بشار داعش الأسد

29 اغسطس 2014
+ الخط -


لم نعد نرى ونسمع في الإعلام العربي والعالمي سوى عن مجازر داعش، لم يعد اهتمام العالم أجمع سوى كيفية القضاء على داعش، لكننا، أيضاً، لم نعد نسمع ونرى من الإعلام أي شيء عن مجازر بشار الأسد كالسابق، مع أن الأسد وداعش وجهان لعملة واحدة.

قبل ظهور داعش، كان الأسد، ومازال، يقتل السوريين من دون تفريق، يقصف المساجد ويدمر الآثار، يقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة والصواريخ، يعتقل ويعذب المتظاهرين السلميين، وكل من يخالفونه حتى الموت، كما تفعل داعش الآن. لكن الأسد، وبسبب الضغوط والحصار الكبير الذي تعرض له من الثوار، استعان بحالش، وبالمليشيات العراقية الشيعية التي شاركته المجازر، بل تفوقت على أستاذها، إلى أن وصل الحال بالأسد إلى أن يخلق فزاعة داعش للعالم، مبتغياً إنقاذ نفسه.

لكن الجميع من كبار الدول والعالم نسوا أن داعش رتبت أوراقها بمساعدة الأسد، ومن معه، فجعلها قوة إرهابية كبيرة، تقوم بالمجازر التي تشبه مجازره. هل نسي العالم الفيديوهات التي رأيناها، طوال فترة الثورة، حتى ظهور داعش، من إجرام جنود الأسد وشبيحته؟ هل نسي العالم أطفال درعا واقتلاع أظافرهم؟ هل نسي العالم الطفل حمزة الخطيب؟ هل نسي العالم من اقتلع حنجرة منشد الثورة ابراهيم القاشوش؟ هل نسي العالم من اغتصب الحرائر في السجون وغير السجون وقتلهن من دون رحمة، أم أن الإدارة الأميركية تفضل هذا النوع من القتل والتعذيب على القتل بقطع الرؤوس؟

لن نذهب بعيداً، فإذا نظرنا إلى صور المعتقلين الشهداء في سجون الأسد عند تسريبها، التي بلغ عددها 51 ألف صورة، لرأينا هول المجازر التي فعلها سجانو الأسد بهؤلاء المعتقلين. من يفعل بهم ذلك، ومن يقصف بالطائرات الأطفال والنساء، ومن يدمر كل البلاد من دون إحساس أو رحمة، هو نفسه، اليوم، من يقطع الرؤوس من دون رحمة بكل تأكيد. فهل تعتقد أميركا، مثلاً، أن سجاني الأسد أقل رحمة من داعش؟ لا بكل تأكيد، فمن يذبح ويجوع ويعذب ويغتصب ويحرق الصغير قبل الكبير، هو نفسه تماماً من يقطع الرؤوس، لكن الاسم فقط هو الذي تغير، كخدعة أسدية، بمحاولة يائسةٍ منه لتحسين صورته أمام العالم، الذي قد يقول، وربما قالها بالفعل، إن جرائم الأسد أخف وأهون من جرائم داعش.

لكن، وبمناسبة ذكرى مجزرة الكيماوي التي راح ضحيتها، آنذاك، أكثر من 1500 شخص، جُلهم من المدنيين، نساءً وأطفالاً، نسأل بحسرة. من يقدم على هكذا فعل ويتحدّى العالم باطمئنان، قد وصل إليه مسبقاً، يا ترى، هل لديه أي مانع من تجهيز لون آخر، يقطع الرؤوس بدلاً من ضرب الكيماوي الذي سلمه الأسد بخطة سياسية خبيثة بينه وبين الغرب؟ هل لديه مانع من تجهيز ألوان إجرامية أخرى بأسماء جديدة ليظهر نفسه البريء؟ هل لديه مانع من قطع رأس صحافي أميركي، ليخبر إعلام العالم أن داعش فقط الذي يجب القضاء عليه وليس هو؟

فبإرساله منذ أيام رسائل إلى الغرب، عن قصفه الرقة ومقراتٍ داعش، والذي، كالعادة، لا يجب أن يمر قصف الأسد من دون مجازر في حق المدنيين هناك، يقول باختصار أريد إثبات حسن النية، وإذا كان صادقاً في قوله هذا، فلماذا لم يقصف داعش في الرقة، قبل صدور قرار مجلس الأمن أخيراً، وقيام الطائرات الأميركية بضربهم في العراق، وأخيراً خروج وليد المعلم الذي نسف المؤامرة الكونية التي تقودها أميركا على نظام الأسد، كما كان يدّعي، وأرسل رسائل لها بأن يدنا معكم لدحر الإرهاب، في محاولة فاشلة ومتأخرة من الأسد، الذي حاول الاستفادة، اليوم، من تنظيم داعش لإعادة الشرعية الدولية الى نفسه.

إذن؛ من أعدم وقطع رؤوس السوريين وغير السوريين الأبرياء، هو باختصار الذي يريد أن يرى فقط بعين واحدة، هو بشار داعش الأسد، لا غيره.

avata
avata
رائد الجندي (سورية)
رائد الجندي (سورية)