دقت الساعة الثانية عشرة صباحاً بتوقيت دمشق، معلنة قدوم عام جديد على السوريين، مع إطلاق رصاص حيّ بلغ أشده، بعد سماع حواجز قوات النظام في العاصمة، أن رئيسهم يتجول في حي "جوبر" الدمشقي. الخبر العاجل بثته القنوات الحكومية السورية "الفضائية، الإخبارية وسما". وتبعه تقرير تلفزيوني عن الزيارة مع صور نشرتها صفحة رئاسة الجمهورية العربية السورية على "فيسبوك".
كان الرد الأول للناشطين السوريين، تكذيب زيارة الأسد لحي جوبر، إذ نفت "شبكة شام الإخبارية" خبر الزيارة، عبر بيان لها، جاء فيه: "أورد التلفزيون السوري خبراً مفاده وصول بشار الأسد برفقة عدد من الضباط إلى حي جوبر، ونفى ناشطون لشبكة شام هذا الخبر جملة وتفصيلاً مؤكدين أن اشتباكات عنيفة تدور على جبهات الحي".
وعزز الناشطون النفي من خلال تحليلهم للفيديو التمثيلي، مؤكدين أنه تواجد في منطقة الزبلطاني الآمنة نسبياً والبعيدة 5 كم عن مدخل حي جوبر، بعكس ما قيل. كما تم تداول صورة مأخوذة من فيديو الزيارة تظهر الأسد يصافح أحد أفراد جيشه، وخلفه تظهر لافتة "مديرية نقل محافظة مدينة دمشق" الموجودة في الزبلطاني شرق دمشق بالقرب من الكتل الصناعية. بالإضافة لأنه لا يوجد في جوبر بناء غير محروق أو مهدم ولو جزئياً، والكهرباء مقطوعة منذ ثلاث سنوات، بعكس ما أظهره المقطع.
التقرير الذي عرضته القنوات الرسمية السورية، نال من التعليقات ما ناله الخبر، من رداءة في التمثيل والإخراج، والعفوية المزيفة. إذ وصف الأسد ككومبارس فاشل في مسلسل، حيث بدا الجندي السوري مستغرباً وجود قائده معه، وكأن الزيارة مفاجئة، وكأنهم لا يرون الكاميرات والإضاءة الجاهزة.
واتفق الناشطون على التهكم على الخبر الذي هدف أساساً لرفع معنويات المؤيدين، ودعاية لنصر في بداية العام الجديد. حيث ركز الناشطون على تفاصيل صغيرة كانت مدخلهم لنقد الفيديو والصور. فأثناء سلام الأسد على عنصر مرابط على المتراس، حاملاً "روسيّته"، مع أصوات رصاص متفرقة وفق فواصل زمنية محددة، اكتشف الناشطون أن الجندي المتفاجئ أغلق أمان بندقيته. وأن التقرير كان موجز تمثيل كما عادة إعلام النظام.
حيث كتب سامر الشطة: "حتى في التمثيل فاشل يا بشار، فشلت رئيساً فشلت طبيباً فشلت ممثلاً، عليك أن تحترف التهريج، فالمقومات موجودة".
وأردف الناشط، أبو هادي: "أنا كإنسان سوري، أخجل من نفسي عندما أتذكر أن الأسد ما زال رئيساً لبلد عظيم مثل سورية، بعد كل شلال الدم الذي لم يتوقف، بعدما أعلن الموت الجماعي للإنسان السوري، مطلقاً الرصاصة الأولى التي قتلت لليوم أكثر من 200 ألف سوري، يأتي كمعتوه يمشي فوق أطلال المدن التي دمرها جيشه".
كما أخذ الناشطون يستذكرون زيارات الأسد لمناطق سورية خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ اعتبروه "وجه نحس" على أداء جيشه. فبعد كل زيارة له لموقع عسكري يتم السيطرة عليه من قبل الجيش الحر ويخرج عن سيطرة النظام، كما حدث في حلب والرقة.
أراد الأسد استفزاز خصومه بداية العام الجديد، لكن الحادثة انقلبت عليه، فكان صداها ساخراً متهكماً من قبل الناشطين المعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي، فبعد سنتين من البطولات الزائفة، استطاع أخيراً أخذ صورة مع جنوده على خط تماس، حيث كتب علي دياب من الزبداني: "عندما يعتبر "رئيس" "جمهورية" أن زيارة له إلى حي الزبلطاني، الذي يبعد 3 كم عن قصره في عاصمة جمهوريته نصراً، فيجب أن يدرك أنه قليل عليه أن يكون رئيساً، لا بد وأن يكون رئيس بلدية حي المهاجرين وما حولها".
بالمقابل اكتفت الصفحات المؤيدة بعبارات "الله يحمي الجيش" حيث أطلق هاشتاغ "#الله_يحمي_الجيش"، فكان جواب المعارضين، "أي جيش منهم جيش المهدي، أم جيش المختار، أم جيش أبو الفضل عباس، أم لواء ذو الفقار، أم الحرس الثوري الإيراني".
الأسد قرر قضاء سهرة رأس السنة، والتقاط الصور التذكارية في الجبهات المشتعلة. صور مستعطفة لجمهوره من المؤيدين، رسالتها أنه إنسان طبيعي، متواضع، يأكل البطاطا ويشرب الشاي مع جنوده. فعلق الصحافي نضال معلوف على الأمر بلسان الجيش: "لقد قمنا بورشة حرب حقيقية في مناطقكم لزوم زيارة السيد الرئيس لأحد الأحياء على تخوم جوبر، رحم الله الشهداء والشفاء العاجل للجرحى، نأسف على إزعاجكم والتسبب في موتكم فإننا نعمل من أجل أن نلتقط له الصور".