بوتين وسورية

02 أكتوبر 2015

بوتين يلقي خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة(28 سبتمبر/2015/Getty)

+ الخط -
بزّ فلاديمير بوتين حليفه، حسن روحاني، في تشويه الحقيقة، الذي يسمى عادة "الكذب"، فماذا فعل ليستحق هذا الامتياز؟ زعم أنه لم يرسل قوات روسية إلى سورية "إلى الآن"، وأن جيش الأسد وحده الذي يحارب "داعش"، لذلك، يجب إمداده بدعم دولي جامع، بالنظر إلى أن الإحجام عن دعمه "خطأ كبير"، حسب قوله.
إذا كان الكذاب لا يحترم الحقيقة، فلماذا يحترم سامعيه؟ ليست المعارضة السورية، أو أميركا، هما اللتان أعلنتا عن وجود القوات الروسية في سورية. من فعل ذلك جنرالات الجيش الروسي وقادته الكبار، الذين يستحيل أن لا يكونوا قد أعلموا بوتين بأنهم نفذوا قراره بإرسال قطعات عسكرية روسية إلى سورية، إلا إذا كانوا هم من قرر ذلك، سراً ومن وراء ظهره، ليشرشحوه أمام الأمم المتحدة ويفضحوه كذاباً لا يحترم نفسه وغيره. وهذا احتمال لا بد من نفيه، بما أن بوتين نفسه قال، في مناورة عسكرية نفذها جيشه: "أرسلنا قطعات من جيشنا إلى سورية، لإنقاذ الأسد". لا أريد أن أكون متجنياً، لكن هذا المستوى من الانحطاط لم يسبق أن بلغه أي رئيس في أية دولة مارقة، وفي أي زمنٍ من أزمنة الكذب. إذا كان الكذب أصنافاً، فإن الصنف البوتيني أكثرها وقاحة وتبجحاً. أقول هذا لأن أحداً غيره ما كان ليكذب أمام محفل دولي، رأى معظم من حضروا إليه عشرات الطائرات الروسية جاثيةً على مدرجات مطارات سورية، وأخبرت وكالات الأنباء عن انتشار عسكره في مدن الساحل السوري بكثافة لافتة، بينما أعلن جنرال روسي، عقب زيارة نتنياهو بوتين، أنه اتفق على التنسيق بين عسكر إسرائيل وعسكر روسيا المرابط في سورية، وأن لقاءات دورية ستعقد بين نائبي قائدي الجيشين، للإشراف على تدابير، من شأنها منع وقوع صدام بينهما.
على من يكذب بوتين أيضاً، عندما يزعم أن جيش الأسد هو الوحيد الذي يقاتل "داعش" والإرهاب؟ هل يعتبر بوتين تسليم مطار الرقة ومدينة تدمر، بما فيهما من سلاح وذخيرة وتجهيزات لصناعة أسلحة كيماوية، قتالاً ضد "داعش"؟ وهل يرى في التخلي عن آلاف الجنود والضباط، وتركهم لموت محتوم قتالاً ضد الإرهاب؟ عندما تعلق الأمر بآبار نفط وغاز، أمر الأسد جيشه بالقتال، وأمده بالطعام والسلاح، لكنه فعل العكس، عندما كان هدفه إرسال إنذارات إلى العالم، تخبره أن لديه سلاحاً سرّياً، إذا ما استخدمه دمر أمن الكون وسلامه، هو تسليم سورية لـ"داعش"، لتقيم فيها دولتها، وتجعل العالم يدفع ثمناً فادحاً، في حال قرّرت دوله، وأميركا منها بالذات، إسقاطه أو إزاحته عن الحكم. أخيراً: ألم يسمع بوتين بالمعارك الضارية التي تدور يومياً، منذ قرابة عام ونصف العام، بين الجيش الحر وفصائل إسلامية من جهة و"داعش" من جهة أخرى؟ ألا يعرف أن هذه المعارك هي التي قلصت وجود الإرهاب في بلادنا، بينما نشرتها حرب الأسد على نصف مساحة سورية، وسلمتها مطارات وتجهيزات كيميائية حساسة وطائرات ومدافع ودبابات؟ إذا كانت حرب الثورة ضد "داعش" عشرة أضعاف حرب النظام عليها، لماذا لم يقترح بوتين التحالف مع الجيش الحر، وأرسل جيشه إلى سورية لمقاتلته؟ أليس هذا دليلاً آخر على كذبه ورغبته في محاربة الجيش الحر، لأنه هو الذي يجب إنقاذ الأسد منه؟
سيد بوتين: قلت بصراحة إنك أرسلت جيشك إلى سورية لإنقاذ الأسد. أود أن أخبرك، كمواطن سوري، أن أحداً لن ينقذك من سورية، والأيام بيننا.
E4AA2ECF-ADA6-4461-AF81-5FD68ED274E9
ميشيل كيلو

كاتب سوري، مواليد 1940، ترأس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، تعرض للاعتقال مرات، ترجم كتباً في الفكر السياسي، عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض.