بطالة الأردن خارج السيطرة ... والحلول الحكومية تعجز عن التوظيف

12 ديسمبر 2017
ارتفاع نسبة المتعطلين يفاقم الأعباء المعيشية (Getty)
+ الخط -
عجزت الحلول الحكومية عن تقليص معدلات البطالة في الأردن التي تفاقمت بشكل مضطرد خلال الأشهر الأخيرة، خاصة بين الشباب، وسط تزاحم على فرص العمل المستحدثة، وكذلك المنافسة مع العمال الوافدين، الذين يعدون أقل كلفة في الكثير من الحالات وتوفيراً لأصحاب الأعمال.

ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، ارتفعت معدلات البطالة إلى 18% في الربع الثاني من العام الجاري (إبريل/ نيسان ـ يونيو/حزيران)، مقارنة مع 14.7% خلال الفترة ذاتها من العام الماضي 2016.

وبحسب دائرة الإحصاءات فإن البطالة في صفوف الذكور بلغت 13.4%، مقابل 33.9% للإناث في الربع الثاني. وتشير البيانات إلى قفزات في معدلات البطالة، حيث بلغت نهاية عام 2015 نحو 13%.

ولم يفلح مؤتمر خصص لبحث مشكلة البطالة بتنظيم من مجلس النواب (البرلمان) في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في إيجاد آليات مناسبة للحد من المشكلة، من خلال توفير فرص العمل وتوجيه الشباب للأعمال الحرة.

وباتت الحلول المطروحة لمواجهة الأزمة تقليدية، وفق خبراء في التوظيف، مشيرين إلى أن هناك تبريرات حكومية بارتفاع نسبة العاطلين إلى العمالة الوافدة وثقافة العيب (العمل في وظائف حرفية ومتدنية) والعمالة الوافدة.

وتؤكد وزارة العمل أن أحد أهم الأسباب الرئيسية لارتفاع مشكلة البطالة، هو ارتفاع أعداد الأيدي العاملة الوافدة من مختلف الجنسيات، والتي تستحوذ على نسبة كبيرة من فرص العمل القائمة وكذلك التي تستحدث كل عام في مختلف القطاعات.

وتسيطر الأيدي العاملة الوافدة على العديد من القطاعات كالزراعة والإنشاءات وأسواق الخضار والفواكه والخدمات والمطاعم وغيرها.

وبحسب وزير العمل علي الغزاوي في تصريحات صحافية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإن هناك أكثر من 800 ألف وافد يعملون في الأردن من دون تصاريح عمل، فيما يبلغ عدد الحاصلين على تصاريح بين 312 و350 ألف وافد.




واتخذت الحكومة العام الحالي عدة إجراءات لتخفيض العمال الوافدين وإحلال الأردنيين مكانها، إلا أن هذه الإجراءات لم تحقق نتائج إيجابية على أرض الواقع.

لكن المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل محمد الخطيب، قال في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تعمل جاهدة على خفض معدلات البطالة بالعمل على عدة محاور، من أهمها ضبط العمالة الوافدة وحصرها في قطاعات معينة وتحفيز الأردنيين للعمل في مختلف المجالات.

وأضاف الخطيب أنه يتم أيضًا تأهيل الأردنيين وإكسابهم المهارات اللازمة، من خلال البرامج التي تنفذها مؤسسة التدريب المهني والمؤسسات الحكومية والخاصة الأخرى، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل أيضا على إيجاد فرص عمل للأردنيين في الخارج، حيث يتم باستمرار تلبية احتياجات بعض البلدان، خاصة الخليجية.

في المقابل لا يستبعد الأردن عودة أعداد كبيرة من مواطنيه العاملين في دول الخليج العربي، خاصة في ظل استمرار تراجع أسعار النفط وحصار قطر وكذلك الأوضاع التي تمر بها السعودية.

ويقدر عدد الأردنيين العاملين في الخارج بأكثر من 700 ألف شخص، غالبيتهم في دول الخليج، وتشكل تحويلاتهم المالية أحد الروافد المهمة للاقتصاد الأردني وتساهم في تحريك النشاطين التجاري والعقارات بشكل خاص.

وشهدت الأشهر القليلة الماضية عودة أعداد كبيرة من الأردنيين العاملين في دول خليجية، نظراً لارتفاع تكاليف المعيشة هناك وعدم مناسبة أجورهم للأوضاع الاقتصادية الجديدة للبلدان العاملين فيها.

