لا تزال زوبعة إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمدير "مكتب التحقيقات الفدرالي" (إف بي آي) جيمس كومي، تشغل الأوساط السياسية في الولايات المتحدة، لا سيما حول الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ قرار كهذا، ومصير التحقيقات بقضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية.
وفي هذا السياق، أوردت صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الخميس، أنّ كومي، وقبيل أيام فقط من إقالته، طلب من وزارة العدل، عدداً أكبر من المدعين العامين وغيرهم من الموظفين، من أجل تسريع تحقيق المكتب، في القضية.
هذا الطلب، وجهه كومي، بحسب أربعة مسؤولين بالكونغرس الأميركي، إلى النائب العام الأميركي رود جي روزنشتاين، والذي تم الاعتماد على توصيته، لتبرير فصل كومي المفاجئ، يوم الثلاثاء.
والثلاثاء، قال المتحدّث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، في بيان، إنّ "الرئيس وافق على توصية من نائب المدعي العام بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي". وأشار البيت الأبيض إلى أنّ مدير "إف بي آي" قد أبلغ بقرار فصله من منصبه.
ولم يُعرف، بحسب "نيويورك تايمز" مصير طلب كومي هذا، وما إذا كان له أي دور بقرار إقالته.
وأشارت الصحيفة، إلى أنّ مصير تحقيق "إف بي آي"، في قضية التدخل الروسي بالانتخابات الأميركية، والذي بدأ في أواخر يوليو/ تموز الماضي، بات الآن "غير مؤكد"، أكثر من أي وقت مضى.
وذكّرت الصحيفة بأنّ لجنتين منفصلتين في الكونغرس، تحققان في قضية التدخل الروسي، بناء على أدلة ومعلومات يتمّ جمعها من قبل "إف بي آي"، لافتة في هذا الإطار، إلى أنّ أي تعثّر في "إف بي آي"، يعني تعثّر التحقيقات بمجملها.
وتركّز التحقيقات التي بدأت الصيف الماضي، على عمليات القرصنة الروسية ضد حملة الحزب الديمقراطي، وعلى "تنسيق" محتمل بين روسيا وعدد من أعضاء حملة ترامب.
ولا يملك محقّقو الكونغرس سلطة جمع معلومات استخباراتية، والتي تملكها وكالات مثل "إف بي آي" والاستخبارات المركزية "سي آي إيه".
ولعلّ إقالة كومي، بحسب الصحيفة، أمدّت لهذا السبب، لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، بإحساس متجدّد نحو الإلحاح بضرورة الإسراع بإنجاز التحقيقات.
وقد أصدرت اللجنة أول استدعاء لها في تحقيقات التدخل الروسي أمس الأربعاء، وطلبت من مايكل فلين المستشار السابق للرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، تسليم سجلات عن رسائل البريد الإلكتروني ومكالمات هاتفية، واجتماعات وتعاملات مالية مع الروس.
ويبدو، بحسب الصحيفة، أنّ اندفاع لجنة مجلس الشيوخ للمضي قدماً في تحقيقاتها، سيؤدي إلى مواجهة محتملة مع إدارة ترامب، حول مستقبل تحقيق "إف بي آي".
وفي حين يبدو أنّه من غير المرجح أن تتحرّك وزارة العدل أو البيت الأبيض لإغلاق التحقيق حول القضية بشكل صريح، دعا الرئيس ومسؤولون إداريون آخرون إلى إنهائه، مما يثير مخاوف بشأن إمكانية افتقار "إف بي آي"، والكونغرس إلى الموارد اللازمة والأدلة في التحقيق.
ووفقاً لمسؤولين في الكونغرس، فقد علمت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، بطلب كومي يوم الاثنين، عندما طلب رئيس اللجنة السيناتور الجمهوري ريتشارد بور، ونائب رئيس المجلس السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، من كومي اللقاء معهما، لحثّه على تسريع تحقيق "إف بي آي"، حتى تتمكّن اللجنة من المضي قدماً في تحقيقها.
وعلى المقلب الآخر، كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الخميس، أنّ مسؤولين في إدارة الرئيس ترامب، وقبيل أسابيع على قرار إقالة كومي، حثّوا "إف بي آي" على متابعة "أكثر شراسة" لتحقيقات قضية التدخل الروسي.
وبحسب الصحيفة، سعى مسؤولون في الإدارة أحياناً إلى دفع "إف بي آي"، لإعطاء الأولوية إلى التحقيقات في قضية التدخل الروسي، وأحياناً أخرى إلى التحقيق بالمعلومات غير الموثوقة أو الحساسة للغاية.
وعلى مرّ الوقت، بدا مسؤولو الإدارة غير راضين بشكل متزايد، عن إجراءات "إف بي آي"، على هذا الصعيد، وفق "واشنطن بوست"، مشيرة إلى أنّ ظهور كومي أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، كان سبباً لتصعيد التوتر بينه وبين البيت الأبيض.
وبحسب مسؤولين في إدارة ترامب، فإنّ ظهور كومي أمام اللجنة عزّز أكثر مما قلل، من الاهتمام العام بقضية التدخل الروسي.
وذكّرت الصحيفة بأنّ غضب ترامب ثار على كومي، عندما لم يؤيد مزاعمه حول تنصّت الرئيس الأميركي باراك أوباما على مكالماته قبيل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، معتبراً أنّ كومي يعطي اهتماماً مبالغاً به، في قضية التدخل الروسي.
ويبدو، بحسب الصحيفة، أنّ كومي، مثّل بالنسبة لترامب، "مسؤولاً مستقلاً بشراسة، ويتمتّع بسلطة هائلة".
لكنّ الصحيفة تختم بالقول، "إذا كان البيت الأبيض يأمل أن تؤدي إقالة كومي إلى التخفيف من ضغوط التحقيقات في قضية روسيا، فإنّ لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تبدو حريصة على ملء أي فراغ مؤقت".