بصمات داعش في الرقة

20 اغسطس 2016
لا أحد يرحم أهل الرقة (الأناضول)
+ الخط -
للعام الثالث على التوالي يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على مدينة الرقّة في شمال سورية. التنظيم المصنف إرهابياً على المستوى الدولي ينتهج في المدينة منهجاً تكفيرياً متشدداً، ويفرض على الأهالي قوانين متشددة تطاول الرجال والنساء، ولا تكتفي بوقف العملية التعليمية، بل تؤدي في كثير من الأحيان إلى الإفراط في قتل الأهالي باتهامات جاهزة دائماً كالكفر والردّة عن الإسلام.

تفيد مصادر أهلية، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لأسباب أمنية، في حديث مع "العربي الجديد" أنّ "نحو مليون ونصف مليون مواطن سوري يعيشون في الرقة وريفها، معظمهم نازحون إلى المدينة من مختلف المناطق السورية، وهاربون من القصف الجوي أو من المعارك في المناطق التي يخسرها التنظيم كتدمر وريف الحسكة وريف حلب. يعيش هؤلاء في أجواء من الرعب الدائم إن كان بسبب القصف الجوي الدائم أو الانتهاكات التي يرتكبها التنظيم في حقهم من قتل واعتقال وتضييق معيشي".

تلفت المصادر إلى أنّ "معظم من بقي في الرقة هم من الأطفال والنساء وكبار السن، حيث هجرها شبابها إلى تركيا ومناطق المعارضة والنظام مع بداية سيطرة التنظيم. ويتواصل تهريب العائلات عبر مهربين من الرقة إلى لبنان، في ظل منع التنظيم الأهالي من مغادرة مناطقه، عبر مناطق المعارضة والنظام. كذلك، توجهت قلة منهم إلى مناطق النظام قبل أن يغلقها في وجههم، ويتجمع آلاف النازحين في البادية على أطراف محافظة ريف دمشق، يعانون من أوضاع إنسانية صعبة في ظل نقص المواد الغذائية والطبية".

وعن الحياة داخل الرقة، تشير المصادر إلى أنّ "الظروف المعيشية صعبة جداً، فالتيار الكهربائي لا يتوفر أكثر من ساعتين إلى أربع ساعات يومياً، كما جرى التضييق الشديد على استخدام الإنترنت، ومنعت صحون الأقمار الاصطناعية ومستقبلات البث الفضائي، فقد صودر الموجود منها وأتلف".




وفي الإطار نفسه، تلفت المصادر إلى أنّ "من أكثر المخاطر التي تهدد أطفال الرقة ومستقبلهم، تعامل التنظيم مع التعليم الذي أوقفه منذ نحو عامين. وفي الوقت عينه، فرض مناهج تعكس فكره وفرض إجراء دورات شرعية للمدرّسين، ومنع الدروس الخصوصية، ليكتفي بعدها بالحفلات الدعوية، القائمة على الإبهار البصري والإغراءات، لإلحاق الأطفال بساحات القتال في صفوفه".

من جهتهم، يحذر ناشطون من مدينة الرقة من "نتائج سياسات التنظيم على الأطفال، فمناهجه وحفلاته وإغراءاته، ستحول جيلاً كاملاً من أبناء المنطقة إلى مجموعة متشددين يحملون أفكار التنظيم، في حين يتفرج العالم على ما يحدث مكتفياً بتوصيف خطر داعش، وغداً يصنّف هؤلاء الأطفال بالإرهابيين ويدعو إلى قتالهم، وهو المسؤول عما وصلوا إليه".

لا يقلّ الوضع الصحي في الرقة سوءاً عن باقي القطاعات، فقد قال ناشط من المدينة يدعى أبو أحمد الرقّاوي لـ"العربي الجديد": "لقد ضيّق التنظيم على العاملين في القطاع الصحي، مانعاً جميع المنظمات الصحية من العمل في مناطقه بحجة أنّها عميلة للغرب، في وقت يعاني ما تبقى من المستشفيات من نقص شديد في المعدات، في ظلّ القصف وعدم الصيانة". يضيف: "يعاني الأهالي أيضاً من نقص شديد في الأدوية. فالأخيرة يتحكم في تجارتها التنظيم، ويبيعها بأسعار مرتفعة".

يلفت الرقّاوي إلى أنّ "التنظيم ضيّق كذلك على الكادر الطبي خصوصاً الأطباء، الذين وضعهم تحت الإقامة الجبرية، وهدد من يغادر مناطقه بهدر دمه ومصادرة ممتلكاته. وبالرغم من ذلك، فقد غادر معظم الأطباء الرقة، ما دفع التنظيم إلى الاعتماد على أشخاص ذوي خبرة طبية ضعيفة، ومن غير أصحاب الاختصاص في مراكزه الطبية. كذلك، افتتح داعش كليّة طب في الرقة تدرّس الاختصاص بنصف المدة الزمنية للجامعات السورية".

فوائد اقتصادية
يستفيد تنظيم داعش من الرقة اقتصادياً، فهو ينتج يومياً نحو 1600 برميل من النفط من بئر الطبقة. كذلك، يستفيد من الطاقة الكهربائية التي ينتجها سدّا الفرات والبعث. وأيضاً هناك كميات كبيرة من القمح حصل عليها من صوامع الرقة وتقدر كميتها بـ600 ألف طن. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل نهب التنظيم آثار المدينة ومحافظتها، وفرض على المواشي رسوماً مرتفعة كالزراعة والتجارة.