وقال رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض لـ"العربي الجديد"، إن "مشكلة البطالة في الأردن في تزايد متسارع، نتيجة لتراجع قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الداخلين سنوياً إلى سوق العمل".

وأضاف عوض: "في ظل الظروف الراهنة وأرقام البطالة المرتفعة التي ربما تزيد بكثير عن الأرقام الرسمية المعلنة، ينبغي على الحكومة والجهات ذات العلاقة البحث عن حلول واقعية للمشكلة بالتعاون مع القطاع الخاص".

وتقدر منظمات دولية، من بينها البنك الدولي، نسبة البطالة بالأردن بأكثر من 35% وفق بيانات حديثة، وذلك بخلاف ما أعلنته الحكومة حيث أن هناك مجالات عمل موسمية وغير مستمرة.

وتابع أن الحكومة تملك مساحات كبيرة من الأراضي التي يمكن استغلالها من الشباب والاستثمار فيها خاصة في الزراعة، يوفر فرص عمل ويعزز الإنتاجية، مشيرا إلى أهمية أن توفر المنشآت الاقتصادية وقطاعات العمل التأمينات الصحية والاجتماعية للعمال الأردنيين وتحسين الأجور حتى تضمن توفير الأيدي العاملة وضمان استمراريتها.

ويعتبر القطاع العام المشغل الأكبر للأردنيين، ما تسبب في تضخم الجهاز الحكومي وزيادة الترهل وتنحصر غالبية التعيينات السنوية حاليا في قطاع التعليم والصحة.




وكانت الحكومة قد قررت، في سبتمبر/أيلول الماضي، البدء في إجراءات لخفض العمالة الوافدة بنسبة تتراوح بين 10% و25% سنوياً، حسب القطاعات المستهدفة، ابتداء من العام الحالي 2017 ولفترة تمتد حتى عام 2021، لكن مستثمرين وخبراء اقتصاد قللوا من جدوى هذه الخطوة، في ظل عزوف الأردنيين عن العمل في مهن كثيرة يشغلها الوافدون.

وبحسب وزارة العمل، فإن هذه الخطة توفر حتى عام 2021 نحو 71 ألف فرصة عمل، حيث تتضمن زيادة تشغيل الأردنيين في ستة قطاعات رئيسية، هي السياحة، الصناعة، التشييد والبناء، الزراعة، الخدمات، والطاقة (محطات بيع المحروقات).

وفي مقابل الإصرار الحكومي على تقليص العمالة الوافدة، يخشى القطاع الخاص من تضرر الأعمال، خصوصا أن أغلب الأعمال التي يقدم عليها الوافدون وتتركز في الزراعة والإنشاءات والخدمات، لا تحظى باهتمام الأردنيين لتدني الأجور، فضلا عن عدم تمتع هذه القطاعات بمزايا تأمينية، وفق خبراء توظيف.

وكانت بيانات صادرة عن المرصد العمالي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن أغلب الأردنيين يعزفون عن العمل في المصانع، رغم ارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين بشكل كبير، الأمر الذي أرجعه متخصصون إلى تدني الرواتب في القطاع الصناعي وطول ساعات العمل.

وذكر المرصد أنه رغم المحاولات الحكومية لتشجيع الأردنيين للعمل في المصانع، إلا أن تقارير وزارة العمل الخاصة برصد عدد العمال في المناطق الصناعية المؤهلة تثبت أن نسب العمالة الأردنية تتراوح بين 19% و23%، ما يشير إلى انخفاض الإقبال.

وأشار إلى عدم توفر شروط عمل لائقة في المصانع، حيث لا يتجاوز الأجر الشهري 220 دينارا (310 دولارات)، فضلاً عن طول ساعات العمل، وإجبار العمال على العمل أيام العطل والإجازات الأسبوعية، وعدم إعطائهم البدل المناسب لقاء العمل الإضافي، فضلا عن سوء المعاملة التي يلقاها العمال في بعض المصانع، وعدم توفر شروط الصحة والسلامة المهنية.

وبحسب وزير الصناعة والتجارة والتموين يعرب القضاة، خلال لقاء نظمته غرفة صناعة الأردن مطلع الشهر الماضي، فإن نجاح البرنامج في تشغيل الأردنيين مرتبط بشكل كبير بتعاون القطاع الخاص، مشيرا إلى وجود تنسيق مستمر مع وزارة العمل من أجل دعم وتحفيز القطاع الصناعي.

المساهمون