بوادر أزمة بالأردن مع توجه الحكومة لزيادة الضرائب

10 سبتمبر 2017
الأردنيون يشكون من تراجع القدرات الشرائية (Getty)
+ الخط -
تلوح في الأفق في الأردن بوادر أزمة، أطرافها الحكومة من جهة وبرلمانيون ونقابيون من جهة أخرى، بسبب عزم حكومة هاني الملقي رفع ضريبة الدخل على الأفراد ومختلف القطاعات، بنسبة لم تشهدها البلاد من قبل.
ويشدد الرافضون لزيادة الضرائب على أن المواطنين يواجهون صعوبات معيشية بالأساس، في ظل ثبات الدخول وموجات الغلاء، بينما تؤكد الحكومة مواجهة البلاد ضغوطاً مالية وزيادة في عجز الموازنة العامة.
وقد أصدر نقابيون وبرلمانيون بيانات، خلال الأيام القليلة الماضية، للتعبير عن رفض سياسات الجباية الحكومية، كما وصفتها مختلف الجهات، مطالبين بالبحث عن بدائل أخرى لتغطية عجز الموازنة وسداد المديونية.
وحذّرت تلك الجهات، الحكومة، من جر البلاد إلى أزمة اقتصادية من خلال الدخول في حالة ركود، ذلك أن زيادة الضرائب تؤدي إلى الانكماش وتراجع معدلات النمو وعزوف الاستثمارات وزيادة معدلات الفقر والبطالة وتقليص الطبقة الوسطى.
وقال مسؤول حكومي لـ "العربي الجديد" إنه "بات في حكم المؤكد إصدار قانون جديد للضريبة، بهدف رفع ضريبة الدخل على مختلف الشرائح، خاصة الأفراد، وذلك لزيادة الإيرادات الضريبية التي تشكل حوالي 70% من إجمالي العائدات المحلية المتحققة للخزينة سنوياً".
وبموجب قانون الضريبة الذي تم إقراره عام 2014، يُعفى أول 17 ألف دولار من دخل الأفراد، وأول 34 ألف دولار من دخل العائلات، و6 آلاف دولار إضافية بموجب بعض الحالات.
ويخضع القطاع الصناعي للضريبة بنسبة 14%، وشركات الكهرباء والاتصالات والتأجير التمويلي والوساطة المالية بنسبة 24 %، والبنوك بـ35%، كما يسدد الأشخاص الاعتباريون الأخرون 20%.
وكشفت رسالة النوايا التي وجهتها الحكومة إلى صندوق النقد الدولي، في يونيو/حزيران الماضي، البدء بوضع مشروع جديد لقانون ضريبة الدخل.
وتعهدت الحكومة في الرسالة، وفق ذات المسؤول الحكومي، بتخفيض سقف إعفاءات ضريبة الدخل للأفراد إلى 8.5 آلاف دولار بدلا من 17 ألف دولار، و17 ألف دولار للعائلة بدلا من 34 ألف دولار، مشيرة إلى التزامها بإحالة قانون الضريبة الجديد إلى البرلمان الأردني، مع نهاية سبتمبر/أيلول الجاري.
وقال عاطف الطراونة، رئيس مجلس النواب، إن "المجلس لم يتسلم بعد مشروع قانون ضريبة الدخل التي يجري الحديث عنها، وإن النواب لن يقبلوا بأي قانون يضر بالمواطنين ويرتب عليهم أعباء مالية إضافية".
وأعلنت غرفة صناعة عمّان رفضها أي رفع لنسبة الضريبة على القطاع الصناعي أو المواطنين، خصوصا في ظل ما يشهده الاقتصاد الوطني من تراجع وتباطؤ في غالبية مؤشراته الكلية، وأبرزها نسب النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشارت الغرفة، في بيان لها حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى أن مثل هذه القوانين تؤدي إلى هروب المستثمرين ودفع الكفاءات كذلك إلى الهجرة خارج الوطن، لافتة إلى أن مقترح القانون الجديد والمتعلق بالضريبة المقطوعة على العقارات يتنافى مع مبادئ الضريبة، حيث إنها بذلك تتحول من ضريبة دخل إلى ضريبة مبيعات.
