بينتو وأسطورة "فوتبول ليكس" أمام القضاء: مُجرم أم بطل؟

11 مارس 2019
روي بينتو سيمثل أمام القضاء (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -

هو العقل المُدبر لموقع "فوتبول ليكس" وهو المؤسس للموقع الأشهر على صعيد فضائح كرة القدم. في السنوات الأربع الماضية شهدت الساحة الكروية سلسلة من الأحداث التي كان وراءها هذ الرجل، العقل المُدبر هو البرتغالي روي بينتو قائد ثورة "فوتبول ليكس" التي غيرت الكثير في عالم هذه الرياضة. بينتو اليوم في قبضة الشرطة وسيُحاكم على ما وُصف بأنها جرائم إلكترونية، لكنْ ما بين ولادة الموقع والمحاكمة أسرار كثيرة وملفات مثيرة للجدل.

فضائح "موقع فوتبول ليكس"
بدأت القصة داخل منزل في مدينة بودابست المجرية مكان إقامة روي بينتو. قرر الرجل المولود في بورتو البرتغالية الانتقال إلى بودابست في عام 2015 بهدف متابعة دراسته الجامعية، لكن ما وصل إليه بعد ذلك جعله الرجل الأشهر في عالم فضائح كرة القدم.

أسس بينتو موقع "فوتبول ليكس" في عام 2016، وهو الرجل الذي عمل مع صحيفة "دير شبيغيل" الألمانية باسم مستعار، وساعده في بناء الموقع الضخم شبكة إعلامية تُعرف باسم المتعاونين الاستقصائيين الأوروبيين، ومن بينها "European Investigative collaborates" و"IIC Group". ووفقاً للمعلومات المُسربة في وسائل الإعلام فإن هذه الشبكة وفرت لبينتو حوالي 70 مليون وثيقة ونحو 3,4 تيرابايت من المعلومات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حصل بينتو على مراسلات خاصة لشخصيات نافذة في عالم كرة القدم.

وبدأ بينتو بنشر الوثائق السرية التي تداولتها الصحف الرياضية العالمية وأمست حديث المهتمين في عالم كرة القدم. البداية كانت من كشف وثائق تورط فريق توينتي الهولندي وشركة "دوين سبورتس" لوكلاء اللاعبين، حيثُ اتضح أنها تمتلك ملكية اللاعبين، وهو ما يُعرف في كرة القدم بالطرف الثالث والذي أصبح مُحرماً في قوانين "فيفا". وبعد ما كشفه موقع "فوتبول ليكس" في هذا المجال عوقب فريق توينتي من الاتحاد الهولندي وحرمه من المشاركة في البطولات الأوروبية لثلاث سنوات متتالية.

بعد ذلك وجه بينتو أنظاره إلى بلده الأم البرتغال وبدأ بنشر وثائق تسببت بأزمة لأندية كبيرة مثل بورتو وبنفيكا، حتى أعلن "يويفا" منذ فترة قصيرة عن معاقبة فريق بورتو وتغريمه 50 ألف فرانك سويسري، بسبب سماح النادي لشركة "دويت سبورتس" بالتأثير على صفقات انتقال بعض اللاعبين وسمح بالتالي لطرف ثالث بالتدخل في الصفقات.

لم يقتصر عمل بينتو على مهاجمة الأندية الكبيرة بل بدأ بتسريب وثائق ومعلومات تورط نجوما في كرة القدم مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو وجوزيه مورينيو وليونيل ميسي وغيرهم. وهي الفضائح التي أخذتها لجنة مكافحة غسل الأموال التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم على محمل الجد، وفتحت تحقيقات أسفرت عن إصدار عقوبات بحق النجوم ودفع غرامات مالية طائلة، وهو ما أشارت إليه الصحف الرياضية العالمية بالتفاصيل.

رفع بينتو مستوى التحدي في عام 2018، وسرب وثائق لتوجيه أصابع الاتهام نحو الاتحاد الدولي لكرة القدم هذه المرة والمُتمثل بجياني إنفانتينو، والذي اتهمه بصرف النظر عن قضايا تتعلق باللعب المالي النظيف لفريق مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان وصناعة "تسويات" كما ذكر موقع "فوتبول ليكس". وقبل أيام فتح الاتحاد الأوروبي تحقيقاً رسمياً مع مانشستر سيتي حول قضية خرق قانون "اللعب المالي النظيف" الذي كان موقع "فوتبول ليكس" أول من كشفه.

بينتو مُجرم أم بطل؟
في عام 2018، تداولت الصحف البرتغالية أخبارا تُشير إلى أن الشرطة تبحث عن بينتو للقبض عليه ووصفته بأنه عبقري في مجال الهاكنغ. وهو ما دفع ببينتو لنشر رد عبر موقع "فوتبول ليكس" أكد فيه أن الشرطة تُلاحقه وبدا سعيداً وتحدى الشرطة بأن تقبض عليه إن تمكنت من ذلك.

وبعد مرور أشهر ألقت الشرطة في بودابست القبض على بينتو وتحديداً يوم 16 يناير/كانون الثاني بطلب من الشرطة البرتغالية، ووجهت المحكمة المجرية تُهمة رسمية ضد بينتو مفادها: "الابتزاز وانتهاك سرية مؤسسات وأشخاص رياضيين والحصول على معلومات بصورة غير قانونية في البرتغال".

اليوم سيُحاكم بينتو على أنه مُجرم لأنه كشف الكثير من الخروقات غير القانونية في عالم كرة القدم، لكن الكثير من الجماهير لا تعتبره مُجرما، بل على العكس فهو الرجل الذي كشف الكثير من الأسرار من أجل هذه اللعبة وإبعاد الفساد عنها. وربما اليافطة التي رفعتها جماهير فريقي فولفسبورغ وفيردير بريمن "بينتو ليس مجرماً" تؤكد أن الجماهير سعيدة بالفضائح التي كشفها موقعه "فوتبول ليكس"، لأنه يكشف الخبايا المتعلقة بكرة القدم والتي لا يراها الجميع.

في المقابل هناك الكثير من المسؤولين النافذين في عالم كرة القدم والأندية المتضررة من وثائق "فوتبول ليكس" تتمنى رؤية روي بينتو وراء القضبان، لأنه تسبب بكشف الكثير من الأسرار خلال السنوات الأربع الأخيرة. في وقت سيُدافع عن قضية بينتو المحامي الفرنسي ويليام بودرون.

فبعد سنوات من كشف أسرار وفضائح تتعلق بالفساد في عالم كرة القدم، سيمثل بينتو أمام القضاء للمحاكمة على ما اعتبر جرائم إلكتروينة وتعديا على الخصوصية. وربما قضية بينتو ستفتح الباب أمام أفكار جديدة لخلق مواقع مُماثلة لـ"فوتبول ليكس" تكشف الفساد في كرة القدم.


سرب بينتو جزءاً من الوثائق التي يمتلكها وكشف عن أسرار لم يتوقع أحد أن تظهر إلى العلن بهذه الطريقة يوماً ما، وها هو خلف القضبات للمحاكمة اليوم لأنه قرر كشف فساد كرة القدم حول العالم. سيقف بينتو أمام الجميع ضحايا أم مذنبين، وستنتهي أسطورة "فوتبول ليكس" ربما في حال سجنه والأهم ما هو تصنيف بينتو حالياً: مُجرم أو بطل؟