حل ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، محمد بن زايد آل نهيان، أمس الثلاثاء، ضيفاً على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في زيارة لم يعلن عنها الطرفان إلا قبل ساعات من إتمامها، ووصفتها مصادر مصرية مطلعة بأنها لم تكن مجدولة على قائمة مواعيد السيسي للشهر الحالي. كما صدرت التعليمات لاستعداد مطار القاهرة لاستقبال بن زايد صباح أمس فقط، ما أشار إلى الطبيعة الاستثنائية للزيارة، التي تعد التاسعة التي يجريها بن زايد للسيسي في القاهرة منذ تولي الأخير الرئاسة في يونيو/حزيران 2014.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن هناك ثلاثة ملفات رئيسية تطلّبت حضور بن زايد إلى القاهرة لمناقشتها مع السيسي شخصياً، أولها مستجدات الأوضاع في اليمن والتصعيد القائم مع إيران على خلفية اتهامها بدعم الحوثيين، وتوجيه إيران اتهامات لأبوظبي بممارسة أنشطة تجسس وتخريب داخل الجمهورية الإسلامية والعمل على زعزعة استقرارها اقتصادياً والتلاعب في سوق العملات وما إلى ذلك من اتهامات تشي باحتمال حدوث مواجهة حادة بين الدولتين الجارتين، وإحياء الملفات المسكوت عنها المتنازع عليها بينهما كمصير جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى.
المصادر المصرية تحدثت عن احتمال لجوء الإمارات للسيسي كقناة خلفية للتواصل مع إيران للتهدئة والنقاش حول دور الدولتين في اليمن وتقاطع مصالحهما مع المصالح السعودية، وهو الدور الذي أداه السيسي من قبل إبان الأزمة بين السعودية وإيران في لبنان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأدى إلى انفراجة.
وعلى الرغم من أن الخطاب الرسمي المعلن من السيسي يؤكد دائماً أن "أمن الخليج، وبصفة خاصة السعودية والإمارات والبحرين والكويت، جزء من الأمن القومي المصري"، وطالما فسر البعض هذا الخطاب المتكرر باعتباره موجهاً لإيران والحوثيين و"حزب الله"، إلا أن الاتصالات التي تجريها مصر بإيران تارة عن طريق الحكومة العراقية، وتارة أخرى عبر نظام بشار الأسد المدعوم من السيسي وإيران معاً، وكذلك رغبة السيسي الدائمة في إرضاء روسيا، هي كلها عوامل تكرس وضعاً خاصاً لنظام السيسي تمكّنه من أداء دور "قناة التواصل غير الرسمية" بين إيران والدول الداعمة له.
أما الملف الثاني، فيتمثّل في التطورات الحاصلة في ليبيا، خصوصاً بعد أيام من انطلاق الجهود الإيطالية للتحضير لمؤتمر دولي بشأن ليبيا. فالإمارات وعلى الرغم من عدم اعتبارها رسمياً من الدول المعنية، إلا أن دعمها المالي واللوجيستي للواء خليفة حفتر وجيشه لا يُخفى على القوى الرئيسية كإيطاليا وفرنسا، وفي هذا السياق تتعارض مصالحها مع المصالح المباشرة لروما التي لا تحبذ التعاون مع حفتر بسبب المشاكل المستمرة معه، ودعمها لمليشيات وقبائل ترفض الاعتراف بالوضع السياسي لحفتر حتى الآن.
وتتوافق مصر والإمارات على دعم حفتر، كما تتوافق مصر مع إيطاليا على ضرورة تأجيل الاستحقاقات الانتخابية التي تطالب فرنسا بسرعة تنفيذها، ولذلك يجد السيسي نفسه في موقع يسمح بالقيام بدور الوسيط بين حفتر والدول الداعمة له، وإيطاليا بتحفظاتها عليه بهدف تأمين موقع سياسي مميز له مستقبلاً، فضلاً عن إنجاز مهمة توحيد الجيش وسحب الأسلحة من المليشيات التي تنشط فيها مصر والإمارات سياسياً ومالياً.
