يسير ريال مدريد بخطى ثابتة في منافسات الليغا والأبطال هذا الموسم، من خلال تصدره بطولة الليغا بعد سقوط الأتليتي في الأندلس أمام إشبيلية، وفوز الملكي على أسود الباسك في البرنابيو بهدفين مقابل هدف، ليعلن رجال زيدان أن الليغا لن تمر بسهولة من بين أقدامهم هذه المرة، خصوصاً بعد خسارتها في المواسم الأربعة الماضية في الأمتار الأخيرة.
أسلوب زيزو
لا يلعب الميرنغي بفلسفة لعب صريحة، بمعنى أنه لا يعتمد على التمركز كأداة مثل فرق غوارديولا مثلاً، أو يستحوذ ويهاجم على طول الخط كبرشلونة، بالإضافة إلى عدم إصراره على الضغط العكسي الذي يشتهر به يورغن كلوب وأقرانه في التكتيك الجديد، بل يركز زيدان أكثر على استخلاص أفضل مهارات نجومه، وتوظيف هذه الطاقة الفردية العملاقة في خدمة أهداف الفريق في النهاية، بتسجيل أكبر قدر من الأهداف وتحقيق الانتصار.
يحاول المدرب تطبيق أسلوب المداورة في منطقة الوسط، بعد إصابة كاسيميرو ومودريتش، لكنه يصر على ثلاثي الهجوم في الثلث الأخير، رونالدو، بيل، وبنزيمة في الأمام، مع الاعتماد على لوكاس فاسكيز وألفارو موراتا كأوراق رابحة. ورغم الوصول إلى نتائج مطمئنة إلا أن عددا كبيرا من جماهير الفريق تريد موراتا قبل بنزيمة في التشكيلة الأساسية للمدرب الفرنسي.
وفي لغة الأرقام، سجل بنزيمة 4 أهداف لفريقه في الليغا مقابل 2 لألفارو وأسيست واحدا، مع تفوق الإسباني في منافسات أوروبا بتسجيله هدفين فيما لم يهز زميله الأساسي شباك أي فريق بالشامبيونزليغ حتى الآن، لتصبح المقارنة متقاربة بشدة بين الثنائي، في دليل قوي على صعوبة اختيار واحد فقط منهما للخانة الرئيسية.
أهمية البنز
لعب بنزيمة دوراً تكتيكياً واضحاً في خلطة المدرب الأسبق كارلو أنشيلوتي، لأنه بمثابة المهاجم الذي يسمح بإعطاء الحرية الكاملة لكل اللاعبين في خط المنتصف، بالإضافة إلى خلق المساحة لكريستيانو رونالدو، الدون يحتاج دائما إلى لاعب آخر في الأمام، من أجل شغل المدافعين وجعله في موقف أفضل أمام المرمى، وكأنه صديق البطل في خطط الريال.
ويمتاز المهاجم بقدرات تكتيكية بارعة على مستوى اللعب بدون كرة، بنزيمة أحد أميز اللاعبين في العالم في الحركة بعيداً عن الساحرة المستديرة، وهذا يتضح بشدة أثناء المرتدات القاتلة لفريقه، فبعد تمريرة وأخرى، ينطلق بنزيمة في الأمام ويعرف أين يتحرك، وكيف يتمركز داخل وخارج منطقة الجزاء.
ليمثل بإيجاز شديد صيحة التحول من المهاجم الذي يسجل أهدافاً فقط خلال بدايات اللعبة، إلى المهاجم الذي يلعب دورا محوريا في انتصارات فريقه، من دون الحاجة إلى تسجيل أهداف كثيرة. وخلال مباراة بلباو الأخيرة، كشفت الخارطة الحرارية للمواجهة ابتعاد الفرنسي عن منطقة الجزاء، ليتمركز أمام خط وسط في سبيل صعود رونالدو وبيل إلى صندوق العمليات بالتبادل، إنه النموذج الأمثل لتحديد دور كريم هجومياً.
تأثير التسعة
موراتا في المقابل نسخة أقرب للمهاجم رقم 9، يلعب برأسه مثل قدمه، يسجل الأهداف في اللحظات الأخيرة، كما حدث أمام لشبونة وبلباو. ويشبه المهاجم الإسباني هداف مدريد القديم موريانتس، في فعاليته داخل المنطقة، مع تحركه باستمرار في كافة أرجاء الثلث الأخير، وبالتالي هو ليس مهاجما هدافا فقط، ولكنه أيضا يصلح بشدة لشغل دور اللاعب الثاني في الأمام.
نجح موراتا بوضوح في يوفنتوس لأنه فريق يلعب بثنائي هجومي صريح في معظم مبارياته، وبالتالي استفاد اللاعب من الفرص المتاحة بالتبادل مع زميله الآخر، وهو نفس الدور الذي يقوم به مع ريال مدريد، حيث تتحول الخطة من 4-3-3 إلى 4-4-2 بالدقائق الأخيرة، ويلعب رونالدو بجوار ألفارو في قلب منطقة الجزاء.
يتحول زيزو من الهجوم المنظم إلى الكرات الطولية والتمريرات العرضية، كلما تأخر في النتيجة أو احتاج إلى هدف الفوز، وبالتالي عندما يوضع الثنائي بنزيمة وموراتا في ميزان التفضيل، من الصعب اختيار أحدهما على حساب الآخر، لأن أسلوب لعب الملكي يختلف من مباراة إلى أخرى، بل من دقيقة إلى دقيقة، وهذا الأمر ربما أقرب إلى الفوضى الخططية في بعض الأحيان، إلا أن المدرب يضع مواطنه في الأساسي، لأنه يخلق فراغات أكبر للثنائي بيل ورونالدو، بينما يضع زميله كورقة رابحة عندما تتأزم الأمور في الشوط الثاني.
بكل تأكيد عدم وجود طريقة أساسية للعب أمر يؤدي إلى مشاكل للخصم، لكنه أيضا ربما يسبب أزمة أمام الفرق المنظمة أو التي تلعب بجرأة، لذلك فشل الفريق في تحقيق الفوز على فرق لاس بالماس، فياريال، ودورتموند، لأنهم خصوم يبادلون منافسهم الهجوم دون خوف، لكن لا أحد بمقدوره انتقاد زيدان الآن، لأنه يفوز ويتصدر بوضع بنزيمة أولا ثم موراتا ثانيا!