بنكيران يعود إلى المشهد

08 فبراير 2018
+ الخط -
يعد المؤتمر الوطني السادس لشبيبة حزب العدالة والتنمية أخيرا محطة كبرى لجس نبض أعضاء الحزب بعد المؤتمر الوطني الذي نحّى القائد السابق، عبد الإله بنكيران، في رفض هياكل الحزب السماح بترشيحه لولاية ثالثة، وهو ما اعتبره أعضاء مناصرون له ردة، واعتبره آخرون انضباطا تنظيميا، كما فسره بعض المتتبعين بأنه ينسجم مع المنهجية "البراغماتية" التي ارتضتها كوادر الحزب من أجل قيادة الحكومة، ولو بعد إقصاء بنكيران من تشكيل الأغلبية. وتقول بعض المعطيات إنّ القرار تم بتزكية الجناح الدعوي للحزب، حركة الإصلاح والتوحيد.
لكن استقبال شباب الحزب بنكيران أخيرا في مؤتمرهم، وخطابه في كلمة مطولة أمام الشبيبة، وإشاراته القوية إلى الدولة والملك والأحزاب والأغلبية وقيادة حزبه، تؤكد أن الرجل ماض في تعزيز مكانته ظاهرة صوتية مستفزة داخل المشهد السياسي المغربي. كما تؤكد أنه مصر على اعتبار نفسه زعيما، على الرغم من واقع الأمر الذي صار محسوما داخل الحزب، ولو إلى حين. ومن أهم ما يثير في خطاب بنكيران هجومه على الأغلبية الحكومية التي يقودها حزبه في شخص رفيق دربه، رئيس الحكومة الحالية، سعد الدين العثماني، فقد انتقد بنكيران حزب التجمع الوطني للأحرار حليفه في الحكومة السابقة، كما هاجم حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يترأس مجلس النواب، وبذلك يؤجج الصراع الداخلي، سواء داخل هياكل حزب العدالة والتنمية، أو داخل مكونات الحكومة. مع الإشارة إلى أنه تجاهل الهجوم على حزب الأصالة والمعاصرة الذي كان يعتبره عدوه اللدود.
خطاب بنكيران الجديد والمتجدد، وإمكانية استمالة أعضاء عديدين داخل الحزب وخارجه، وهو الشخص الذي يتقن خطاب الشعبوية والمظلومية، فقد يعيد السجال إلى تركيبة الحكومة المغربية، وقد يربك تشكيلة الأغلبية، خصوصا إذا استمر في تجنيد عديدين من مناصريه، للتفاعل مع خطابه، مع العلم أن الشخص لا زال يثير جدلا كثيرا من خلال التوجهات والقرارات الحكومية التي سنها ودافع عنها لمّا كان رئيسا للحكومة السابقة التي قادها ويقودها حزبه الآن، وهي قراراتٌ مثيرة، فبعد أن سقط عنها القناع واندفاع وحرارة الشعبوية، صارت تنذر بأزماتٍ جديدةٍ، بعد الأعطاب المنهجية التي أطرتها وواكبت تطبيقها، كتحرير أسعارالمحروقات، ومعالجة صندوق المقاصة، وإصلاح أنظمة التقاعد.
قد يأخذ حزب العدالة والتنمية وقته كاملا، لتدبير خلافاته الداخلية، وأولها تدبير موقفه من قائده السابق الذي لا زال يصر على الزعامة، ولو من خلف الستار، وقد تأخذ الحكومة وقتها من أجل تدبير سياساتٍ دافع عنها بنكيران في وقته، وهي خيارات تتطلب الكثير من التعديل والتقويم والتصويب والمعالجة، لكن ظاهرة بنكيران قد تستمر كثيرا في إزعاج المشهد السياسي والأحزاب، بما فيها حزبه، والحكومة والدولة.
هو بنكيران فعلا، ظاهرة صوتية بامتياز.
A4F7B411-6DC2-40DA-A7BA-A42851C8E327
A4F7B411-6DC2-40DA-A7BA-A42851C8E327
أحمد بومعيز (المغرب)
أحمد بومعيز (المغرب)