تأثير الحروب على الطيور

04 يناير 2015
الطيور التي كانت تشتي بسورية أصبحت تشتي بلبنان (Getty)
+ الخط -

هنالك فارق ما بين الحرب على الطيور، وتأثير الحرب على الطيور. الأولى هي حرب القوّاصين (مدّعي الصيد)، الذين لا يفقهون من آداب الصيد شيئاً. وهي عادة حرب تنتهي، أو لا تنتهي، بمجازر بحق الطيور. أما الثانية فهي حروب المنطقة المجاورة والتي تضغط على الطيور المقيمة و"المشتية" والمهاجرة.

لقد قامت دول المتوسط بدراسة وقع الصيد غير القانوني على الطيور، ولم تنشر النتائج بعد. وفي لبنان شاركنا في هذه الدراسة قبيل منتصف 2014. ونذكر أنّ 90% من الطيور المسجلة في لبنان تتعرض لإطلاق النار، أو يتم الإمساك بها عبر وسائل عديدة وغير قانونية. ومنها نحو 4 ملايين طائر تُقتل من دون إجازة صيد وفي غير موسم الصيد. ومن هذه الطيور التي تتعرض للقتل غير القانوني 64% ما يمسك على حين غرة وبالحيلة، مع أنّ قانون الصيد اللبناني يمنع الصيد بالحيلة مثل تقليد الأصوات واستخدام الدخان واستعمال اليقلوم (المخبأ)، والشباك، والأضواء الليلية، ووضع الأشجار في الأماكن الجرداء والسطوح، وغيرها.

أما عن آثار الحروب في الجوار على الطيور، فقد أصبحت واضحة للعيان. ويمكن التأكد من التالي:

- الطيور التي كانت تشتي في سورية آتية من أوروبا أصبحت تشتي في لبنان، وأعدادها تتزايد من سنة إلى أخرى. فالدلم (حمام بري على جناحيه خطان أبيضان) مثلاً، كان يأتي إلى لبنان بالعشرات على مدى الخمسين عاماً الماضية، أما في السنوات الثلاث الأخيرة فهو بالمئات.

- الطيور الحوّامة التي تعتمد على الهواء لتوفر الطاقة أثناء الهجرة، والتي كانت تمر على امتداد رأس السلسلة الشرقية في لبنان، مستفيدة في هجرتها من التيارات الهوائية الصاعدة بفعل اصطدام الرياح بسفوح الجبال، تكثر في الآونة الأخيرة فوق سهل البقاع، حيث تستفيد من الصواعد المتكونة بالتسخين الطبيعي في السهل على شكل أعمدة هوائية. هذا المسار المنتقل ولو جزئياً من قمم السلسلة إلى الداخل اللبناني، ليس سوى وسيلة للابتعاد عن نار وتفجيرات الحروب.

- الطيور التي تعشش في سهل البقاع ثم تنتقل في الصيف لتعشش مرة ثانية على ارتفاع أعلى في جبل لبنان أو جبال السلسلة الشرقية، أصبح قسم منها يفرّخ للمرة الثانية والثالثة أيضاً على الأرض نفسها في السهل، من دون حاجة إلى الصعود والتعرّض إلى مخاطر الحرب.

- الطيور المقيمة والمفرّخة في سورية فقط، بدأت بالظهور التدريجي في لبنان، علماً أنّها لم ترصد فيه من قبل. وهو حال الدغناش والحباري الصغيرة والبط المرمري وغيرها. فهل تكون هذه ظاهرة لجوء من نوع طيري؟

*اختصاصي في علم الطيور البريّة
المساهمون