مثل الروايات الكبيرة، لا يتوقف فيها الإبداع عند أول عدد، وكأي مسلسل يلاقي المعجبين ويكثر متتبعوه، تضاف الأجزاء الواحدة تلو الأخرى، فتذاع الحلقات يوما بعد يوم، حتى يشبع شغف المتتبعين، ولا يدخل الأبطال المخلدون فيه طي النسيان، ويترقب المشاهدون موجة جديدة، هكذا يبدو مسلسل رياض محرز، الذي ما أن يُنسى حتى تُفتح فصول جديدة منه، ويعود الإبداع إلى "السيناريست"، وتبدأ الإثارة والتشويق من جديد.
حلقة شهر مارس/آذار لهذا العام، أطل فيها علينا "هاكر" أو قرصان إلكتروني إن صح التعبير، فأفزع العالم الكروي، وقسم قلوب محبي رياض محرز، في ليلة كانت الأطول عندهم، إذ لم يفهم أحد ما الذي حدث، وكيف لسرّ مثل هذا أن يبقى حبيس الشفاه بين عائلة اللاعب ومقربيه، ولا يتسرب لمسامع العشاق، كما يحدث مع كل اللاعبين، وبين تشكيك طبيعي وثقة عمياء بالعلامة الزرقاء لصفحة رياض الرسمية، ظل التشويق يعصر القلوب، حتى جاء النفي من خلال إدارة النادي، والتي قطعت حبال كذب القرصان، وضربت بالشامتين من أعداء نجاح اللاعب عرض الحائط، وزفّت الخبر السعيد أن رياض باق، ينثر السعادة في الملاعب كل أسبوع.
الحلقة الأهم لم تكن التي ذكرت سابقا، بل التي أطل فيها مدرب الفريق الفرنسي كلود بويل، حاملا مشعل البطولة، مزاحما رياض على قلوب جماهير ليستر، حيث صرح أنه البطل المغوار، الذي منع رياض من الانتقال إلى نادي مانشستر سيتي، وأنه الذي أنقذ الفريق من الغرق، حيث كان صريحا وواضحا ومباشرا، حين علق بخصوص مستوى الفريق في مباراة إيفرتون التي غاب عنها محرز، فتصورت الحقيقة أمامه كاملة، أن الفريق الذي يدربه ليس إلا "رياض محرز" و"بضع خشبات"، لذلك كان عليه أن يكون "سوبرمان"، ويمنع البطل الحقيقي من الهروب.
نعم، نجح بويل في تقمص دور البطل في أعين جماهير ليستر سيتي، هو كذلك بالنسبة للجمهور الجزائري، فرغم أن منع محرز من الرحيل شكل صدمة كبيرة للجمهور الرياضي الجزائري، غير أن إدارة نادي ليستر سيتي كانت محقة في رأيها، كون قيمة محرز أكبر بكثير من أن تكون بضعة جنيهات إسترلينية، ومفاوضات ماراثونية، وراتب أقل مما يناله العديد من المدافعين أو لاعبي الارتكاز، فما بالك بلاعب يمكنه قلب موازين المباريات.
المتابع لمباراة باريس سان جيرمان وريال مدريد، أو كذلك مباريات مانشستر يونايتد، يتأكد أن سعر رياض لا بد أن يكون أكبر من بعض اللاعبين، فهناك من اللاعبين من صنفوا في خانة النجوم، وصرفت من أجلهم الأموال ببذخ كبير، إلا أن البدر يفتقد في كل مرة في الليلة الظلماء.
ومع اقتراب الميركاتو، فإن مسلسل رياض محرز سيعرف حلقات جديدة، وأجزاء أحدث، وتطورات مذهلة، وحبكة مدهشة للمتابعين، لكن نخاف أن يكون سيناريو بنهاية تعيسة، فوقتها نكون قد شبعنا بما يشبه "دراما رمضان"، ونحتاج لجرعة من الفرح.