عام خامس يودعه اليمنيون، في ظلّ الحرب والشتات والأزمة الإنسانية المتفاقمة. لكن الجديد هو الخطورة التي يخلقها عامل الزمن، بترسيخ حالة من اللاسلم واللاحرب، تطيل محنة اليمن، وإن كانت تساهم مؤقتاً بتهدئة هنا أو هناك. قد لا يختلف اثنان على أنّ عام 2019 شهد تراجعاً في وتيرة التصعيد العسكري بين القوات الحكومية والحوثيين، على أكثر من جبهة في البلاد، إلا أنّ الواقع هو أنّ كل ملفات الأزمة ما زالت تراوح حول المعطيات نفسها، من دون أن نشهد تقدّماً محورياً يمكن أن يُحكم عليه كخطوة إلى الأمام.
الأسوأ من ذلك، أنّ المسار الذي اتخذته الأزمة خلال عام مضى على الأقل، اتجه صوب ترسيخ سلطات الأمر الواقع وإضعاف فكرة الدولة، أو الحلّ الشامل الذي يحتوي على مختلف الأطراف اليمنية. إذ إنّ الحوثيين في صنعاء يواصلون بوتيرة عالية ترسيخ سلطاتهم وفرض تغييرات جوهرية في بنية ومحتوى أجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتهم، على نحوٍ لا يشير إلى أنّ الجماعة تضع في الحسبان فكرة أنّ الحلّ قد يتطلب العودة إلى يمن يشارك فيه الجميع.
في عدن، لم يكن الحال أفضل. فبعد أن كانت التشكيلات المدعومة من الإمارات والتابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، تتمتع بقدر كبير من النفوذ في المدينة في سنوات سابقة، انتقلت خلال الأشهر الماضية إلى ما يشبه سلطة أمر واقع، على غرار الحوثيين في صنعاء، إثر سيطرتها الكاملة على العاصمة المؤقتة. ولا بدّ هنا من الأخذ بالاعتبار التحوّل الهام الذي فرضه "اتفاق الرياض"، لاحتواء الأزمة، الذي يفترض في حال تنفيذه، أن يعيد الأمور إلى نصابها في ما يتعلّق بالمناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية.
وغير بعيدٍ عن الوضع الضبابي في حالة اللاحرب واللاسلام، جهود الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث، تمحورت هي الأخرى حول الحفاظ على ما تحقق باتفاق استوكهولم المبرم في السويد في ديسمبر/ كانون الأول 2018 بين "أنصار الله" والشرعية، ليتحوّل هو الآخر إلى حجر عثرة أمام فكرة الوصول إلى حلّ شامل. إذ إنّ التعثّر بتنفيذ مقتضيات الاتفاق التي تجد قبولاً لدى الطرفين يحول دون التوجه نحو طاولة محادثات جديدة وشاملة.
ما يجب التنبيه إليه على أبواب عام 2020، أنّ اليمنيين أحوج ما يكونون إلى حلّ شامل، يسمح لمختلف المواطنين بالعودة لممارسة حياتهم الطبيعية بمختلف أنحاء البلاد. هذا الحلّ يتطلب تنازلات وخطوات عملية من مختلف الأطراف، لا التطبيع مع الوضع المختل الذي يطيل أمد المعاناة.