أفضت الجهود والوساطات التي يجريها الرئيس العراقي فؤاد معصوم لتأجيل الاستفتاء، إلى نتائج سريعة بعد أن استطاع إقناع رئيس الإقليم مسعود البارزاني بالقبول بالحوار، وسط ضغوطات ورفض دولي لإجراء الاستفتاء.
واجتمع الزعيمان في السليمانية، ظهر اليوم الأربعاء، وبحثا بوادر الأزمة والحلول المطروحة لها.
وقالت رئاسة الجمهورية، في بيان صحافي، إنّ "معصوم اجتمع في السليمانية، ظهر اليوم، مع رئيس الإقليم مسعود البارزاني، وجرى خلال الاجتماع الذي حضره نائب رئيس الإقليم كوسرت رسول، وعدد من قيادات الأحزاب الكردستانية، تبادل وجهات النظر حول آخر مستجدات الوضع السياسي، لا سيما موضوع استفتاء الإقليم".
وأضافت أنّ "معصوم سلط الضوء على مضمون مبادرته والجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي لحل القضايا العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم"، مؤكدا أنّه "تمّ التأكيد على ضرورة تضافر الجهود والاحتكام إلى الحوار البناء لحل مسائل الخلاف".
وأكدت أنّ "المجتمعين اتفقوا على إرسال وفد رفيع المستوى إلى بغداد خلال اليومين القادمين".
وتدخل معصوم ليقود مفاوضات اللحظات الأخيرة، محاولا حل الأزمة بطريق الحوار.
ووصل البارزاني، ظهر اليوم، إلى السليمانية، وسط إجراءات أمنية مشددة، بعد أن بدأت مظاهر الاحتجاج من قبل عشرات المعترضين على سياسة البارزاني.
وقال مسؤول كردي، في وقت سابق اليوم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الرئيس معصوم يقود الوساطات لإقناع البارزاني بالتنازل عن الاستفتاء وتأجيله"، مبينا أنّ "معصوم رافض بالأساس للاستفتاء، وهو من أشد المعترضين عليه، لكنّه لا يظهر موقفه للعلن".
وأشار إلى أنّ "معصوم عرض على البارزاني القبول بتأجيل الاستفتاء وعدم التمسك بموقف أحادي معارض لكل التوجهات"، مبينا أنّ "معصوم حذّر البارزاني من مغبة عدم التراجع، خصوصا أنّ الموقف داخل الإقليم منقسم، ومواقف الحكومة العراقية والمواقف الإقليمية والدولية كلها رافضة، ولذلك عواقب وخيمة على مستقبل كردستان والشعب الكردي".
وأضاف أنّ "معصوم أكد أنّ الموقف بدا صعبا للغاية، وأنّ الإقليم لا يستطيع الوقوف وحده بوجه كل الجهات الرافضة للاستفتاء، ولا يمكن أنّ يتحمل مسؤولية ذلك والنتائج التي قد تترتب عليه"، مضيفا أنّ "معصوم أكد أن الأمر قد يتطور إلى مواجهة عسكرية قد تدخل البلاد بدوامة عنف خطيرة غير محسوبة النتائج".
وأكد أنّ "معصوم واجه البارزاني بكل السلبيات والمخاطر التي قد يجرها الاستفتاء على الإقليم وما قد يترتب عليها من أزمات، محملا البارزاني المسؤولية في حال إصراره على إجراء الاستفتاء". وأشار إلى أنّ "معصوم عرض تأجيل الاستفتاء وإجراء حوار مع بغداد برعاية معصوم، والسعي لحل الأزمات بين الطرفين".
وقال المسؤول الكردي إن "البارزاني بدا محرجاً جداً من الموقف، ويحاول معالجته بطريقة لا يخسر فيها شيئا، خصوصا أنّه عارض الأحزاب الكردية وتبنى الموقف وحده"، مرجحاً أن "يتراجع البارزاني عن موقفه ويؤجل الاستفتاء إلى وقت آخر".
وما إن اشتدت الضغوط على الكرد بشأن التراجع عن الاستفتاء، وبدا الإقليم منفرداً بموقفه، حتى ضرب الانقسام الأحزاب الكردية التي طلبت علنا التراجع عن موعد الاستفتاء في موقف اشتدت وطأته على البارزاني ليتعقد المشهد داخل الإقليم.
وفي بيان صحافي مشترك، دعت حركتا التغيير والجماعة الإسلامية الكرديتان، إلى القبول بالمبادرة الدولية وتأجيل الاستفتاء، وجاء في البيان أنّ "الاستفتاء الشعبي حق طبيعي ووسيلة ديمقراطية لجميع الشعوب، لكن إجراء الاستفتاء في الظرف الراهن سينعكس سلباً على الإقليم وعلى المكتسبات التي حققت بالنضال وبدماء آلاف الشهداء والمواطنين على مدى مئة سنة".
وأكد الحزبان الكرديان ترحيبهما بـ"المبادرة التي عرضتها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة على القيادة الكردية لتأجيل الاستفتاء"، محذرين من وقوع اشتباكات ومواجهات عسكرية عنيفة بين البشمركة والقوات العراقية في المناطق المتنازع عليها في حال إدراج تلك المناطق، وخاصة كركوك وأخواتها، في الاستفتاء.
ودعا البيان إلى "أخذ المبادرة الدولية لحل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل".
ولم يقف الموقف الرافض للاستفتاء عند حدود بغداد، إذ حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إقليم كردستان العراق من خسارة كبيرة في حال إصراره على إجراء الاستفتاء، داعيا إلى التخلي عن الاستفتاء وتجنب الخطوات التي من شأنها أن تؤدي إلى نشوب أزمات جديدة وصراعات في المنطقة.