بين مايك فغالي والثقافة السورية... الترويج المزيف

23 يوليو 2018
المنجم مايك فغالي (فيسبوك)
+ الخط -
تُحاصر بعض البرامج التلفزيونية في لبنان، جزءاً من المشهد العام للشارع اللبناني والعربي. بعض المتابعين يتفاعلون بشكل عفوي مع أي برنامج أو عرض تلفزيوني لا يحظى بالمعايير الخاصة، والتي من المفترض أن تُراعى. لا الترفيه بات يجدي، بعدما دخل صراع المتاجرة بالقضايا الفنية أو الترفيهية إلى كل بيت، ولا الثقافة بفروعها وأهدافها أحدثت تغييراً إيجابياً في طرح موضوع أو تثقيف الناس. مرحلة ما بعد الحرب اللبنانية خرجت بسجال طويل، حول كيفية تقاسم الإعلام اللبناني المرئي للمليشيات والأحزاب الحاكمة، أو تلك التي جاءت بعد انتهاء فترة الحرب المدمرة، وتقاسم قادة الحرب الهواء وإطلاق شركات ومحطات تلفزيونية خاصة به. 

نجح قسم من هذه المحطات في فترة التسعينيات. لكن ما لبث أن تحول التقدم إلى تراجع. وسقطت بعض المحطات في فخّ البحث عن مصدرٍ للتمويل، واستعاضت عن الإنتاجات الكبيرة ببعض البرامج السخيفة. رغم النقص المالي الحاد الذي تعانيه المحطات التلفزيونية اللبنانية والعربية عموماً، تلجأ هذه المحطات بين وقت وآخر إلى الاستعانة ببرامج تحقّق نسبة مشاهدة عالية في اعتقادها. بعض هذه البرامج تقوم على "المُحرمات"، والبحث عن كل ما هو مثير. طرح المشكلة من باب الاستفزاز أو الاستئثار بمتابعة المشاهد فقط، دون رسم هدف أو نتيجةٍ لما عُرض ولا مراعاة لـ"حُرمة" أو خصوصية بعض الأطفال أو النساء المعنفات، أو ضحايا المخدرات أو الدعارة. ثمة تماد في الكشف عن الُمشكلة المثيرة التي تجذب المشاهدين، واستعراض تفاصيلها دون مغزى سوى الإثارة أو ما بات يُعرف بالـ"رايتنغ".



الشعوذة والتحدي
في السنوات الأخيرة، حققت نسب المشاهدة لبرامج الشعوذة و"التبصير" في لبنان نجاحاً كبيراً. ما دفع المسؤولين عن هذه المحطات إلى الاستعانة بمجموعة ممن يطلقون على أنفسهم لقب "الفلكي" أو"صاحب الإلهام" وغيرها من التسميات التجارية. مايك فغالي، توظف في قناة OTV التابعة مباشرة لتيار رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، وليلى عبد اللطيف التي سيطرت لسنوات على محطة LBCI اللبنانية. هؤلاء ساهموا في تسخيف ما يسمى بالهواء المفتوح، دون مراعاة للقانون اللبناني الذي يفصل في مثل هذه الادعاءات، لا بل يحاسب عليها. لكن القضاء اللبناني ظل محايداً أو بعيداً، وكذلك المجلس الوطني للإعلام، الذي لم يتخذ إجراءات تحدُّ من تفلت ظاهرة المشعوذين على التلفزيون.

قبل أيام، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر إلقاء المشعوذ، مايك فغالي، محاضرة في سورية مركز "أبو رمانة الثقافي" بدعم ومباركة من وزارة الثقافة السورية..
ما نُشر على موقع وزارة الثقافة، كعنوان "العيش المشترك في سوريا" محاضرة لمايك فغالي وعلى بطاقات الدعوة، لاحقاً إلى "الصمود السوري أنموذجاً"، وأصبحت مرتبة فغالي العلمية "دكتوراه". المناسبة فتحت النقاش للمطالبة بإيقاف المهزلة. أما في بيان التراجع، فوصفت وزارة الثقافة مايك فغالي بالمنجم. الوزارة كذبت على نفسها، لأن نشاطات المراكز الثقافية لا بد أن توقّع من الوزارة. ولا بد من الحصول على موافقة أمنية على النشاطات قبل طبع بطاقات الدعوة.
المساهمون