بديهيات

17 مارس 2017
+ الخط -
* الثورة ليست مسألة إيجابية أو سلبية، وليست كلمة ذات دلالات رومانسية فكرية كالتي يحاول بعض النسويات والعلمانويين فرضها عليها (ولغوياً ثار يثور ثوراناً، وثارت نفس الإنسان أي اضطربت وهاجت). الثورة انفجار يحدث في مجتمع نتيجة أوضاع سياسية اجتماعية اقتصادية غير سوية ولم تعد قابلة للاستمرار، وهي غالباً ثورة شرعية ضد أوضاع تمييزية. وهي ليست فعل بناء، بل فعل هدم أساساً. 


* عزيزي العلمانوي الراقي، عليك أن تميز بين مجتمعات رأسمالية، شهدت ثورة صناعية، وقامت باستعمار شعوب أخرى مراكمةً الثروات ورأس المال، وخاضت مساراً متعرجاً وطويلاً للإصلاح بدأ من مارتن لوثر في القرن السادس عشر، ومر بأفكار التنوير، وشهد ثورة دموية وتأسيسية كالثورة الفرنسية، ثم موجات الدول القومية في القرن التاسع عشر وثورات ربيع 1848، وصولاً لخوض حربين عالميتين (أي نعم حربين عالميتين)، وبين مجتمعات "عالمثالثية"، تعرضت للاستعمار، وكانت بعيدة عن الثورة الصناعية وكان مسارها السياسي الاجتماعي الاقتصادي مختلفاً تماماً، وهذه تشمل شعوباً في أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا. (هذه النقطة جديرة بالتفكير من النسويات الراغبات بتجاهل مسار طويل من النضال النسوي الغربي والتطور الاجتماعي والفكري في الدول المتقدمة).


* على علاقة بالنقطة السابقة، هل سبق لك أن سألت نفسك لماذا ذهبت اليابان في مسار مختلف تماماً عن جارتها الصين مثلاً، وارتباط النظام الإقطاعي في اليابان في مفارقة لافتة بنجاح التجربة اليابانية لاحقاً.


* نعود إلى سورية قليلاً، مؤشرات التنمية في المناطق ذات الغالبية الكردية، وخاصة في أرياف حلب والحسكة كانت مشابهة تماماً لنظيراتها في مناطق ريفية ذات أغلبية عربية سنية، وكانت المناطق الكردية مهيأة تماماً لانفجار اجتماعي سياسي كالذي حصل في المناطق الأخرى.


* تنسيق حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي مع النظام الأسدي مستمر منذ ما قبل الثورة السورية واستمر خلالها، بما يشمل قمع مظاهرات سلمية خرجت في مناطق ذات غالبية كردية في شهور الثورة الأولى. هذا ليس اتهاماً، هذه معلومة.


* نقطة متعلقة بالـ 250 ناشطاً وناشطة المشهورين من المقيمين سابقاً وحالياً في مدينة دمشق: الشرائح الاجتماعية التي قامت بالثورة السورية مختلفة تماماً عنك، وعن منظومتك القيمية ونمط حياتك وعن أهدافك، لم يسرق لك أحد ثورتـ"ك". والمشاركة في بعض الأنشطة الاحتجاجية ليست بالضرورة أن تكون فعلاً جذرياً مشابهاً لما كان يحصل على بعد كيلومترات قليلة عنك.


* تعرض كتلة اجتماعية لعنف مهول، بما يشمل القتل والاعتقالات الجماعية والتعذيب والقصف والهدم والاغتصاب، من دون أن يكون الأفق يحمل أي تغيير قريب أو عدالة ممكنة أو حتى رواية تحفظ للضحايا سرديتهم، ما كان من الممكن إلا أن يتم الرد عليها بعنف مضاد. ما كان من الممكن، ما كان من الممكن.

* الثورة السلمية فشلت والثورة المسلحة كذلك.


* ثمة مسلمون ملتزمون وإسلاميون ومسلمون "شعبيون وغير مؤدلجين" وغير مسلمين وغير متدينين وملحدين شاركوا في الثورة السورية منذ أيامها الأولى، وإن بنسب مختلفة (بتقديري الشخصي الفئة الثالثة كانت الأوسع).


* التنسيق وتلقي الدعم من دول أخرى، سياسياً وعسكرياً ومالياً وإغاثياً ليس عيباً، العيب أو العار هو في تحولك إلى أداة بيد هذه الدول الأخرى.


* فرض أحكام الشريعة الإسلامية على المجتمع لا يمكن إلا أن يكون فعلاً استبدادياً، حتى لو كان كل سكان المجتمع بلا استثناء مسلمين ومن طائفة واحدة.


* محاكمة الإسلام ضمن الشروط التي ظهر بها قبل 1400 عام هي محاكمة أقل ما يقال عنها إنها متجنية وغير علمية، الإسلام مرّ ويمر بتغيرات تاريخية، هذا عدا عن الاختلاف "الجغرافي" للإسلام، وحتى مع العولمة يتفاعل الإسلام مع المجتمعات المختلفة بطريقة مختلفة، الإسلام الإندونيسي يختلف عن الإسلام السنغالي، والمسلمون الأميركيون يختلفون عن مسلمي مصر وهكذا.

3070E2E5-3B7B-472B-9960-1F5807AC747F
ملاذ الزعبي

كاتب ومدوّن سوري. الجملة الي تعبّر عنه: "لنضحك بالرغم من كل هذا"

مدونات أخرى