تأجيل مؤقت لجنيف بلاءات روسية... ووفد النظام برئاسة "صقور"

22 يناير 2016
المعارضة لن تقبل وفداً ثالثاً (جاك دومارتون/فرانس برس)
+ الخط -

بات تأجيل انطلاق جلسات محادثات جنيف الخاصة بالملف السوري، مفروغاً منه، على الأقل حتى 29 من الشهر الحالي، بعدما كان الموعد المقرر يوم الإثنين المقبل، أي 25 يناير/كانون الثاني الحالي. لكن التأجيل "التقني" الذي كشف عنه دبلوماسي روسي وآخر من الأمم المتحدة، أمس الخميس، قد يتمدد، في ظل لاءات روسية تتعاطى مع الملف السوري كأنه ملف روسي داخلي.

أحدث ترجمات السلوك الروسي، الساعي لعرقلة محادثات ثنائية برعاية دولية، كشف عنه دبلوماسي روسي تحدث لوكالة "رويترز" أمس، كاشفاً أن بلاده "ستدعم وفداً بديلاً من المعارضة السورية للتفاوض مع الحكومة إذا لم يتم تعديل فريق المعارضة الحالي أو إذا قاطع المحادثات". موقف يعبر عن أولى لاءات موسكو، تجاه مفاوضات أقرها القرار 2254 تكون بين المعارضة والنظام، وليس بين "النظام والنظام"، بحسب تعليق قيادي في المعارضة السورية رداً على التسريب الروسي. تدرك موسكو جيداً أنها إن ذهبت بعيداً في خطتها لإفراغ المحادثات من أي مضمون، من خلال إرسال وفد تسميه "معارِضاً وطنياً"، فإن جلسات جنيف لن تبصر النور، أو أنها ستكون بلا جدوى كون المعارضة السورية لن تكون مشاركة فيها، وهو ما جزمته المعارضة نفسها ووفدها المفاوض منذ اليوم الأول لتأليفه بما شكل صفعة لروسيا، لأنه ضمّ ممثلين معارضين من الطيفين السياسي والعسكري.

وفد النظام برئاسة صقور

في غضون ذلك، وُلد وفد النظام السوري، برئاسة أحد صقور نظام بشار الأسد، ممثل دمشق في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، بالإضافة إلى نائب وزير الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، لتكون رئاسة الوفد مزدوجة، علماً بأن الوفد سيضم إلى الجعفري والمقداد ثلاثة دبلوماسيين وثمانية من كبار المحامين، بحسب مصدر رسمي سوري تحدث لوكالة "فرانس برس". هكذا، باتت المعارضة السورية ووفدها التفاوضي أمام ضغوط هائلة لدفعها نحو تعديل وفدها، وتطعيمه بمرشحي موسكو ودمشق، في ظل ما يبدو على الأقل "عدم ممانعة" أميركية للتدخل الروسي الفاقع في شؤون تحضيرات مؤتمر جنيف، إذ يبدو وزير الخارجية الأميركية جون كيري مجرد ناقل للرسائل من موسكو إلى الرياض، وهو ما لا يمكن أن يصبّ إلا في خانة المصلحة الروسية. مصلحة تترجمها موسكو بلاءات ثلاث: لا لوفد معارِض لا يضمّ المرشحين من قبل روسيا. لا وقف للغارات ضد المدنيين السوريين قبل محادثات جنيف أو خلالها، ولا لأي تنازل في دعم نظام الأسد.

اقرأ أيضاً: كبير المفاوضين بالمعارضة السورية:لا مفاوضات مع استمرار قصف المدنيين

وفي السياق نفسه، قال دبلوماسي روسي إن "ما نحاول تحقيقه هو إما توسيع وفد الرياض (وفد المعارضة السورية برئاسة أسعد الزعبي، وعضوية ثلاثة قياديين عسكريين)، ليضم المعارضة المعتدلة أو أن يكون هناك وفد معارض منفصل". وأضاف أنه في حال مقاطعة المعارضة للمحادثات "فسوف يأتي الوفد الثاني. سيتفاوضون مع الحكومة". وذكر الدبلوماسي الروسي أنه تم الاتفاق بين روسيا وأميركا على عقد المحادثات السورية قبل نهاية الشهر الحالي، وأن يوم الجمعة 29 يناير/كانون الثاني هو آخر موعد محتمل. كلام ردّ عليه العضو في الائتلاف الوطني، سمير نشار، بالقول إن "الهيئة العليا للمفاوضات ترفض تماماً تشكيل وفد ثان للمعارضة، أو إجراء تعديل على الوفد المعلن في الرياض". موقف واضح مماثل صدر عن المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، عندما جزم بأن "المفاوضات ستقتصر على من رأت الهيئة أنه يمثل وفدها فقط". وأضاف حجاب: "نسمع ان هناك تدخلات خارجية وتحديداً تدخلات روسية ومحاولاتها لزج أطراف أخرى في وفد الهيئة"، مؤكداً أن "موقفنا واضح ولن نذهب للتفاوض اذا تمت اضافة وفد ثالث أو أشخاص".

3 وفود

وأفادت صحيفة "الوطن" القريبة من النظام السوري أمس، الخميس، أن لافروف وكيري توصلا إلى "اتفاق مبدئي يقضي بتكليف المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بتشكيل الوفد المعارض مناصفة بين معارضة الرياض والأسماء التي تقدمت بها موسكو". ونقلت "الوطن" عن مصادر أن "كيري سيبحث مع المسؤولين السعوديين اليوم (أمس الخميس) المقترح الروسي وسيحذر في حال ممانعتهم من أن موسكو ستفرض وجود وفدين في جنيف ولن تقبل إطلاقاً بوفد واحد يمثل معارضة الرياض". وادعت الصحيفة أن مكتب دي ميستورا "قام بترتيبات "استقبال ثلاثة وفود، واحد عن الحكومة واثنين للمعارضة". وأفادت بأن دي ميستورا "سيتوجه يوم الأحد المقبل إلى الرياض لمشاورات أخيرة قبل أن يعلن في مؤتمر صحافي، الإثنين، في جنيف أسماء وفد أو وفدي المعارضة". وبحسب التسريبات، حتى لو عقدت الجلسات في جنيف، لن يلتقي وفدا النظام والمعارضة مباشرة بل سيقوم الأكاديمي والمتخصص بالشؤون السورية، فولكر بيرتس، بدور الوسيط بينهما.

باريس تعارض النظرية الروسية

في المقابل، أعرب دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، في حديث لوكالة "رويترز"، عن موقف باريس الرافض لنظرية موسكو حول "وفد ثالث للمعارضة المعتدلة". وقال الدبلوماسي الفرنسي إنه "ينبغي وضع إطار عمل جاد قبل إجراء محادثات السلام السورية"، مضيفاً أن المعارضة التي اجتمعت في الرياض الشهر الماضي "ينبغي أن تقود المحادثات، وفقا لما ينص عليه قرار الأمم المتحدة"، وذلك رداً على سؤال حول المقترحات الروسية بضرورة وجود وفد ثالث يمكن أن يشارك في المحادثات.


اقرأ أيضاً: هولاند: التحالف سيكثف الغارات ضد "داعش" بسورية والعراق