عادت قضية بلدة الغجر عند المثلث الحدودي اللبناني ــ الفلسطيني ــ السوري، إلى التداول الإعلامي بعد نشر موقع "والا" الإسرائيلي، رسالةً من لجنة التخطيط والبناء لمجلس مستوطنات جبل الشيخ (المجلس الإقليمي حرمون وفق التسمية الرسمية)، إلى أهالي البلدة، تطلب الالتزام بقانون الاحتلال الإسرائيلي فيما يخصّ البناء.
وأبلغ النائب اللبناني قاسم هاشم، "العربي الجديد"، أن الإجراءات الإسرائيليّة الجديدة، وعدم الانسحاب من الأراضي اللبنانية في بلدة الغجر، تؤكّد أن "هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة والمقاومة". وأشار قاسم إلى أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه لأيام، فسيُعلن عن تحرك شعبي لرفض الإجراءات الإسرائيلية.
وتعدّ قضية هذه البلدة واحدة من القضايا العالقة بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، بعد انسحاب الأخير من جنوب لبنان عام 2000. وعند ترسيم الخط الأزرق، تبيّن أن الجزء الشمالي من البلدة يخضع للسيادة اللبنانيّة، فيما سكانه سوريون حاصلون على الهوية الإسرائيليّة. وطالب لبنان جيش الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من الجزء المحتل، وقد أيدت الأمم المتحدة المطلب اللبناني. لكن أهالي البلدة رفضوا الأمر، معتبرين أنه سيؤدي إلى عزل سكان الحي الشمالي، أهلهم وأقاربهم. وعندما عرضت السلطات اللبنانية، تأمين ممر لسكان الغجر إلى لبنان، رفض أهلها ذلك، وأصروا على ربط تحرير بلدتهم بتحرير الجولان السوري المحتل.
ويوجد اليوم سياج شائك يفصل الأراضي اللبنانية عن الجزء الشمالي من بلدة الغجر. لكن لا تواجد لجيش الاحتلال الإسرائيلي من القسم الشمالي من البلدة، الذي يُطالب لبنان به، بل توجد حواجز لهذا الجيش في منتصف البلدة، التي لم يجرِ عزل أجزائها عن بعضها البعض.
وبحسب الموقع الإلكتروني للبلدة، يبلغ عدد سكان القرية اليوم حوالي 2500 نسمة، يعيش معظمهم من العمل خارج القرية، كأيدٍ عاملة في المصانع والمستوطنات المجاورة، ويعتمد البعض الآخر على التجارة وعلى بعض المحاصيل الزراعية المحلية. كما يوجد اليوم عدد كبير من الأطباء البشريين وأطباء الأسنان والصيادلة والمهندسين والمحامين، وأكثرهم تخرجوا من جامعة دمشق في سورية.
ويورد موقع البلدة رواية سكانها حول تقسيمها على الشكل التالي: "عاش الناس في بيوتهم يعملون ويكدّون من أجل تحصيل لقمة العيش، إلى أن جاءت سنة 2000، عندما أعلنت الأمم المتحدة عن تقسيم القرية. فهب جميع السكان ووقفوا في وجه هذه المحاولة، والتي اعتبروها مؤامرة على القرية وأراضيها، فقاموا بمظاهرات عديدة، ومنعوا الأمم المتحدة من دخول القرية، مما اضطرها إلى ترسيم الحدود من الجو بخط وهمي. ومنذ سنة 2000 والسكان هنا يعيشون وكأنهم في سجن جماعي مغلق؛ فالخدمات من خارج القرية تكاد تكون معدومة، والسيارات الغريبة لا تدخل القرية، وجميع الحاجيات نضطر إلى استلامها من خارج الحاجز. لقد ادّعت الأمم المتحدة بأن الحارة الشمالية من القرية مقامة على أراض لبنانية حسب اتفاقية سايكس بيكو وحدود 1923، مع العلم أن أرض هذه الحارة هي لسكان قرية الغجر منذ مئات السنين، وأن ترسيم الحدود لم يتم حتى الآن بين سورية ولبنان، إلا في منطقة واحدة هي قرية الغجر، ونحن نعجب من ذلك، لأن القرية سكاناً وأرضاً هي سورية منذ مئات السنين".