الرئاسة، أو وارد مكتب رئيس الجمهورية، وخلا التقرير أيضًا من تحديد الدورة المستندية من الوثائق والمستندات التي تعرض على رئيس الجمهورية، كما خلا التقرير من بيان مَن كان في مكتب المعتقل الأول خلال فترة رئاسته للجمهورية (مرسي)".
بطلان التحقيق
كما دفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائيا لنظر الدعوى الجنائية، استنادا إلى نص المادة 159 من دستور 2014 والقانون 247 لسنة 56، مع بطلان إجراءات التحقيق التي تمت، وبطلان إجراءات الإحالة، وبطلان إجراءات المحاكمة.
واستمعت المحكمة في الجلسة قبل الماضية (أولى جلسات نظر الطعن)، إلى طلبات رئيس هيئة الدفاع عن المعتقلين في القضية محمد طوسون، والذي طالب بتأجيل الجلسة لحين الاطلاع على تقرير نيابة النقض الذي أودع أمام المحكمة بالجلسة ذاتها، وأوصى برفض الطعن.
وأوصت نيابة النقض في رأيها الاستشاري المقدم للمحكمة في الجلسة، برفض طعن المعتقلين على أحكام الإعدام والسجن الصادرة بحقهم، كما أوصت برفض طعن النيابة على براءة بعض المتهمين من بعض التهم، وأوصت بتأييد الأحكام الصادرة.
وكانت هيئة الدفاع عن المعتقلين قد أكّدت في طعنها أن القضية سياسية وانتقامية، وأن الحكم به عوار قانوني واضح، إذ إنه جرت تبرئة المعتقلين من الاتهام الأول الأساسي وهو اختلاس الأوراق والوثائق وفقا لزعم النيابة، وهو الاتهام الذي بنيت عليه بقية الاتهامات، بينما تمت معاقبتهم على الاتهامات المبنية على التهمة الأساسية الصادر فيها حكم البراءة، وهي نقطة العوار الأساسية التي استند فيها الدفاع إلى الطعن.
إعدام 6 معتقلين
وقضت محكمة جنايات القاهرة المصرية، أول درجة، بالإعدام بحق ستة معتقلين، والسجن بمجموع أحكام بلغت 240 سنة، وذلك بعد أن استمرت جلسات القضية على مدار 99 جلسة، تم خلالها تحرير ألف صفحة بمحاضر جلسات القضية، شهدت خلالها مرافعات النيابة والدفاع وسماع أقوال الشهود.
وضمت قائمة المحكوم عليهم بالإعدام كلاً من "أحمد عفيفي (منتج أفلام وثائقية) - ومحمد عادل كيلاني (مضيف جوي) - وأحمد إسماعيل ثابت (معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا)، حضورياً، وأسماء الخطيب (مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) - وعلاء سبلان (أردني الجنسية - معد برامج بقناة الجزيرة) - وإبراهيم هلال (رئيس قطاع الأخبار بالقناة)"، غيابياً.
وقضت المحكمة بمعاقبة الرئيس المعزول، محمد مرسي، بالسجن 40 سنة عما أسند إليه من اتهامات، وأمين الصيرفي (سكرتير سابق برئاسة الجمهورية)، بالسجن 40 سنة، لكل منهما، وأحمد عبد العاطي (مدير مكتب رئيس الجمهورية)، بالسجن 25 سنة.
كذلك قضت المحكمة بمعاقبة كريمة أمين الصيرفي (طالبة)، بالسجن 30 سنة، بخلاف حكم الإعدام الصادر بحقها، وحمدي رضوان (مدير إنتاج بقناة مصر 25)، بالسجن 30 سنة وغرامة 10 آلاف دولار، لاتهامات وجهت له بأمر الإحالة، بخلاف حكم الإعدام الصادر بحقه.
وعاقبت المحكمة أحمد عفيفي، ومحمد عادل كيلاني، وأسماء الخطيب، وعلاء سبلان، وإبراهيم هلال، بالسجن المشدد 15 سنة لكل منهم لاتهامات وجهت لهم بأمر الإحالة، بخلاف أحكام الإعدام الصادرة بحقهم.
وجاء بأمر الإحالة "قرار الاتهام" في القضية أن "مرسي" وعدداً من المتهمين قاموا باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية، والتي من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها، والسياسات العامة للدولة، بقصد تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية".