وبوتين، الذي اتّهم في البداية مرتكبي الجريمة بمحاولة تشويه سمعة الكرملين، وعد في رسالة بعث بها إلى والدة نيمتسوف؛ ببذل كل الجهود اللازمة "لينال مخططو ومنفذو هذه الجريمة البشعة العقاب الذي يستحقونه".
واعتبر أن "مقتل المعارض الشهير خسارة لا تعوض"، مشيراً إلى أنّه "ترك بصماته على تاريخ روسيا، في الحياة السياسية والعامة".
وأضاف أن نيمتسوف، الذي عمل نائباً لرئيس الوزراء تحت رئاسة بوريس يلتسن إبان التسعينيات، "تولى مناصب مهمة خلال فترة انتقالية صعبة لبلادنا". ولفت إلى أنه "عبّر دائماً عن مواقفه بكل صراحة ونزاهة، ودافع عن وجهة نظره".
وقتل المعارض الروسي على الجسر الكبير المحاذي للكرملين. وبعد ساعات على الاغتيال توجّه الكثيرون إلى المكان لوضع الزهور.
وأعلنت لجنة التحقيق الروسية، أنه "لا شك في أن هذه الجريمة تم التخطيط لها بدقة تماماً مثل المكان الذي تم اختياره للقتل". وأضافت أن "السلاح الذي استخدم على ما يبدو هو مسدس من نوع ماكاروف"، الذي تستخدمه قوات الأمن والجيش ومنتشر بشكل كبير.
وأشارت اللجنة، إلى أن "الجريمة نتاج عمل شخص مسلّح واحد أو أكثر، وقد أطلق على نيمتسوف سبع أو ثماني رصاصات".
وأضافت أن "نيمتسوف كان متوجهاً مع رفيقته إلى شقته الواقعة في مكان غير بعيد ومن المؤكد أن مرتكبي الجريمة كانوا على علم بمساره".
ونقل التلفزيون الرسمي، في وقت لاحق، أن المرأة التي كانت برفقته هي عارضة الأزياء الأوكرانية، آنا دوريتسكايا (23 عاماً).
من جهته، أشاد رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، بنيمتسوف، وقال إنه "شخص يتحلى بالمبادئ ... عمل علناً وبثبات ولم يتراجع عن آرائه".
وسمحت السلطات الروسية في موسكو للمعارضة بتنظيم مسيرة، غداً الأحد، في وسط العاصمة في ذكرى نيمتسوف، وستمر على الجسر الكبير حيث ارتكبت الجريمة.
وجريمة اغتيال نيمتسوف واحدة من أكبر عمليات القتل خلال 15 عاماً، من سلطة بوتين وتذكر بقتل الصحافية المعارضة للكرملين آنا بوليتكوفسكايا، بالرصاص في أكتوبر/تشرين الأول العام 2006.
في وقت سابق، قال بوتين ومسؤولون آخرون إن "الهدف من الاغتيال هو تشويه سمعة السلطات". ونقل ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين عن بوتين قوله إن "هذا الاغتيال الوحشي يحمل بصمات عملية قتل مأجورة وكل سمات العمل الاستفزازي".
وقال بيسكوف، لإذاعة "كوميرسانت"، إن الجريمة "قد تظهر بشكل كبير على أنها عمل استفزازي على اعتبار أن بوريس نيمتسوف معروف بمعارضته للقيادة الروسية".
ومن جهته، اعتبر الرئيس السوفييتي السابق، ميخائيل غورباتشيف، أن الهدف وراء الاغتيال هو "زعزعة الوضع في البلاد في وقت تشتد فيه المواجهة" مع الغرب.
كذلك؛ أوضحت لجنة التحقيق أنها تبحث في إمكانية أن يكون الهدف من الاغتيال هو "الاستفزاز لزعزعة الوضع السياسي في البلاد".
وأشارت إلى أنه "قد يكون تمت التضحية بالمعارض الشهير من قبل هؤلاء الذين لا يعارضون استخدام طريقة مماثلة من أجل تحقيق أهدافهم السياسية".
وكان نيمتسوف قد تلقى تهديدات إثر دعمه لمجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، التي أعادت نشر الصور المسيئة للنبي محمد، وفقاً للجنة التحقيق.
وهناك أيضاً فرضية العلاقة بين عملية الاغتيال والنزاع في أوكرانيا، لأن المعارض دعا علناً الروس للاحتجاج على "العدوان الروسي في أوكرانيا".
وقبل ثلاث ساعات من مقتله، دعا نيمتسوف مواطنيه إلى تظاهرة في موسكو. وقال في لقاء إذاعي إن "المطلب السياسي الأول هو الوقف الفوري للحرب في أوكرانيا"، مضيفاً أن على بوتين الاستقالة.
اغتيال نيمتسوف "وحشي"
وفي واشنطن، أدان الرئيس الأميركي باراك أوباما اغتيال نيمتسوف "الوحشي" و"الآثم"، ودعا إلى "تحقيق سريع وموضوعي وشفاف" في الحادث.
وفي كييف، قال الرئيس الأوكراني، بترو بوروشنكو، إن نيمتسوف "كان جسراً بين روسيا وأوكرانيا وهذا الجسر دمره رصاص قاتل. أعتقد أن الأمر ليس صدفة".
كذلك؛ أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عن "سخطها لجريمة القتل الوحشية"، ودعت السلطات إلى فتح تحقيق "شامل وسريع وشفاف".
وعبرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل عن "استيائها" من "جريمة قتل جبانة". ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "الاغتيال الدنيء" لنيمتسوف "المدافع الشجاع بلا كلل عن الديمقراطية".
وبرز نيمتسوف خلال التظاهرات، التي هزّت موسكو شتاء 2011 و2012. وكتب أليكسي فينيديكتوف، رئيس تحرير إذاعة "صدى موسكو" أن نيمتسوف، الذي ترك خلفه أربعة أولاد ووالدة عجوزاً، كان يعلم بمخاطر انتقاد بوتين بالعلن. ونقل عنه قوله "لن أغادر روسيا، من سيحارب وقتها؟".
اقرأ أيضاً: أوكرانيا... مسرح "مرتزقة" لتصفية الحسابات