بخيبة أمل إضافيةٍ وصدىً وحيد

21 مايو 2015
+ الخط -
حيلة

ثم سَيمسكُ بحيلة المحبّ وعذره
ويسألك لو تأتين من هناك، لو تخرجين من صفحة الكتاب الأخيرة
لو تغفرين له زلة اللسان وتأتأة الجسد،
ثم سيقول إنه يهتدي بيديك في العتمة
وإنه يخاف يمد يده ويخاف يناديك، لكي لا يراكِ خلفه حين يصعد سلم الكتابة،
حين يهبط من درج الليل، سيقول أشياء من قبيل إنه بحاجة لك
وإنه لا يعرف الصواب من الخطأ، الظل من الضوء، مثل الفرق بين الرجال والنساء،لا يعرف وسيبرر الأمر بالفراغ الشاسع الذي يخلقه ليل الوحيدين،
الفراغ الذي ينمو أكثر فأكثر في منفاك، في منفاه،
ثم أنك اليد التي يكتب بها،
أنك اللغة حين تهجر بيت صاحبها
كي ترتب صباح البنت،
ثم سيطفئ النار وينادي اسمك
بكل ذلك الحزن
بكل ذلك الرجاء.
****

أسنان مكسورة

بعدَ ذلكَ
سننتبهُ أنّنا حاولنا جاهدينَ الابتعادَ
حاولنا الخروجَ من البيتِ والصُورةِ والإطارْ،
حاولنا ذلكَ مثل سُكّانِ المُدُنِ البَعيدةِ
حيثُ لا ينتبهُ سائقُ "التاكسي" إلاّ للطَريقِ
حيثُ للنساءِ وظيفةٌ أخرى غَيْر هذه ِ
وللشُعراءِ وظيفةٌ أخرى غَيْر الغًزَلِ والبُكاءْ
وللجُيوشِ وظيفةٌ أخرى غَيْر القَتل.
سننتبهُ أنّنا رَمَيْنا الإطارَ بالحِجارةِ
وأنَّ الصُورةَ بَقِيتْ مَكانها تُحدّقُ بالأبناءِ الوَرَثة.
وأنَّ الأبناءَ يُشبهونَ الآباء، الصَلَعْ ذاته
العُيون ذاتها، ذاتها التي تُحدّق دونَ أنْ تَفْعلَ شيئاً
والمَرَض ذاتُه، رائحةُ الفَمِ والأسنانِ المَكسورَةِ
والمشي دونما خطوط واضحة
مع أنَّ الأبناءَ لا يُحبّونَ الآباءْ
مع أنَّ الآباء لا يطيقون الأبناء
مَعَ أنّنا حاولنا
سننتبه أنَّ الغِناءَ كانَ يُعيدُنا عِنْدَ الباب
ابناً من صنع الأيام.
****

صدى للثلاثين

إن لم تفعل شيئاً حتى الثلاثين
إن لم يكن لك بيتٌ، امرأة وثلاثة أطفال
وسيارة تقف على الباب، سيارة أوبل سكونا،
موديل 88 على سبيل المثال،
إن لم يصطدم صوتك
بصوت آخر في الفراغ،
تناديه أو تسأله على الأقل،
عن مكان الحذاء ولون القميص
تناديه بياء النداء المحببة،
أنْ تعال وأطفئ الضوء
ولا تثقل الخطوة حتى
لا يلمحك الهواء والأعداء
إنني في الثلاثين الآن، قربها، قرب القيامة
بخيبة أمل إضافيةٍ وصدىً وحيد.
****

طير المغني

لا تنادِ ولا تَفتح لهم الباب
كلما جاؤوا أخذوك، وكلما ذهبوا عبر الليل
تبعتهم تبكي قميصك المسروق.
لا تنادِ، شمس المغني بعيدة
وليس غيرك من يهرّب طير المغني من سجنه
ليس سواك من يوقظ القلب المتردّد
ويشنقه بحبل الشوق.
أخوتك ملهاة ورقص حبيبك بعيد،
لا تنادِ، أطفئ النار ورتب الفوضى
الأريكة والأثاث والأصدقاء والكتب والليل...
وألقِ السلام على من ألقى الورد في فراشك
واتركهم على الباب فاكهتك ذابلة وأيامك
لا تعرف عطلة الأحد.
والآن، ما الذي يجيء بك
وقد كمنوا لك ونادوك لتموت
لا تناد.
****

كي تكون ذلك الشاعر

كي تكون شَاعراً
عليك أن تستطيع إعادة قلبك إليك
كل مرة، بعد كل حب، بعد كل حرب
وأنت تتفقد الذي ضاع منك
وأنت تتفقد أسماء الموتى
وأنت تتفقد أباك في الغرفة المجاورة
المؤجل من كلامه والرضا.
عليك أن تنصت وأنت تتفقد كل ذلك
حين يوحى لك بالموت
حين يوحى لك أن الموت يهبط الآن
ولا تابوت للموت و لا قبر
الأمر كله يشبه أن تنادي
ولا يجيبك أحد.
كي تكون ذلك الشاعر
ذلك الروائي
يلزم أن تذهب بيأسك وحدك
كل ما هو لك هو اليأس
والقصيدة تبدأ بكلمة واحدة
مهمة الآخرين
الشاعر والقاص والناقد
هؤلاء الذين يقولون لك " شاعرٌ شاب"
أو: نرفع القبعة لك كي تمر أيها الشاعر
أخذك بعيداً عنها
تفقد كل ذلك ولا تنس
وأنت تمشي بجانب المرأة التي تحب
وأنت تنادي يديها في الليل
مفتاح الحب الغموض
مفتاح القصيدة الألم
من ثم ثق بنفسك أنت وحدك
ولا أحد سواك، لا أحد سواك
يقطف ثمرة هذه الشجرة.
المساهمون