استهجنت الوزيرة البريطانية، تيريزا ماي، مساهمة النساء في القتال مع تنظيم الدولة الإسلامية "بنقابهن وأثوابهن، بينما لا يُسمح للمرأة في بريطانيا، التي تصنّف من الدول الليبرالية، أن تحارب إلى جانب الرجل، في الصفوف الأمامية".
لكن لم تمض فترة وجيزة على هذه التصريحات، حتى بدأت الأخبار، عن نساء غادرن بريطانيا الآمنة، إلى الشرق الأوسط المضطرب، للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية.
دوافع سياسية تشير الأدلة إلى انتساب البريطانيات إلى سرية الخنساء في الرقة السورية. ويؤكد أكاديميون من جامعة "كنج" في لندن، أنّ حوالي 60 امرأة بريطانية، تتراوح أعمار غالبيتهنّ بين 18 و24 عاماً، توجهن إلى سورية للقتال. كما أجرت كثيرات أبحاثاً عن الجهاد في الأسابيع الثلاثة الماضية.
وعن التحاق البريطانيات بـ"داعش"، يقول المستشار النفسي، الخبير في ضحايا العنف والاعتداء الجنسي، إيلي جودسي، إنّ الأسباب قد تكون سياسية. ويفسّر في حديثه إلى "العربي الجديد": "قد يبرز الشعور بانعدام العدالة، لكنّه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتجربة أو معاناة شخصية غير عادلة، تعرّضت لها المرأة، ممّا جذبها إلى ميادين القتال والتصرّف بشراسة".
في المقابل، يعتبر الناشط السياسي والاجتماعي البريطاني المسلم، أنجم شودري، أنّ النساء اللواتي يلتحقن بـ"داعش" في سورية، إنما "يرغبن في العيش في ظل الخلافة الإسلامية". ويقول لـ"العربي الجديد" إنّهن "يردن الابتعاد عن الغرب، حيث تنتشر الجريمة والفاحشة والكحول والقمار، إلى الدولة الإسلامية التي تمنع كلّ هذه الأمور عبر حكم الشريعة".
ويضيف أنّ "الحكومة الإسلامية وولاتها، يتولون توفير الكهرباء والمياه والغاز والتعليم مجّاناً". ويستغرب شودري ردود الفعل الغربية تجاه ذهاب الفتيات إلى سورية: "لطالما دعا الغرب المسلمين، إلى الذهاب إلى بلادهم، إن أرادوا أن يعيشوا وفق الشريعة الإسلامية. فهؤلاء النساء ذهبن إلى بلاد تطبّق فيها الشريعة. وأستغرب تغيير معايير الحكومة التي أعلنت سحب الجواز البريطاني من كل شخص يتجه إلى تلك البلاد".
في الآونة الأخيرة، اختفى العديد من الفتيات البريطانيات. ومنهن أقصى محمود التي التحقت بـ"داعش"، بعد مغادرتها مدينة جلاسكو الأسكتلندية، إلى سورية. هناك تزوجت برجل من التنظيم أواخر العام الماضي.
تبلغ محمود 20 عاماً، وهي باكستانية الأصل. يصفها والداها باللطيفة والمسالمة اجتماعياً. ويتحدثان عن نشأتها في جو عائلي سعيد يملأه العطف والحنان. لكنّها، في عمر الخامسة عشرة، أظهرت المزيد من الاهتمام بالإسلام. وأمضت في أيامها الأخيرة في بريطانيا، معظم الوقت في غرفتها، تتفاعل، في ما يبدو، مع مواقع التواصل المتطرفة.
ورغم أنّها كانت تدرس في جامعة "كاليدونيان"، في جلاسكو، التصوير بالأشعة، فقد تخلّت عن التعليم. توجهت إلى سورية، برفقة امرأة كندية مسلمة، عبر تركيا. هناك بقيت على تواصل مع أهلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لينقطع الاتصال بهم، بعد ذلك، عقب نشر الصحافة أخباراً عن تورطها مع "داعش".
كذلك فضلت الطالبتان "المجتهدتان" من مدينة مانشستر، سلمى وزهرة هيلين الذهاب إلى سورية. هربتا في منتصف الليل من المنزل وركبتا طائرة إلى تركيا. وتبلغ التوأمان 16 عاماً، وتقول عائلتهما إنّهما رغبتا في دراسة الطبّ، لكنّهما لحقتا بشقيقهما، الذي انضمّ إلى "داعش" قبل عام.
من جهتها، رافقت سالي جونز (45 عاماً) من مدينة كنت، زوجها جنيد حسن إلى سورية أواخر العام الماضي. وعلى الرغم من أنّ سالي التي اعتنقت الإسلام، كانت عضواً في فرقة موسيقية، فقد تغيرت تماماً اليوم. فهي المرأة التي ظهرت في أكثر من تغريدة على تويتر، تهدد فيها بقطع رؤوس المسيحيين.
كما اتهمت أميركا وبريطانيا بالإرهاب. سالي أم لولدين، واصطحبت ابنها الأصغر معها، إلى سورية. وفيما يقول جيرانها إنّها كانت تعتقد أنّها ساحرة، وجه كثيرون انتقادات لها عبر الصحافة.
وقال أحدهم: "إلى المرأة البريطانية، التي التحقت بتنظيم الدولة الإسلامية كي تطبّق الشريعة، بينما احتضنت بريطانيا الطالبة، ملالا يوسف زي، من باكستان، التي لجأت إلى هنا، بعد أن أطلق جماعة الشريعة المتطرفة، النيران عليها لأنّها رغبت في الدراسة. هل تريدين فرض الشريعة بالقوة على النساء؟ إن أردت إحداث تغيير، حاربي في سبيل حقوق المرأة ضد التطرّف، كما فعلت ملالا".