بلدة المقدادية.. رمضانها من غير مساجد

14 يونيو 2016
الضرر اللاحق بأحد مساجد المقدادية (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
لم يعد صوت الأذان يصل إلى مسامع "أبو بلال" (57 عاماً)، الذي يسكن عند أطراف بلدته المقدادية التابعة لمحافظة ديالى شرق العاصمة بغداد، بعد أن هدمت وأغلقت واغتصبت جميع مساجدها، وبات سكانها الذين يعدون نحو 280 ألف نسمة من دون مسجد يصلون فيه.

الحال وسط مركز المقدادية لا يختلف كثيراً بالنسبة للحاج برهان عبد الله (60 عاماً)، والذي كان يعمل حارساً ومنظفاً لأحد المساجد المغلقة في المقدادية. ويقول لـ"العربي الجديد"، "قلبي يعتصره الألم حين أصلي الصلوات الخمس في البيت، لم يعد بإمكاني حراسة وتنظيف الجامع الذي دأبت على ارتياده يومياً منذ ثلاثة عقود، والعمل على تهيئته للمصلين خاصة قبل حلول شهر رمضان المبارك، وبعد مضي ستة شهور على إغلاقه بعد تفجير باقي المساجد في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أصبحت أخشى حتى المرور من أمام الجامع".

وتابع، "عندما هلّ هلال شهر رمضان استبشرنا خيراً، وقلنا لعل هناك من يشعر بمعاناتنا كمسلمين نعيش في هذه البلدة المسلمة من غير مساجد، إلا أنّ الأمر ليس أكثر من أمنيات لا أظنها ستتحقق في ظل الظروف التي نعانيها في المقدادية، تلك المدينة التي يمكن اعتبارها "مدينة منكوبة".

وأشار الحاج برهان إلى أن بعض المساجد ليست مهدمة لكن مع وجود المليشيات لا يمكن حتى المرور من أمامها أو النظر إليها، فكل نظرة أو كلمة تحسب على قائلها حتى وإن لم تكن مقصودة، ويمكن أن تودي بحياة قائلها، لذا فإن الناس في المقدادية يفضلون السكوت رغم ما يقاسونه من أذى على الاعتراض.

من جهته، قال الشيخ عمر عادل موظف سابق في الوقف السني في ديالى: "لا توجد نية حقيقية لبناء مساجد المقدادية على خلاف بعض قرى شروين في ناحية دلي عباس، التابعة مركزياً لبلدة الخالص وإدارياً لبلدة المقدادية، حيث قام الأهالي بفتح المساجد وترميمها وإعادة تأهيلها بمجهودهم الخاص، أما في المقدادية وقراها فالأمر مختلف تماماً، لأن المليشيات تمنع التصريح أو التلميح لإعادة فتح المساجد، علماً أن مرقد الإمام عباس في قرية سنسل أعيد تأهيله، في حين بقيت المساجد مهدمة ومغلقة".


ولفت الشيخ عادل إلى وجود أكثر من 130 مسجداً في المقدادية جميعها بين مغلقة ومهدمة ومغتصبة باستثناء بعض مساجد ناحية الوجيهية التي لا تزال مفتوحة رغم المخاطر على من يرتادها.

وأوضح أنّ 32 مسجداً ومصلى هدموا أو أغلقوا من قبل المليشيات بين نهاية 2014 وبداية 2016، وإنّ 26 مسجداً في عموم البلدة هدمت في فترة ما قبل النزوح وتحديداً بين عامي 2007 و2013، وإن أكثر من 25 إماماً وخطيباً ومؤذناً قتلوا على يد تنظيم القاعدة والاحتلال الأميركي والمليشيات في المقدادية وحدها.

وعلى الرغم من وعود أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري بإحالة المليشيات المهاجمة للمساجد إلى القضاء، إلا أن أياً من ذلك لم يحدث رغم مرور عام كامل على مجزرة راح ضحيتها نحو 80 مصلياً نتيجة هجوم شنته مليشيا على مسجد خلال صلاة الجمعة.

وتتهم الشرطة العراقية ما تصفه بمليشيات غير منضبطة بالوقوف وراء تلك العمليات، في حين يعزوها قادة سياسيون مقربون من تلك المليشيات أو يقومون برعايتها بأنها تصرفات فردية ويطلقون الوعود بوقفها لكن دون جدوى.

وكانت المليشيات قد هدمت في 11 يناير/ كانون الثاني الماضي أكثر من ثمانية مساجد عقب انفجار مزدوج في مقهى شبابي في الحي العصري داخل مركز بلدة المقدادية، والتي تتعرض لموجات من العنف الدامي بين الحين والآخر بسبب موقعها الجغرافي بالقرب من إيران وسيطرة المليشيات على جميع مفاصلها، ما جعل سكانها يقعون ضحية الصراع الطائفي الدائر في العراق.

دلالات