اقــرأ أيضاً
أما الملف الثالث، فهو الخاص بتطورات القرن الأفريقي؛ من المصالحة التي رعتها الإمارات بين إثيوبيا وإريتريا والدور الذي أدته مصر لمساعدتها في ذلك بهدف تأمين المصالح الإماراتية المرتقب توسيعها في إريتريا، والدور الذي دفعت الإمارات إثيوبيا بحكومتها الجديدة المنفتحة تجاه العرب لتلعبه للوساطة لحل المنازعات الحدودية بين جيبوتي وإريتريا، وارتباط ذلك كله بالوساطة التي تقوم بها الإمارات لدفع إثيوبيا لعدم الإضرار بمصالح مصر المائية بمشروع سد النهضة، وفي المقابل تنفيذ تعهدات السيسي بأن تعمل الاستخبارات المصرية على تأمين الاستثمارات الإماراتية والسعودية الجديدة داخل إثيوبيا وفي منطقة القرن الأفريقي عموماً.
وإلى جانب هذه الأجندة السياسية المثقلة، ركّزت مباحثات السيسي وبن زايد على بحث التسهيلات التي ستمنحها مصر للشركات الإماراتية في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة غرب الساحل الشمالي، بحسب مصادر حكومية مطلعة، أكدت أن بن زايد حريص على أن تتمتع الشركات في هاتين المنطقتين بالمميزات ذاتها الممنوحة للشركات الإماراتية في منطقة هضبة الجلالة شرق القاهرة.
وأضافت المصادر أن الإمارات حصلت حتى الآن بشركاتها وصناديقها الاستثمارية على نحو 30 في المائة من الأراضي المطروحة للاستغلال في العاصمة الإدارية، فيما تتفاوض شركة "إعمار" على قطعة أرض كبيرة لم تحدد مساحتها حتى الآن. كما تتفاوض شركات أخرى للحصول على مساحات كبيرة لإنشاء مشاريع سياحية في منطقة رأس الحكمة شمال غرب مصر. ويراهن السيسي على الشركات الإماراتية لإنقاذ مشاريعه بعد تكرار انسحاب الشركات الصينية وعدم إقبال المستثمرين الأوروبيين على الاستثمار فيها.
وكانت الزيارة السابقة لبن زايد إلى القاهرة قد حصلت في إبريل/نيسان الماضي بالتزامن مع زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة. وكان السيسي قد أجرى زيارة مطوّلة إلى الإمارات في فبراير/شباط الماضي، التقى فيها بن زايد وعدداً من المسؤولين الإماراتيين، وأكد البلدان وحدة مواقفهما تجاه التطورات الإقليمية، لا سيما الأزمة الخليجية والمضي قدماً في خط التصعيد مع قطر، فضلاً عن الاتفاق على زيادة الاستثمارات الإماراتية في مصر.
وشهدت العلاقات المصرية الإماراتية تطوراً ملحوظاً خلال العام الحالي، بعدما أعادت الإمارات رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق إلى القاهرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، متحفّظاً عليه ليوضع تحت الإقامة الجبرية لشهر تقريباً، قبل أن يعلن بشكل رسمي عدم خوضه الانتخابات الرئاسية ضد السيسي، بما مهد جزئياً الطريق للسيسي ليخوض الانتخابات بمفرده عملياً ومن دون منافسة حقيقية.
المصادر المصرية تحدثت عن احتمال لجوء الإمارات للسيسي كقناة خلفية للتواصل مع إيران للتهدئة والنقاش حول دور الدولتين في اليمن وتقاطع مصالحهما مع المصالح السعودية، وهو الدور الذي أداه السيسي من قبل إبان الأزمة بين السعودية وإيران في لبنان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأدى إلى انفراجة.
وعلى الرغم من أن الخطاب الرسمي المعلن من السيسي يؤكد دائماً أن "أمن الخليج، وبصفة خاصة السعودية والإمارات والبحرين والكويت، جزء من الأمن القومي المصري"، وطالما فسر البعض هذا الخطاب المتكرر باعتباره موجهاً لإيران والحوثيين و"حزب الله"، إلا أن الاتصالات التي تجريها مصر بإيران تارة عن طريق الحكومة العراقية، وتارة أخرى عبر نظام بشار الأسد المدعوم من السيسي وإيران معاً، وكذلك رغبة السيسي الدائمة في إرضاء روسيا، هي كلها عوامل تكرس وضعاً خاصاً لنظام السيسي تمكّنه من أداء دور "قناة التواصل غير الرسمية" بين إيران والدول الداعمة له.
