بعثة الأمم المتحدة مستمرة بالتغاضي عن انتهاكات حفتر لقراراتها في ليبيا

01 مارس 2020
تواصل قوات حفتر خرق وقف إطلاق النار(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
عاد الهدوء الحذر إلى مختلف محاور القتال، جنوب العاصمة طرابلس، بعد يومين من القصف العشوائي الكثيف من قبل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في خرق واضح لقرارات مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار، فيما لا تزال الأمم المتحدة تستنكر تلك الخروقات دون أن تسمي المسؤول عنها.

وأكد آمر إدارة التوجيه المعنوي في قوات عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق، ناصر القايد، أن الهدوء يسيطر خلال الساعات الماضية من نهار اليوم على مختلف المحاور، مشيراً إلى تمكن قوات الحكومة من إحباط محاولة تقدم لقوات حفتر في محاور الرملة والطويشة في منطقة العزيزية جنوب طرابلس، أمس السبت.

وبينما أكد القايد لـ"العربي الجديد" أن قوات الحكومة صدت محاولة التقدم باستخدام المدفعية، ذكر المكتب الإعلامي الحربي لعملية بركان الغضب من جانبه أن قوات الحكومة نفذت عملية نوعية، اليوم الأحد، استولت خلالها على "أحد مراصد مليشيات حفتر" في محور الخلاطات.

ونشر المكتب، على صفحته الرسمية، فيديو يظهر خسائر قوات حفتر خلال محاولة التقدم يوم أمس، مشيراً إلى أن قوات الحكومة أسرت عدداً من مقاتلي قوات حفتر.
وبعد استنكار البعثة الأممية لدى ليبيا الهجوم الصاروخي الذي تعرضت له طرابلس يومي الجمعة والسبت، دون أن تسمي الجهة المسؤولة، رغم اعتراف قيادة قوات حفتر، على لسان المتحدث الرسمي باسمها، بمسؤوليتها عن القصف، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس من جانبه القصف، مطالباً بضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار.


ودون أن يشير إلى المسؤول أيضاً، أكد غوتيريس، في بيان له اليوم الأحد، "ضرورة حماية المدنيين في جميع الأوقات، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي".

وبالتزامن، استنكر السفير الألماني لدى ليبيا، أوليفر أوفيتشا، الهجمات المتكررة على مطار معيتيقة والأحياء المدنية جنوبي طرابلس، معبّراً، في بيان لسفارته اليوم الأحد، عن مخاوفه "من هذا التصعيد الذي يناقض الوصول إلى ليبيا موحدة سلمية".

ورغم اعتراف البعثة الأممية، في بيانها الجمعة، بأن "قصف الأحياء المدنية في طرابلس قد يرقى إلى جرائم حرب"، إلا أنها لا تزال تتغاضى عن تسمية الطرف المسؤول عن هذه الاعتداءات، وهو ما يعلله عضو مجلس النواب المجتمع بطبرق، مفتاح عيسى، بأنه يرجع للغموض الذي يسيطر على الموقف الميداني في طرابلس، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنه "لا يمكن التأكد من مسؤولية أي من الطرفين عن الحادث".

وبينما يحاول عيسى تبرير موقف قوات حفتر التي يسميها بـ"الجيش الوطني" الذي تهدف عمليته العسكرية إلى "تحرير العاصمة من إرهاب مليشيات الحكومة"، طالب بتقرير دولي محايد يتهم قوات حفتر بمسؤوليتها عن استهداف المدنيين.

وهو طلب لا جواب عنه، بحسب الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش، فـ"المجتمع الدولي يكيل الأوضاع بمكيالين؛ فهو يدعو لحل سياسي ويغض الطرف عن حصار حفتر لطرابلس"، متسائلاً "هل يعجز المجتمع الدولي عن فرض تنفيذ قرارات مجلس الأمن على حفتر ويرغمه على ترك مواقفه التي تهدد المدنيين في طرابلس؟".

وعن تغاضي الأمم المتحدة عن تسمية المتورط في قصف المطارات والأهداف الحيوية، يبين الأطرش أنه "يمكن للبعثة معرفة ذلك من فم المتحدث الرسمي باسم حفتر الذي لا يفتأ يؤكد الاستمرار في قصف الميناء والمطار وغيرها من الأهداف أسبوعياً وجهاراً نهاراً"، معتبراً أن: "البعثة منحازة في كثير من مواقفها لصالح دول تدعم حفتر".
ويضيف الأطرش بأن البعثة تورطت في إحدى المرات في تبرير قصف المطار بقول سلامة في إحدى إحاطاته لمجلس الأمن "على حكومة الوفاق عدم استخدام مطار معيتيقة في أعمال عسكرية".

لكن المحلل السياسي الليبي، سعيد الجواشي، يرجع خلفيات مواقف البعثة إلى مواقف الحكومة الضعيفة في طرابلس، إذ إن "الحكومة لا تطلب في كل مرة من البعثة إلا استنكار هذه الحوادث".

ويشير الجواشي في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى بيان الأعضاء التسعة الذين شاركوا في جلسة الافتتاح لمسار المحادثات السياسية في جنيف، الذي اكتفوا فيه بدعوة البعثة إلى "ضرورة إدانة قصف المطار والأحياء المدنية"، على الرغم من امتلاكهم ورقة الانسحاب من جلسات المحادثات للضغط على البعثة لتسمية حفتر بشكل واضح.

ويرى الجواشي أن موقف البعثة الماضي في عدم تسمية الأشياء بمسمياتها يعود إلى تخوفها من فقدان سيطرتها على الأوضاع، خصوصاً من جانب حفتر، الذي أقدم حتى على منع طائرات البعثة من "الحصول على إذن الهبوط في ليبيا" من جانبه، كما أكد ذلك بيانها يوم 12 فبراير/ شباط.

ويمضي الجواشي إلى القول إن البعثة "حريصة على عدم إغضاب حفتر كونه الطرف الذي لا يكترث كثيراً بمواقفها، خصوصاً بعد أن ارتفعت أسهمه بشكل كبير بعد إحكام سيطرته على أغلب أجزاء البلاد وصولًا لحد حصار العاصمة عسكريا".​

المساهمون