بمبوطية بورسعيد مهنة في طريقها للاندثار

14 ابريل 2015
تدهور أوضاع البمبوطية (تجار البحر) في قناة السويس(فرانس برس)
+ الخط -
"البمبوطية تحت خط الفقر والمسؤولون يتجاهلون مطالبنا"؛ بهذه الكلمات بدأ محمد السيد عباس الذي ورث هذه المهنة عن والده، حديثه عن البمبوطية في محافظة بورسعيد شمال شرق مصر.
والبمبوطية هم تجار البحر الذين يعملون على المراكب مع السفن العابرة في قناة السويس (شمال مصر). وقد عرفت ثلاث محافظات على القناة وهي بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، هذه المهنة منذ افتتاح قناة السويس عام 1869.
وكان بعض أبناء المدن يتجهون إلى الموانئ وفور رؤيتهم سفينة ترابط في عرض القناة، يتجهون لها بمراكب صغيرة ليبيعوا لها البضائع والأنتيكات والتحف والملابس والأجهزة الكهربائية، حيث كانت تؤمن هذه المهنة لأصحابها دخولاً معقولة.
ويقول عباس الذي يتجاوز الثلاثين من عمره، لـ "العربي الجديد"، إنه يعول أسرة من 5 أفراد، ومنذ 4 سنوات انقطع دخله هو وأكثر من 400 بمبوطي يعملون في محافظة بورسعيد؛ وهي المدينة الوحيدة التي احتفظت بهذه المهنة.
ويضيف عباس، أننا طرقنا كل أبواب المسؤولين، ولم نجد إلا التجاهل في كل مرة، لم نحصل خلال 4 سنوات سوى على دعم قيمته 500 جنيه " 65.5 دولار"؛ 4 مرات من الدولة.
وأوضح أنه منذ 8 أشهر لم يدخل الميناء سوى مركب واحد، ما اضطر البعض إلى بيع ممتلكاته، بل وبيع الرخصة لمواجهة الأعباء المعيشية المتفاقمة، وأصبحنا نعيش على الديون، والأوضاع تزداد سوءا ليس فقط للبمبوطية، ولكن امتدت إلى فئات أخرى.
ويواجه أهالي بورسعيد العديد من الأزمات التي ساهمت في ارتفاع نسبة البطالة خلال السنوات الأخيرة، ومنها تراجع التجارة والسياحة، وغيرها من الأنشطة بعد إلغاء المنطقة الحرة، ما دفع التجار إلى تنظيم العديد من الاحتجاجات خلال الفترة الماضية، ومنها مظاهرة شارك فيها المئات الأسبوع الماضي، أمام مبنى ديوان عام الغرفة التجارية في بورسعيد، بسبب تجاهل الحكومة مطالبهم كاملة؛ والمتمثلة في إلغاء الضرائب بشكل كامل وإعادة المنطقة الحرة.
ويقول رئيس اللجنة النقابية للعاملين بميناء بورسعيد والميناء السياحي، عادل عبد العال لـ "العربي الجديد"، إن البمبوطية فئة مهمشة، مضيفا أن العاملين بها ليس لهم مصدر دخل آخر، وأن معاناتهم تفاقمت منذ 2011 حتى الآن.
ويتساءل عبد العال: لماذا لا يحصل البمبوطية على تعويضات؛ مثل بعض بازارات شرم الشيخ والمدن السياحية التي تضررت بفعل الاضطرابات السياسية والأمنية، رغم أنهم أحق باهتمام الدولة لأن أوضاعهم أكثر سوءا؟ لافتاً إلى أن بعضهم هجر أسرته بسبب ضيق الحال، والبعض سافر، وآخرون اتجهوا للإدمان هرباً من تدهور أوضاعهم المالية.
ويضيف أن البمبوطية مهنه تنقل صورة مصر للعالم؛ فهم يتقنون عدة لغات يتعاملون بها مع السياح وركاب السفن الأجنبية العابرة لقناة السويس، رغم أن غالبيتهم لم يحصلوا على أية شهادة دراسية، ومع ذلك أتقنوا اللغة، وبرعوا في التجارة والبيع والشراء في البحر.
ويؤكد عبد العال أن البمبوطية ليسوا وحدهم المتضررين، بل أكثر من 14 ألف عامل داخل ميناء بورسعيد يعانون؛ مشيراً إلى أن السياحة تراجعت منذ 4 سنوات بأكثر من 95% بالمحافظة.
وشدد عبد العال على أن هؤلاء العمال ليس لهم أي معاش أو تأمين صحي، مضيفا أن النقابة اتجهت منذ عام 2011 إلى المجلس العسكري والقوات المسلحة ومسؤولي القاعدة البحرية في ميناء بورسعيد، والمحافظ والفريق مهاب مميش رئيس هيئة القناة، ولم نجد سوى وعود لم يحقق منها أي شيء حتى الآن، بل ازدادت معاناة الجميع، في ظل ارتفاع الأسعار وتصاعد الأزمات المعيشية.
ويضيف أن البمبوطية من المهن التي يتوارثها الأبناء، والعاملون بها من عائلات معروفة، ويلتزمون باللوائح والقوانين، غير أن الانفلات الأمني الذي شهدته مصر مؤخرا سمح بدخول عاملين غير رسميين؛ ما ضاعف معاناة العاملين الذين لديهم رخص.
وكان أكثر من 5 آلاف عامل في الميناء نظموا وقفة احتجاجية داخل الميناء الأسبوع الماضي، غير أنها انتهت سريعا وفقا لعبد العال.
أما رئيس جمعية البحرية يحيى ريحان، فيحذر من غضب هؤلاء العمال، قائلا إن المسؤولين سيستيقظون على بركان ينفجر في الجميع لأن المعاناة فاقت كل الحدود، حسب وصفه.
وأكد ريحان لـ "العربي الجديد"، أن هناك حلولاً كثيرة يمكن للدولة أن تقدمها للبمبوطية، وغيرهم من آلاف العمال بالميناء، لكن جميع الجهات المختصة تتجاهل مطالبهم. وأضاف أن البعض لجأ لبيع رخص مزاولة المهنة، وهجروا منازلهم بسبب تفاقم معاناتهم.

اقرأ أيضا:
بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها
عمّال التَّراحيل: مصريون يقصدون الأرصفة طلباً للرزق
المساهمون