بشار الأسد.. فسر الماء بعد الجهد بالماء

06 اغسطس 2014
المياه السورية صناعة النظام(فرانس برس/getty)
+ الخط -

أذكر هذه الحادثة وكأنها حصلت للتو، يوم ساق النظام الإعلام كالنعام، لمرافقة "الرئيس القائد بشار الأسد" في تدشين معمل مياه عين الفيجة بريف دمشق، وأذكر التاريخ جيداً 11\6\2007 لأنه في هذا اليوم، كانت كل من ايران واسرائيل منهمكة في بناء تكنولوجية اقتصادية هائلة، ففي اليوم ذاته، أطلقت إيران قمراً صناعياً محلياً، وأعلنت إسرائيل عن منظومة صاروخية متطورة.

وأذكر حينها أننا تهكمنا بألم، على بلد عمره سبعة آلاف عام، يدشن رئيسه معمل تعبئة مياه جوفية لا فضل فيها للممانعة ولا لحزب البعث عليها من منّة، بل كل ما في الأمر أن ثمة فالقاً تفجرت عبره مياه جوفية موجوداً في ريف دمشق من قبل أن يستولي الأسد الأب على السلطة.

وأذكر تماماً أننا تساءلنا عن المجهود البشري والتقني في تعبئة المياه، وكيف تم تغرير رئيس الدولة ليدشن معمل تعبئة المياه، لكننا علمنا في ما بعد أن للقصة ذيولاً ومواقف، فمدير المؤسسة العامة للصناعات الغذائية في سورية خليل جواد هو زوج المستشارة السياسية والإعلامية في القصر الرئاسي بثينة شعبان، فكان لابد لرئيس دولة وحكومته من الذهاب ليطمئنوا على زجاجات الماء وهي تمتلئ بسلام.

ولكن ما هي مناسبة هذا الطرح الآن، هل فقط  للإيماء إلى أن المسؤولين في سورية باقون على كراسيهم للأبد، أم الإشارة إلى الفتح الصناعي السوري!

حقيقة الأمر، وفي واقع تهديم آلة النظام العسكرية للبنى التحتية، وتخريب المنشآت وشلل الصناعة، للحد الذي بلغت خلاله خسائر هذا القطاع المليار دولار وفق أقل التقديرات، مازال النظام السوري الممانع يتفاخر في إنتاج المياه والأرباح التي تحققها الشركة العامة لتعبئة المياه، دون الإشارة إلى القيم المضافة التي تزيدها الأيدي الماهرة السورية على المياه وهي تعبّأ، أو الجهود والخبرات التي تضفيها وزارة الصناعة على هذا المنتج الاستراتيجي.

وقد لا يمر أسبوع، إلا وتنشر وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا" تقريراً عن تعبئة المياه وعدد الليترات المعبأة ونسبة تنفيذ الخطة الربعية والنصف سنوية والسنوية، بل والأرباح الصافية المحققة، طبعاً دونما إشارة إلى تكاليف الإنتاج والمواد الأولية الداخلية في المياه التي تنبع منذ مئات السنين، وفي إشارة ساذجة إلى أن "سورية بخير"، نشرت وكالة "سانا للأنباء" تقريراً مفصلاً عن الانجازات التي حققتها شركة تعبئة المياه وقيّم الإنتاج والأرباح الصافية، بل وحجم المخازن في مستودعات الشركة، بيد أن الوكالة لم تشر، ربما هفوة، إلى أن معظم المدن السورية تعيش منذ أشهر، ومدينة حلب خاصة، دونما مياه، بل ويشرب السوريون مياهاً ملوثة وغير صالحة للاستخدام البشري، ما أعاد أمراضاً غائبة منذ عقود وأظهر أمراضاً معدية ومميتة، كما لم تتطرق الوسيلة الإعلامية إلى عجز نظام يقتل شعبه ويستبد بكرسي وراثة السلطة، عن "إعادة المياه إلى مجاريها".

خلاصة القول: في حكاية تدشين بشار الأسد لمعمل تعبئة مياه نموذج، ليس عن قتل الصناعة السورية العريقة وتهجير الرساميل للخارج فحسب، بل واستدلال على ذهنية حكمت سورية 14 عاماً وجاءت امتداداً لثلاثين قبلها... ورغم هذا وذاك، يتساءل البعض لماذا ثار السوريون؟!

المساهمون