وقال محمود أبو غنيمة، رئيس مجلس النقابات المهنية، لـ "العربي الجديد"، إن مجلس النقباء أجمع على رفض تعديلات قانون ضريبة الدخل المقترح، مشيرا إلى أن النقابات المهنية ستذهب في حال أصرت الحكومة على تعديل قانون الضريبة إلى إجراءات تصعيدية مناهضة للتعديلات.
وبحسب علي السنيد، الناشط السياسي، فإن "علاقة الأردني أضحت تتمثل في دفع الضرائب والرسوم ورفع الأسعار، حيث يدفع من جيبه على أي علاقة تربطه بالدولة، وكل معاملة له في الدوائر الرسمية تخضع للرسوم بدءاً من شهادة الميلاد وحتى ثمن القبر المدفوع للبلدية".
وحذّر من "مد الحكومة يدها إلى الرواتب البسيطة، والتي تعيل أسرا تشكو أصلا من ضائقة العيش، والعجز عن الوفاء بمتطلبات أبنائها".
واتخذت الحكومة، بداية العام الحالي، إجراءات هدفت إلى زيادة الإيرادات، تمثلت في زيادة الضرائب على عدد كبير من السلع والخدمات، وفرض رسوم إضافية على المشتقات النفطية الأساسية، خاصة البنزين والسولار والجاز.
وقال النائب محمد الرياطي إن "الحكومة تأخذ المال من الشعب من دون رضاه، حتى إنها باتت تربح من السلع والخدمات أكثر من إجمالي كلفتها"، داعيا الأردنيين إلى ممارسة ضغوط على ممثليهم في مجلس النواب من أجل إثناء الحكومة عن المضي في قانون زيادة الضرائب.
كان مسؤول حكومي قال لـ "العربي الجديد"، مطع سبتمبر/أيلول الجاري، إن الدولة تخطط لزيادة الإيرادات عبر الضرائب الجديدة بنحو 650 مليون دولار سنوياً.
وقال النائب عيسى الخشاشنة إن "مجلس النواب لن يمرر أي قانون يمس بحياة المواطن الأردني وزيادة الأعباء الاقتصادية عليه"، مضيفا أن "الظروف المعيشية لا تسمح بتحميل المواطنين أي أعباء جديدة من خلال رفع الرسوم والضرائب، وإلا سيكون لذلك كلفة باهظة، وسيؤدي إلى خلخلة الاستقرار المجتمعي".
وتقدر نسبة الفقر في الأردن بنسبة 14.4%، وفقاً لآخر دراسات حكومية أجريت عام 2010، بينما لم تكشف الحكومة عن أرقام الفقر الجديدة وفقا لمسوح أجرتها العام الماضي 2016. لكن مختصين يرون أن النسبة قد ارتفعت كثيرا خلال السنوات الست الأخيرة، بسبب ارتفاع الأسعار وثبات الأجور.
وبحسب النائب محمد ضيف الله الفلاحات: "يكفي ما تقوم به الحكومة من جباية من جيوب ذوي الدخل المحدود"، مشيرا إلى ضرورة عدم تمرير أي زيادات في الضرائب.
لكن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، قال إنه ستتم مراعاة الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل بالنسبة لملف الضرائب من دون الخوض في آليات تطبيق ذلك.
وبحسب مسؤول حكومي، فإن 97% من الأردنيين غير خاضعين لضريبة الدخل حاليا، وإن 3% فقط هم الذين يدفعونها، مشيرا إلى أن هنالك مطالبات من الجهات الدولية مثل صندوق النقد بتوسيع شريحة دافعي الضرائب.
ولفت المسؤول، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، إلى أن بعثة من صندوق النقد الدولي ستزور الأردن هذا الشهر، لمراجعة أداء الاقتصاد الأردني ومتابعة ما تم بحثه، حتى الآن، بشأن تعديل قانون الضريبة الجديد.
وتبرر الحكومة اتجاهها لزيادة الضرائب بارتفاع عجز الميزانية قبل المنح الخارجية، بنسبة 19.1%، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مسجلا 674 مليون دينار (950.6 مليون دولار)، مقابل 565.5 مليون دينار.
المساهمون