وسيقوم راب بترؤس الاجتماعات الحكومية والتنسيق بين الوزراء والموظفين الحكوميين، واتخاذ القرارات نيابة عن جونسون في حال عدم قدرته على إدراة الشؤون الحكومية في العناية المشددة. وسيكون ذلك السيناريو المحتمل إذا وضع جونسون على جهاز التنفس الاصطناعي.
وكان جونسون قد أعلن عن إصابته بفيروس كورونا قبل عشرة أيام، ليدخل في الحجر الصحي في مقر إقامته في داوننغ ستريت. ولكن وبخلاف وزير صحته مات هانكوك، الذي أعلن عن إصابته بكورونا في اليوم ذاته، لم تتحسن صحة جونسون، بل ازدادت أعراضها سوءاً ونقل على إثرها إلى المستشفى مساء الأحد.
وبعد تدهور حالته يوم الاثنين، أدخل جونسون العناية المركزة في مستشفى سانت توماس في لندن، وسط مخاوف من عدم قدرته على التنفس، والحاجة لربطه بجهاز تنفس، إلا أن "رويترز" نقلت عن مصادر مقربة من جونسون أنه لا يزال يحتفظ بوعيه، وأن حالته الصحية لا تزال كما هي صباح الثلاثاء.
وقال مايكل غوف، الوزير في الحكومة البريطانية، صباح الثلاثاء لـ"بي بي سي" إن "رئيس الوزراء لا يحتاج إلى جهاز يساعده على التنفس". وأضاف "تحدثت مع أفراد من طاقم رئيس الوزراء، ولكن لم أتحدث معه شخصياً. لديه فريق حوله يضمن استمرار عمل الحكومة".
وأضاف: "سيقوم دومينيك راب بتحمل مسؤولية ترؤس كافة الاجتماعات التي يرأسها رئيس الوزراء عادة. ولكننا نعمل جميعاً لتطبيق الخطة التي وضعها رئيس الوزراء وحشد كافة قدرات الحكومة لمواجهة هذا العدو غير المرئي. سنجتمع سوية كل صباح عند الساعة 9:15. وعادة ما يترأس الجلسات رئيس الوزراء، ولكن يوم أمس واليوم أدارها راب".
ويصر جونسون خلال فترة مرضه على أن يكون على رأس عمله في إدارة الحكومة، وذلك على الرغم من دخوله العناية المشددة. وأشار أمس إلى أنه يريد الاطلاع على تطورات القضايا الأساسية، وأنه مصر على أن ينوب عنه راب "عند الحاجة" فقط.
ولا تمتلك بريطانيا نظام انتقال سلطات محددا دستورياً كالولايات المتحدة. ولكن دومينيك راب يعد نائباً لرئيس الوزراء، وهو ما أكده اختيار جونسون لراب ليحل مكانه مؤقتاً في بيان رسمي.
وسيكون على راب بداية سد الفجوة التي خلفها انتشار فيروس كورونا بين الطواقم الحكومية، حيث إن العديد من الموظفين الرئيسيين قد دخلوا العزل الذاتي أو الحجر الصحي نتيجة لذلك. فكبير مستشاري جونسون، دومينيك كمنغز، مصاب بكوفيد 19، بينما كبير مساعدي رئيس الوزراء إيدي ليستر في العزل الذاتي خشية إصابته بالفيروس.
كما أن حالة التشتت التي تلت غياب جونسون عن الساحة في الأسبوعين الماضيين أدت إلى فجوة في مركز السلطة، وخلافات بين الوزراء حول طريقة ادارة الحكومة لأزمة الفيروس.
وقد نقلت الصحافة البريطانية استياء وزير المالية ريشي سوناك ووزراء آخرين من سعي وزير الصحة مات هانكوك لفرض رؤية وزارته على استراتيجية الحكومة للخروج من الإغلاق التام الحالي.
إلا أن خبراء دستوريين يرون أن شرعية إدارة راب للشؤون الحكومية تأتي من توافق الوزراء مع قراراته. ويستطيع الوزراء إن أرادوا أو اقتضت الحاجة استبداله بشخص آخر حتى عودة بوريس جونسون إلى ممارسة مهامه.
أما في حالة عدم تعافي جونسون من مرضه الحالي، فلن يخلفه راب في منصبه تلقائياً. بل سيكون القرار حينها بيد الوزراء، وربما نواب حزب المحافظين، الذين سيختارون بديلاً يتم تقديمه للملكة اليزابث الثانية، ليتم تكليفه برئاسة الوزراء.
وفي تلك الحال، سيكون رئيس الوزراء مؤقتاً غالباً، بينما تجري انتخابات جديدة لاختيار زعيم لحزب المحافظين مكان جونسون. وعادة ما يكون رئيس الحزب الحاكم رئيساً للحكومة أيضاً. وتعتمد بريطانيا في التعامل مع هذه المسائل الدستورية على السوابق القانونية، حيث إنها لا تمتلك دستوراً مكتوباً. ولكن أزمة فيروس كورونا الحالية غير مسبوقة في عدد من جوانبها، وخاصة في حال أدت إلى تغييب رئيس الوزراء بشكل دائم.
وكان رئيس الوزراء السابق ونستون تشرتشل قد أصيب بجلطة في يونيو/ حزيران 1953، إلا أن مرضه ظل سراً ولم يعلم به أحد حتى وزراء حكومته. واستعاد تشرتشل عافيته بعد شهرين، ليعود لإدارة الحكومة بعد ذلك.
كما كان طوني بلير قد خضع لعلاج لمرض في القلب عندما كان رئيساً للوزراء بداية العقد الماضي، واختار حينها التخفيف من أعباء عمله لبضعة أيام، قبل أن يعود لممارسة عمله بشكل كامل من جديد. وكانت الخطة الحكومية حينها أن يحل نائب بلير، جون بريسكوت، مكانه حتى انتخاب زعيم جديد لحزب العمال. إلا أن الظروف الحالية التي تمر بها بريطانيا، نتيجة للأزمة التي خلفها انتشار فيروس كورونا على مختلف نواحي الحياة، تضع المزيد مع التركيز على ضرورة وجود ثقل سياسي في الشخصية القيادية التي تتعامل مع الأزمة وتبعاتها.
وبالطبع لا يقتصر ذلك على رئاسة الوزراء، بل يشمل أيضاً الوزراء أنفسهم، والذين يتكفلون بمهام أساسية في إدارة الأزمة في الجوانب التي تخضع لصلاحياتهم. فمثلاً تغييب مايكل غوف، والذي ينسق السياسات عبر الوزارات، سيضر قدرة الحكومة على التعامل مع الوضع الحالي.
وهو ما تؤكده كاثرين هادون من المعهد من أجل الحكومة بقولها: "إذا وصل الأمر إلى مرحلة لا يستطيع الوزراء القيام بوظائفهم، فهناك العديد من إشارات الاستفهام حول قدرة وزراء الصف الثاني على قيادة وزاراتهم".