بولندا: تأسيس حزب بزعامة "سياسي مثلي" يثير الجدل

05 فبراير 2019
يناصر حرية الإجهاض حتى 12 أسبوعاً من الحمل(عمر ماركس/Getty)
+ الخط -

أثار تأسيس حزب سياسي بولندي جديد، الأحد الماضي، الجدل في البلاد، والاهتمام في بروكسل، بسبب وعوده بـ"تغيير نهج علاقة بولندا المتشنجة مع أوروبا"، فضلاً عن ترؤسه من قبل روبرت بيدرون، البالغ من العمر 42 عاماً، وهو مثلي الجنس، في بلد (38 مليون نسمة) تسيطر فيه التوجهات الدينية المحافظة، وتنمو فيه حركات قومية وشعبوية متشددة، مع فرز سياسي ومجتمعي واضح، وتوترات متتالية مع الاتحاد الأوروبي. 

وأطلق بيدرون، وهو رئيس بلدية سابق بين 2011 و2018 في سلوبسك، أقصى شمالي بولندا، على حزبه اسم "Wiosna"، أي "الربيع".

ويعد هذا الحزب، الذي يتطلب نجاحه الحصول على 5 في المائة من أصوات الناخبين، بزيادة الدعم المقدم للأسر عن كل طفل بنحو 500 زلوتي شهرياً، و1600 كراتب أساسي لكل مواطن، وحرية الإجهاض حتى 12 أسبوعاً من الحمل. 

ويمضي الحزب الجديد (الربيع) في تعهداته بجعل بولندا "خالية من استخدام مناجم الفحم تدريجياً حتى 2035".

ويعتبر بيدرون مثيراً للجدل، بسبب اعتبار نفسه "مكافحاً من أجل حقوق المثليين والأقليات"، وسط حالة من الغليان في الشارع مع تقدم كتلة كاثوليكية يمينية متطرفة تُعرف باسم "شباب كل بولندا"، إلى جانب قوى متشددة أخرى، مثل "المعسكر الوطني الراديكالي" و"الحركة القومية Ruch Narodowy"، إلى جانب معارضة في الشارع الكاثوليكي لحق الإجهاض. 

وفوق هذا يعتبر بيدرون نفسه منذ الآن مرشحاً لرئاسة الدولة في انتخابات ستشهدها بولندا في 2020. 

ويبرر ترشحه للرئاسة بأنه "خلال 12 سنة قام حزبان كبيران بالعمل على تقسيم بلدنا إلى معسكرين متخاصمين، وحين ينشغل الساسة في الصراع للحصول على قطعتهم الخاصة من الكعكة بدل الحفاظ ورعاية المصالح العامة، فإن الدولة يجري تحنيطها. ورغم أننا نحن من نختار السياسيين، إلا أنهم حين يصلون نفقد السيطرة عليهم".

ويعاني المجتمع البولندي من تشنج في العلاقات الداخلية واتهامات أوروبية لليمين الحاكم بـ"التراجع عن الالتزام بمعايير وقيم الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً فيما يتعلق بالهجرة وحرية الإعلام، وفصل السلطات، والتحريض على المعارضة والأجانب، وسط أجواء مشحونة ومهددة لأوروبا".

ويرى خبراء في الشأن البولندي، وشرقي أوروبا عموماً، في اتساع الاصطفاف الحاصل كأحد أسباب العنف السياسي، الذي أودى منتصف الشهر الماضي برئيس بلدية غدانسك (شمال) الليبرالي بافل أداموفيتش. 

ووصل الشحن الداخلي حد تخوين أداموفيتش وغيره من السياسيين في "حملات دعائية تحريضية" يقودها الحزب الحاكم "القانون والعدل"، الذي يتحالف مع اليمين المتطرف. كما يصف ساسة محليون وأوروبيون، ومن بينهم الرئيس الأسبق ليخ فاليسا، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، والذي ترأس الحكومة في وارسو حتى عام 2014 عن "منبر المواطنين"، أثناء مشاركتهم في تشييع أداموفيتش.

مؤسس حزب "الربيع" روبرت بيدرون لم يكن أقل حدة باتهام مباشر لساسة بلده بالفساد، حين قال للصحافة المحلية إنه "من غير المفهوم كيف يمكن أن يصبح عضو واحد في البرلمان، ياروسلاف كازينسكي، مالكاً لشركة بناء ناطحات سحاب​ قيمتها بالمليارات، ولا نعرف كم هو راتب مساعد مدير البنك الوطني، فالساسة يعاملون بولندا كماكينات (آلات) سحب نقود، ولم يتغيروا منذ استقلالنا قبل 30 سنة (1989 بانهيار النظام الشيوعي)".

وذكر أن بيدرون كان عضواً في التحالف اليساري الديمقراطي (إس.إل.دي). 

 

وتعطي الاستطلاعات، التي قام بها "معهد الشؤون العامة"، الحزب الجديد أكثر من 6 في المائة من الأصوات، فيما أظهرت تراجعاً للحزب الحاكم، من 35 في المائة إلى 30 في المائة في الانتخابات المحلية. 

وتظهر استطلاعات الرأي المتعلقة بانتخابات البرلمان الأوروبي، والتي نشرت أمس الاثنين، قبيل ثلاثة أشهر من انطلاقها، أن حظوظ الحزب الجديد تبدو جيدة بحصوله على 6،4 في المائة من أصوات المستطلعين، متجاوزاً بذلك "تحالف اليسار الديمقراطي" الذي لم يحصل سوى على 6،1 في المائة. 

وحصل حزب "القانون والعدل" الحاكم على نحو 36 في المائة، ويخصص لبولندا 52 مقعداً في البرلمان الأوروبي، وستكون هي المرة الرابعة التي يشارك فيها البولنديون منذ 2004 في مثل هذه الانتخابات. 

دلالات
المساهمون