بريطانيا: تحقيق يكشف فضيحة بيع "تأشيرات ذهبية" للأغنياء

21 يوليو 2019
جواز السفر البريطاني للبيع (دينندرا هاريا/Getty)
+ الخط -
كشف تحقيق لصحيفة "ذا تايمز" اليوم الأحد، أن الأثرياء الروس والصينيين يمكنهم شراء جوازات سفر بريطانية، باستغلال عيب في أنظمة وزارة الداخلية يسمح بتوفير الجوازات للأغنياء على وجه السرعة.

وتم تصوير المستشارين القانونيين والماليين وهم يتفاخرون بدورهم في تأمين عشرات "التأشيرات الذهبية" للعملاء الأثرياء الأجانب، مع عرضهم حذف أي تفاصيل أو معلومات حسّاسة عن مسؤولي الهجرة، مثل علاقات أو روابط مع الدائرة الداخلية للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أو الجيش الصيني.

ونقلت الصحيفة، أنّ مستشارين من وزارة الداخلية البريطانية، أبلغوا مراسلاً سرّياً أنّهم ساعدوا أحد أفراد عائلة معمر القذافي، وابن وزير حكومي تايلاندي فاسد، ومصرياً متهماً بالفساد، وإريترياً له صلات محتملة بالصفقات العسكرية في أنغولا، وأغنياء من إيران والعراق ممّن تأثّرت أعمالهم بالعقوبات، في الحصول على تأشيرات ذهبية.

وأوضح أحدهم أنه "من السهل التساهل" للالتفاف حول اختبارات مكافحة الفساد في وزارة الداخلية، زاعماً أن المسؤولين الذين قاموا بالتدقيق بشأن طالبي التأشيرات كانوا ممّن تركوا المدارس وغير مدرّبين، واستخدموا عمليات البحث على "غوغل"، بل تباهى بعضهم بتوفير سجلات شبه مثالية في مساعدة العملاء من خلال هذه العملية.

وكشف التصوير السرّي لـ "صنداي تايمز" والقناة الرابعة، كيفية قيام وزارة الداخلية بالتحقق من عدد ضئيل من الأجانب الأثرياء، الذين جمعوا مليوني جنيه استرليني للحصول على الجنسية، من خلال برنامج "التأشيرة الذهبية" في المملكة المتحدة.

وذكرت الصحيفة أنّ كشف النقاب عن هذه المعلومات سيضغط على ساجيد جافيد، وزير الداخلية، لإلغاء أو إزالة الفساد في نظام التأشيرة الذهبية. وكانت إدارته قد علّقت هذا النظام لفترة وجيزة في ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي، وسط مخاوف من استغلاله من قبل عصابات الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، ولكن بعد أيام عاد النظام للعمل. وتقول المصادر بأن وزارة الخزانة طالبت بإعادة العمل به.
بدورها طالبت النائب البريطانية مارغريت هودج، وهي الرئيسة السابقة للجنة الحسابات العامّة، بتعليق الخطة على الفور بانتظار تحقيق برلماني ومراجعة جميع المتقدمين السابقين. وقالت: "من المخزي كيف تتعامل البيئة العدائية مع طالبي اللجوء في دائرتي الانتخابية بطريقة رهيبة، بينما نرحب بأموال قذرة في بريطانيا. لن نحافظ أبداً على الرخاء الاقتصادي من خلال الاعتماد على الأموال القذرة".

ووافق هذا البرنامج الذي يتطلب استثمارات تبلغ قيمة الحد الأدنى لها مليوني جنيه إسترليني في شركة بريطانية، على توفير التأشيرة الذهبية لما يزيد عن 11 ألف شخص منذ إنشائه في عام 2008. وسُمي رسمياً بما يُعرف باسم "تأشيرة مستثمر المستوى 1" الذي يمنح الأجانب الأثرياء الحق في العيش في المملكة المتحدة، وفرصة التقديم لاحقاً للحصول على الجنسية وجواز السفر.

بخلاف الدول الأخرى، لا تطلب المملكة المتحدة من طالبي التأشيرات دفع مبلغ مليوني جنيه إسترليني إلى الحكومة، أو وجوب استخدام المال لخلق وظائف بريطانية أو يعزّز مناطق الحرمان. ولا يمنع المستثمرون من إعادة الأموال إلى الخارج بعد أن يحصلوا على الحق في العيش الدائم في بريطانيا.

وفي هذا السياق، قال أليكس ويد أحد خبراء التأشيرات في نايتسبريدج ويلث في لندن لمراسل صحيفة "ذا تايمز": "بمجرد حصولك على تصريح لأجل غير مسمى يمكنك في هذه المرحلة نقل الأموال، وسنخبرك دائماً، حتى لو كنت ترغب في الاحتفاظ بها في بريطانيا، انقلها إلى الخارج، لأنك لا تدفع ضريبة عليها".

وتعاملت الصحيفة والقناة الرابعة مع ست شركات لديها خبرة في تأشيرات المستثمرين، خلال تحقيق استمر ثلاثة أشهر. وانتحل مراسلها صفة مسؤول تنفيذي في هونغ كونغ مكلف بتأمين الإقامة في المملكة المتحدة لأفراد عائلته في روسيا والصين. وأبلغ الشركات أن أحد الأقارب كان ينقل الأموال إلى الخارج من أجل الدائرة الداخلية لبوتين، وأنّ الآخر يدير شركة تكنولوجيا توفر أجزاء للأسلحة التي يستخدمها جيش التحرير الشعبي الصيني.

لم تشعر أي من الشركات بالقلق، لأن السلطة التنفيذية لهذه الشركات كانت تقترح إخفاء الخلفيات العائلية عن وزارة الداخلية، ونُصح المراسل بعدم وجود حاجة لإفشاء القصة كاملة. ومن المعلوم أنّ هذا الأمر يتعارض مع قواعد وزارة الداخلية، التي تطلب من المتقدمين للحصول على التأشيرة الإبلاغ عن أي شيء يشكك في سلوكاتهم الجيدة، والإعلان عن أي أنشطة نيابة عن حكومة أجنبية قد تضرّ بمصالح بريطانيا أو الأمن القومي. في المقابل ادعى بعض المستشارين أن الحكومة قد سلمت في الواقع البنوك وشركات الاستثمار مسؤولية التحقّق من المتقدّمين للحصول على التأشيرة.

وفي نهاية هذا الأسبوع، ذكرت جميع هذه الشركات أن الاجتماعات التي شملها التحقيق أولية، وأن جميع الشركات كانت ستجري عمليات التدقيق الواجبة، كما هو مطلوب من قبل المنظمين، قبل اتخاذ قرار بشأن المضي قدماً.