أما الملف الثاني، فيتمثّل في التطورات الحاصلة في ليبيا، خصوصاً بعد أيام من انطلاق الجهود الإيطالية للتحضير لمؤتمر دولي بشأن ليبيا. فالإمارات وعلى الرغم من عدم اعتبارها رسمياً من الدول المعنية، إلا أن دعمها المالي واللوجيستي للواء خليفة حفتر وجيشه لا يُخفى على القوى الرئيسية كإيطاليا وفرنسا، وفي هذا السياق تتعارض مصالحها مع المصالح المباشرة لروما التي لا تحبذ التعاون مع حفتر بسبب المشاكل المستمرة معه، ودعمها لمليشيات وقبائل ترفض الاعتراف بالوضع السياسي لحفتر حتى الآن.
وتتوافق مصر والإمارات على دعم حفتر، كما تتوافق مصر مع إيطاليا على ضرورة تأجيل الاستحقاقات الانتخابية التي تطالب فرنسا بسرعة تنفيذها، ولذلك يجد السيسي نفسه في موقع يسمح بالقيام بدور الوسيط بين حفتر والدول الداعمة له، وإيطاليا بتحفظاتها عليه بهدف تأمين موقع سياسي مميز له مستقبلاً، فضلاً عن إنجاز مهمة توحيد الجيش وسحب الأسلحة من المليشيات التي تنشط فيها مصر والإمارات سياسياً ومالياً.
أما الملف الثالث، فهو الخاص بتطورات القرن الأفريقي؛ من المصالحة التي رعتها الإمارات بين إثيوبيا وإريتريا والدور الذي أدته مصر لمساعدتها في ذلك بهدف تأمين المصالح الإماراتية المرتقب توسيعها في إريتريا، والدور الذي دفعت الإمارات إثيوبيا بحكومتها الجديدة المنفتحة تجاه العرب لتلعبه للوساطة لحل المنازعات الحدودية بين جيبوتي وإريتريا، وارتباط ذلك كله بالوساطة التي تقوم بها الإمارات لدفع إثيوبيا لعدم الإضرار بمصالح مصر المائية بمشروع سد النهضة، وفي المقابل تنفيذ تعهدات السيسي بأن تعمل الاستخبارات المصرية على تأمين الاستثمارات الإماراتية والسعودية الجديدة داخل إثيوبيا وفي منطقة القرن الأفريقي عموماً.
وإلى جانب هذه الأجندة السياسية المثقلة، ركّزت مباحثات السيسي وبن زايد على بحث التسهيلات التي ستمنحها مصر للشركات الإماراتية في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة غرب الساحل الشمالي، بحسب مصادر حكومية مطلعة، أكدت أن بن زايد حريص على أن تتمتع الشركات في هاتين المنطقتين بالمميزات ذاتها الممنوحة للشركات الإماراتية في منطقة هضبة الجلالة شرق القاهرة.
وكانت الزيارة السابقة لبن زايد إلى القاهرة قد حصلت في إبريل/نيسان الماضي بالتزامن مع زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة. وكان السيسي قد أجرى زيارة مطوّلة إلى الإمارات في فبراير/شباط الماضي، التقى فيها بن زايد وعدداً من المسؤولين الإماراتيين، وأكد البلدان وحدة مواقفهما تجاه التطورات الإقليمية، لا سيما الأزمة الخليجية والمضي قدماً في خط التصعيد مع قطر، فضلاً عن الاتفاق على زيادة الاستثمارات الإماراتية في مصر.
وشهدت العلاقات المصرية الإماراتية تطوراً ملحوظاً خلال العام الحالي، بعدما أعادت الإمارات رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق إلى القاهرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، متحفّظاً عليه ليوضع تحت الإقامة الجبرية لشهر تقريباً، قبل أن يعلن بشكل رسمي عدم خوضه الانتخابات الرئاسية ضد السيسي، بما مهد جزئياً الطريق للسيسي ليخوض الانتخابات بمفرده عملياً ومن دون منافسة حقيقية.