وقالت مصادر عسكرية عراقية إن القوات العراقية باشرت بعمليات الحفر بمشاركة وزارة البلديات والإعمار والجهد الهندسي ووزارة الصناعة ومليشيات "الحشد الشعبي"، من خلال عشرات آليات الحفر في المناطق الحدودية التي تم فعلا تحريرها من قبل بغداد وطرد تنظيم "داعش" منها.
ويبلغ عمق الخندق نحو مترين، وبعرض 3 أمتار، ويمتد لنحو 450 كم، بدءاً من التنف العراقي في الأنبار وحتى منطقة البعاج في نينوى، ترافقها عمليات إنشاء سواتر ترابية بالتراب المستخرج من عملية حفر الخندق نفسه، كما سيتم بعد ذلك بناء أبراج مراقبة وثكنات عسكرية للجيش ولقوات حرس الحدود.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن بغداد خصصت نحو 30 مليون دولار للمشروع، الذي سيتم وفقا لإمكانيات ذاتية من الوزارات الخدمية مع وزارتي الدفاع والداخلية ومليشيات "الحشد الشعبي".
وأكد ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي، يدعى حسام النعيمي، أن "الجهد الهندسي للقوات المشتركة من الجيش وحرس الحدود و"الحشد" بدأ بإقامة سواتر ترابية وحفر خنادق على الحدود مع سورية في المناطق الخاضعة لسيطرتنا بشكل كامل"، مضيفا أن "عشرات الآليات بدأت عملها بالتزامن مع محور المعارك في الجانب الثاني من القائم القريبة"، واصفا المشروع بأنه "معركة من نوع مختلف لا تقل أهمية عن معركة القائم الجارية الآن مع تنظيم "داعش" لتحريرها".
وتابع النعيمي: "سيتم بناء أبراج مؤقتة للمراقبة والرصد مع الخندق، والمهمة ليست سهلة، لكن الخندق مهم، وقد يكشف لنا الأنفاق التي حفرها "داعش" تحت الأرض، ويتنقل عبرها من سورية إلى العراق وبالعكس"، مشددا على أن "المنطقة صحراوية، وصعب جدا إخضاعها للمراقبة، لكن نسعى للسيطرة فقط على الشريط الحدودي، فعبور مقاتل واحد من "داعش" يعني أن 10 مدنيين سيقتلون بالعراق"، وفقا لقوله.
من جانبه، ذكر مصدر في مليشيات "الحشد" أن بعض الفصائل عارضت المشروع، من بينها "كتائب الإمام" و"العصائب" و"حزب الله"، كونه سيعيق انتقال مقاتليها لسورية، حيث إن الخطة هي توفير دعم لقوات النظام السوري في حال اقترابها من البو كمال ضمن عملياتها الحالية المدعومة من القوات الروسية، مبينا أن مليشيا "جند الإمام" طالبت بإيقاف العمل فورا، وهو ما سبب مشكلة مع الساعات الأولى لانطلاق المشروع، واعتبرته معيقا لحركة مقاتليها مع سورية، وهو تحدٍّ قد يؤدي إلى تعطيل المشروع في حال استمرت بعض الفصائل على موقفها المعارض.
إلى ذلك، أوضح أستاذ العلوم السياسية، فؤاد محمد، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك جهات من مليشيا "الحشد الشعبي" تسعى إلى فرض سيطرتها على الشريط الحدودي من الرطبة إلى ربيعة"، مشيرا إلى أن "هناك مشروعا إيرانيا يسعى إلى فرض السيطرة على الحدود والعبور إلى سورية لتمويل قوات الأسد و"حزب الله" اللبناني".
وتابع محمد: "إذا سعت الحكومة المركزية بجدية إلى إتمام مشروع السواتر الترابية وحفر الخنادق فسوف تقطع الطريق على المليشيات التي وصلت إلى الحدود العراقية السورية، وهذا سيدعم أمن المناطق الغربية، ويقلص دعم المليشيات لنظام الأسد".
من جهته، قال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حامد المطلك، لـ"العربي الجديد"، إن "المناطق الغربية صحراوية واسعة وشاسعة، ومنها شرع "داعش" بالدخول إلى مناطق الأنبار، ويجب الإسراع بتحرير المناطق الغربية وبسط سيطرة الدولة على الحدود العراقية السورية"، وبين أن "إنشاء السواتر وحفر الخنادق يحافظ على المناطق الغربية بعد تحريرها، ويمنع من يرغب بالسيطرة على المناطق الحدودية من أجل العبور إلى سورية".