بين المجازر والتهجير يعيش النازحون من درعا

عبد الله البشير

avata
عبد الله البشير
18 يوليو 2018
4F181C46-A787-4249-9D48-439818E2EF36
+ الخط -
يعيش نازحو درعا في منطقة الرفيد بانتظار أفضل السيئ من الخيارات المتاحة أمامهم، وهو التهجير نحو الشمال السوري، خصوصاً بعد التجربة المفجعة التي عاشها أهالي مدينة نوى إثر عودتهم، وسقوط أكثر من ثلاثين قتيلا من سكانها بالغارات والبراميل المتفجرة، رغم ما أشيع عن هدنة، ليُجبروا على مغادرة المدينة مجدداً في الليل، هرباً من مجازر ممكنة.

ويقول ماهر عثمان (46 عاماً): "عدنا أمس إلى مدينتنا نوى بعد إبلاغنا أن هناك هدنة فيها ستفضي إلى تسوية قد تكون خلاصنا من التشرد والبقاء في الخيام، والمعاناة نحن وأطفالنا من جوع وعطش قرب محيط بلدة الرفيد، لتكون الفاجعة هي نهاية ما شهدناه في المدينة".

ويتابع عثمان حديثه، لـ"العربي الجديد"، "بدأت الطائرات بالإغارة على المدينة والمروحيات تقصفها بالبراميل المتفجرة، لتقضي على أربعة عشر شخصا على الفور، ويبدأ الناس على إثرها بالخروج منها مباشرة والعودة إلى أماكن نزوحهم". ويضيف "ختمنا ليلة دامية بتوديع ثلاثين من أهالي مدينتنا، أصبحت أجساد غالبيتهم أشلاء، ومنهم من دُفن تحت أنقاض بيته. كنا نعلم أنه لا أمان للأسد وروسيا، لكن أمل العودة أثار الأهالي، فكانت النتيجة أقسى مما تخيلنا".

ويقول: "الدرس كان قاسياً ودامياً ومأساوياً بكل معنى الكلمة، تسبب في صدمة للأهالي، ونسأل الله الخلاص مما وقعنا فيه".

غارات على مدينة نوى السورية بعد عودة أهاليها(تويتر) 




أما بيان خوالدة، فتوضح أن "ما حصل أمس في نوى يفوق الوصف، وعاشت النساء والأطفال خلاله خوفا حقيقيا. وكل ما قيل عن هدنة كان كذبا ولعباً بمشاعر الناس". وتقول: "لم نكن نعرف كيف سننجو وننقذ الأطفال، كانت الغارات مفاجئة وكثيفة، الأرض والمنازل اهتزت بنا ومن تحتنا، وبدأ الناس بالجري بلا وعي للخروج من المدينة والعودة إلى محيط بلدة الرفيد".

وتشير الثلاثينية خوالدة، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن "العودة باتت مستحيلة، ولو قدمت لنا كل الدول ضمانات. نفضل معيشة التشرد والنزوح هنا على عودة بطعم الموت، تحت قصف طائرات لا ترحم طفلا ولا امرأة ولا شيخا، نرجو أن نخرج بأسرع وقت إلى اشمال السوري، مهجرين أفضل من موتى تحت أنقاض منازلنا، أو حاملين أشلاء أطفالنا بين أيدينا ونحن نبكي".

وأما الخمسيني علي أبو محمود، فيقول لـ"العربي الجديد": "كنت أعلم أنها خدعة للإيقاع بالناس، ورفضت مطلب عائلتي بالعودة إلى مدينة نوى، وبالفعل بقيت في الخيمة، ففي الأصل لم يعد لدي منزل أعود إليه، فهل أجلس على أنقاضه منتظرا أن تقتلني الطائرات؟ الناس ظنوا أن النظام بهذه السهولة سيتركهم يعودون، لكنهم أخطأوا وحصل ما حصل".

ويضيف أبو محمود "الآن صار قرار العودة بلا شك تحت مسميات الهدنة، والمصالحة بعد ما جرى باتت أمراً مستحيلاً وغير ممكن، وبقي أمامنا خياران هو البقاء نازحين هنا، وأعتقد أنه من غير الممكن أن نبقى سالمين، والخيار الآخر هو التهجير والانتقال إلى الشمال السوري لنهرب مع آلامنا وآمالنا بحياة جديدة قد نعيشها هناك".

وبالنسبة لأمين عزام، فإنه أراح نفسه من التفكير في المصالحة منذ مغادرته بلدته بريف درعا الشرقي وهو بانتظار التهجير للشمال. ويوضح الثلاثيني، لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يعد هناك مجال للحياة الكريمة تحت ظل نظام بذل مئات الآلاف أرواحهم في سبيل إسقاطه".

ذات صلة

الصورة
يُقلق موسم الأمطار والشتاء سكان مخيمات شمال غربي سورية (العربي الجديد)

مجتمع

غرقت وتضررت خيام كثيرة للاجئين في السنوات الأخيرة بفعل العواصف والأمطار والسيول خلال الشتاء في الشمال السوري لكنهم لا يزالون داخلها، وتتهددهم مآسٍ جديدة
الصورة
الحرب والفقر والتلوث يقضي على حياة السوريين (العربي الجديد)

تحقيقات

لا خيارات أمام النازحين في الشمال السوري، إذ تحاصرهم نفايات المصافي النفطية البدائية المعروفة بـ"الحراقات" ويتراكم تأثيرها الملوث في الهواء والماء ليقتلهم
الصورة
أزمة المياه في مخيمات الشمال السوري، يوليو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه النازحون في مخيمات الشمال السوري أزمة مياه غير مسبوقة، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة، بالإضافة إلى توقف دعم مشاريع الإصحاح..
الصورة
مخيمات الشمال السوري ، 1 يوليو 2024 (عدنان الإمام/العربي الجديد)

مجتمع

تعاني آلاف الأسر النازحة في مخيمات الشمال السوري من أزمة إنسانية حادة نتيجة انعدام المياه الصالحة للشرب، وذلك بسبب توقف دعم المنظمات الإنسانية