بمخيلةٍ خصبة ويدٍ ماهرة، يقوم، بلال موسى، البالغ من العمر 26 عاماً، برسم صور الكاريكاتير والجداريات. بلال هو فنَّان سوري من مدينة سراقب الواقعة في ريف إدلب، واكب أحداث الثورة السورية منذ بداياتها، وعبّر عنها بالورقة والقلم.
وبعد 9 سنوات من الحرب، يسعى بلال من خلال رسوماته لإيصال معاناة السوريين، ويقول لـ"العربي الجديد": "إلهامي يأتي من الثورة، أبطالها ونساؤها وأطفالها، وبالطبع المعتقلين. فأنا أعمل على إيصال رسالتنا ومعاناتنا إلى الشعوب الأخرى". ويضيف: "لو أتيحت لي الأدوات، سأجمعُ كافة أعمال الفنانين السوريين في مجلة واحدة موجّهة إلى العالم ليرى ويسمع صوتنا". بدأ بلال شغفه بتشجيعٍ من معلمته من المرحلة الابتدائية، فأحب رسومات الكاريكاتير، وبدأ برسمها قبل الثورة، ولكنه تعرّض إلى مضايقات وتخوفات، عن ذلك يقول: "هذا الفن يستهدف القضايا السياسية والاجتماعية في آنٍ واحد لذلك أحببته جدًا.
وقبل الثورة كان من الصعب أن يعبر الفنان بحريته، فامتنعت عنه، ومع بداية الثورة عدت للرسم مجددًا". يُذْكر أن انتهاكات النظام طاولت عددًا من فناني الكاريكاتير السوريين، منهم الفنان أكرم رسلان الذي توفي تحت التعذيب بعد أشهر من اعتقاله عام 2012، وفنان الكاريكاتير العالمي علي فرزات الذي الذي تم تكسير أصابعه عام 2011. وقام بلال بمشاركة أولى لوحاته في إدلب خلال الذكرى الثانية للثورة السورية، مع فنانين آخرين في معرض "سورية في عيون إدلب" للرسوم الكاريكاتيرية الذي أُقيم في مدينة سراقب عام 2017. وتوجّه للمشاركة الدولية عام 2018 بثلاث لوحات في معرض "سوريا في الرسوم الكاريكاتورية" الذي أقيم في مدينة برلين بدعم من مؤسسة "هاينريش بول".
وكما يساهم في الفعاليات التي تقام في الشمال السوري كحملة "نحن معك" التي سيشارك فيها باللوحات الجدارية "الغرافيتي". وتقوم هذه الحملة المدعومة من معهد صحافة الحرب والسلام IWPR والمقامة في مدينة الباب شمال شرق حلب، بدعم السيدات السوريات الناجيات من المعتقلات. وصرَّحت منسقة الحملة، نادين عبيدين، لـ "العربي الجديد": "تم إطلاق الحملة في يوم المرأة العالمي، وستكون على مدار شهر مارس/ آذار، وستقام أنشطة رسم على جدران المدينة تستهدف التصدي وكسر وصمة العار المجتمعية للمرأة المعتقلة، وإعادة الدمج المجتمعي للسيدات".
يعيش بلال الآن متنقلًا بين تركيا والداخل السوري بعدما هجِّر من مدينته سراقب التي سيطرت عليها قوات النظام السوري بمساندة روسيا، فتزداد همته الفنية وتضعف أحيانًا أخرى، ويقول: "من الصعب أننا عشنا في مدينة ثورية لمدة 9 سنوات، ثم يقوم النظام بالاستيلاء عليها. فهذا الشيء خلق عندي وعند أهالي المدينة شتاتاً كبيراً ومأساة"، وأما عن مستقبله فهو مجهولٌ في ظل الأوضاع الراهنة من قصف وتدمير ونزوح، ومع ذلك يطمح إلى أن يصبح يومًا ما رئيس تحرير لمجلة كاريكاتير.