في ظل ارتفاع درجات الحرارة وموجات الرطوبة العالية وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وبالتالي غياب وسائل التبريد، يلجأ أهالي غزة الى شاطئ البحر للاستجمام والتنزّه.
وينتشر على طول الشاطئ العديد من المنتجعات السياحية ومحلات "الكوفي شوب" التي تعاني بمعظمها من غياب الزبائن الدائمين بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، بالإضافة إلى مجّانية الشواطئ. لكنها تمتلئ، شأنها شأن باقي الأماكن في القطاع، بالباعة الجوّالين، الذين يبيعون المشروبات والسجائر والعجلات المائية، ويشكلّ رواد البحر مصدر رزقهم.
وبعد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية 2006، وضعت "إسرائيل" قيوداً صارمة على الحركة البحرية الفلسطينية وحركة الصيد، فقد قلّ منسوب الصيد حتى وصل أدنى مستوياته، الأمر الذي جعل مسألة استيراد الأسماك من الخارج أمراً مألوفاً.
فعلى الرغم من أن اتفاقية أوسلو "منحت" السلطة الفلسطينية السيادة على 20 ميلا بحريا، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ضرب بالاتفاقيات عرض الحائط وحدد للصيادين الفلسطينيين مسافة 3 أميال، ترتفع إلى 6 أو تقل حتى ميلٍ واحد.
حصر الصيد في مدى لا يتعدى الأميال الثلاثة كان سبباً كافياً لأن يتحول الصيادون وأسرهم للعيش بمستوى الكفاف، فالأسماك التي تشكل مصدر دخلهم وتسمح لهم بالعيش موجودة ما بعد الميل الثاني عشر بالحد الأدنى- كما يقولون.
جرائم صهيونية عديدة كان البحر شاهداً على حدوثها، فإذا كان للبحر ذاكرة باتساعه كما يقولون، فإنه يستذكر كيف أن البوارج الحربية الإسرائيلية التي تحاصر القطاع بحرياً قامت بإلقاء ثماني قذائف في المجزرة الدموية التي استهدفت عائلة غالية عام 2006 وراح ضحيتها سبعة منهم، كانوا مجرد عائلة خرجت لتستجم على شاطئ بحر بيت لاهيا.
وهو يستذكر الجريمة التي حدثت لأطفال عائلة بكر الأربعة الذين راحوا ضحية استهداف مباشر أظهرته كاميرات الصحافيين في العدوان الأخير على غزة.
وتلك الجريمة الحقيرة التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "عملية نسيم البحر" في عرض البحر، على ظهر سفينة كسر الحصار التركية "مرمرة" وراح ضحيتها تسعة من الأتراك، وكانت وزارة الأشغال قد دشنت نصباً تذكارياً في ميناء غزة تكريماً لهم وتخليداً لذكراهم.