بشار يحرق البلد

08 مايو 2016
+ الخط -
غمر الأحمر صفحات السوريين الثائرين، ونبضت قلوبهم بدماء حلب التي سالت ألماً في كل ما كتبوه: حلب تحترق، حلب تنزف، أنقذوا حلب.
نساء وأطفال انبعثت صورهم وأرواحهم من تحت الركام، في أعنف قصف وحشي شهدته المدينة، قصف يبرز حقد النظام على المدينة.
حلب ثاني أكبر مدينة سورية، عاصمة البلاد الاقتصادية، وأقدم مدينة في التاريخ، تحولت أحياؤها وأسواقها وآخر مستشفى فيها الى ركام.
وليست مصادفة أن يكون اسم المستشفى الذي قصف، وكان يعمل فيه آخر طبيب أطفال في حلب "مستشفى القدس"، فأخيراً أثبت النظام أنه مقاوم وممانع، وأنه مع حقوق الشعوب المستضعفة، وأن هدفه "القدس".
النظام الذي يقصف حلب اليوم ويقتل مدنييها، مازال يرفع شعار محاربة الإرهاب الذي يفترض أنه يقتل المدنيين، فأي تماه بين النظام والإرهاب.
هو النظام نفسه الذي يقدم نفسه ممثلاً شرعياً للشعب السوري، هو الذي أرسل الشعب السوري إلى الموت، مرة بالبراميل المتفجرة، ومرة بقوارب الموت، ومرة بالسلاح الكيماوي.
النظام الذي يحب أن يظهر رجاله ببزات أنيقة ودقون حليقة، ليظهر للعالم علمانيته، بعد أن فخخ المجتمع السوري بأحقاد طائفية يلزم وقت طويل لتفكيكها.
النظام "العلماني" نفسه الذي يتم فضح أحد ضباط استخباراته، بعد أن تم تجنيده أميرا للبادية في تنظيم داعش الإرهابي، وقد تنكّر، أخيراً، بثوب "ناشط مدني"، ممثل في معارضة النظام المفبركة في مطار حميميم العسكري الروسي.
هو النظام نفسه الذي يدمر حلب، أهم مركز صناعي وتجاري سوري، غير آبه بشيء، لأنه ببساطة لا يدير بلداً ولا يحتاج اقتصاداً، بل هو مجرد عصابة مارقة، تكالبت على خيرات البلاد، وامتصت دماء السوريين خمسين عاما، وانتشرت روائح فساده حتى "بنما".
النظام "الممانع" الذي قدم الخدمات الجليلة لإسرائيل، ولم يطلق رصاصةً عليها، استجلب كل قذائف الأرض، واخترع بدعة البراميل المتفجرة المهلكة لقتل شعبه المقاوم.
قدم هذا النظام للعالم كله ما يود العالم سماعه، نظاماً علمانياً مدنياً متحضراً، فيما كان في سورية يبرهن، خمسين عاماً، أنه أبشع عصابة عرفها التاريخ، فجرائم القتل والسطو المسلح والإبادة لم يسبق أن شاهد العالم سابقة لها.
لم يكن ليحدث ما يحدث اليوم في حلب، لولا تواطؤ المجتمع الدولي، ولولا تواطؤ أميركا وروسيا معاً في سبيل إبقاء هذا النظام، وفيما توجد روسيا لنفسها قواعد عسكرية هنا، حقق أوباما ما لم يحققه أي رئيس أميركي سابق في سوق بيع السلاح للعالم العربي لمساندة الأنظمة على إحراق الربيع.
زعيم العصابة الذي خرج شبيحته ومرتزقته ليهددوا الشعب السوري بـ "الأسد أو نحرق البلد"، ويحولوها أرضاً محروقة، مازال هذا العالم يعتبره رئيساً.
وبعد هذا، أفلا تستحق المجزرة أن نفضحها بصراحة، وبدل أن نقول "حلب تحترق"، أن نعلنها بجلاء "بشار يحرق البلد".
98EEBF66-55C8-4A24-B7AF-E62BD4DA38ED
98EEBF66-55C8-4A24-B7AF-E62BD4DA38ED
هنادي زحلوط (سورية)
هنادي زحلوط (سورية)