سمير فتوح، أحد سكان منطقة العُمرانية في الجيزة، يمثل شريحة كبيرة من المواطنين الذين يدفعون ثمن التلوث البيئي في مصر. يقول فتوح لـ "العربي الجديد": "يقع منزلي أمام مزرعة لتربية المواشي تطل على الشارع مباشرةً وتنبعث منها روائح كريهة، فضلاً عن مُخلفات الحيوانات المُلقاة في الشارع، ولم أجد حلاً أمامي للتخفيف من حدة هذه الروائح والمشاهد القبيحة سوى إغلاق شُرفة المنزل بشباك من الأولومنيوم بكلفة 300 دولار".
محاربة التلوث
ياسمين سعد، دفعت مبلغاً ضخماً لتتخلص من التلوث، وتقول إن واجهة منزلها القديم في منطقة الهرم في الجيزة كانت تطل على مقلب للقمامة برائحة ممزوجة مع دخان عوادم السيارات، وأمام هذا الوضع كان لا بد من الانتقال إلى مسكن آخر يخلو نسبياً من التلوث". وتضيف "وصلت كلفة المنزل الجديد في حي آخر إلى 53 ألف دولار، وهو ما يعد مبلغاً كبيراً لقاء الهواء النظيف". والأكلاف لا تقتصر على المواطنين، إذ تقول ورقة بحثية لأستاذ علوم الأراضي والمياه بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، نادر نورالدين محمد، إن تلوث الموارد المائية يكبد الدولة خسائر صحية وزراعية تقدر بـ 500 مليون دولار سنوياً. وتقدر الخسارة المترتبة سنوياً عن تلوث هواء القاهرة، بحوالي 1.4 مليار دولار.
التلوث "مادة إعلانية"
ولكن هل يُمكن أن يتحول التلوث من مصدرٍ قلق إلى وسيلةٍ دعائية لشركات العقارات؟ الإجابة في الأغلب كلا، ولكن في مصر حدثت بالفعل. فقد أطلقت شركات عقارية حملات إعلانية لمجمعات سكنية، تستعرض فيها ما تتميز بها المشروعات من هدوء وهواء نقي ومساحات خضراء شاسعة تُنقذ المواطنين من متاعب التلوث التي تدهم جميع المحافظات.
يوضح رئيس شركة المتحدة للاستثمار العقاري، محافظ الإسكندرية الأسبق، أحمد عابدين، لـ"العربي الجديد" "أن الشركات العقارية تواجه مشاكل بيئية أبرزها القمامة وأدخنة عوادم السيارات، لكن الإمكانات المادية القوية لهذه الشركات تمكنها من التغلب على المعوقات البيئية. إلا أن اكلاف إنشاء هذه المدن تعتبر مرتفعة، وكذلك السكن فيها.
وقد صنفت مصر ضمن الدول العشرين الأقل التزاماً بالمعايير البييئة بحلولها في المرتبة 121 بين 141 دولة في مؤشر الاستدامة البيئية الذي يقيس التنافسية السياحية في تقرير التنافسية العالمية لعام 2013- 2014. ما يعني أن تحديات التلوث تواجه قطاعات عديدة، السياحي والعقاري والصحة مثلاً.
"التلوث الهوائي أحد المعوقات التي تعرقل قطاع السياحة في مصر خصوصاً في ظل توجه العالم نحو استحداث الطاقة غير المتجددة لترسيخ مفهوم البيئة الخضراء، ولكن تسير مصر في اتجاهٍ معاكس بقطع خطوات نحو استخدام الفحم الذي يُصنف كأكثر مصادر الوقود تلويثاً للبيئة، ويشكل مخاطر على صحة المواطنين"... هذا ما يقوله عضو الغرف السياحية المصرية أحمد عواد خلال حديثه مع "العربي الجديد".
ووفقاً للبيانات الرسمية هناك 80 فندقاً ومنتجعاً سياحياً فقط في مصر تستخدم الطاقة المتجددة من بين أكثر من 2000 فندق ومنتجع سياحي في البلاد. وتدليلاً على حجم تأثير أزمة التلوث على نشاط السياحة، أرسلت جمعية الاستثمار السياحي في البحر الأحمر مذكرة إلى وزير السياحة، تستنكر فيها اتجاه الحكومة لاستخدام الفحم.
قد يكون الفحم بعداً من أبعاد أضرار التلوث على السياحة، ولكن هناك جانباً آخر يسلط أحمد عواد الضوء عليه، إذ يشير إلى قيام مراكب سياحية عائمة وفنادق بالتخلص من الصرف الصحي في مياه البحر الأحمر والبحر المتوسط ونهر النيل، ما يعرض حياة المواطنين والكائنات البحرية للخطر. ويؤكد عضو الغرف السياحية المصرية أن الأجهزة الحكومية تتخذ إجراءات صارمة ضد هذه المنشآت تصل إلى إغلاقها وتحويل أصحابها إلى القضاء، لما تمثل هذه الجرائم الكثير من المخاطر على كافة مناحي الحياة في مصر، وعلى المواطن والاقتصاد.
خوف على القرار الاستثماري
تتوجه الدولة المصرية لاستخدام الفحم كوقود لتشغيل المصانع لحل أزمة نقص الطاقة. هذا الأمر أثار الكثير من المخاوف لدى المستثمرين والمسؤولين في قطاع السياحة، وخصوصاً أن الأخير يساهم بنحو 13% من الدخل القومي للبلاد. وبحسب الخبراء، فإن الفحم يعزز تأخر المنشآت السياحية في تحسين الاستدامة البيئية التي تلعب دوراً في تحديد الأجانب للوجهات السياحية التي يفضلون زيارتها، كما يؤثر على قرارات الاستثمار السياحي في مصر. وعبر وزير السياحة، هشام زعزوع، عن تلك المخاوف في تصريحات صحافية أطلقها أخيراً بقوله: "قلق الشركات السياحية والعقارية مشروع، لأن البيئة جزء مهم من الدعاية السياحية في أي دولة، ولا يمكن للسياحة والفحم أن يستقيما معاً في نفس المضمار".
إقرأ أيضاً: الضجيج والنفايات يخيفان الاستثمار الغذائي والعقاري في الأردن
التلوث "مادة إعلانية"
ولكن هل يُمكن أن يتحول التلوث من مصدرٍ قلق إلى وسيلةٍ دعائية لشركات العقارات؟ الإجابة في الأغلب كلا، ولكن في مصر حدثت بالفعل. فقد أطلقت شركات عقارية حملات إعلانية لمجمعات سكنية، تستعرض فيها ما تتميز بها المشروعات من هدوء وهواء نقي ومساحات خضراء شاسعة تُنقذ المواطنين من متاعب التلوث التي تدهم جميع المحافظات.
يوضح رئيس شركة المتحدة للاستثمار العقاري، محافظ الإسكندرية الأسبق، أحمد عابدين، لـ"العربي الجديد" "أن الشركات العقارية تواجه مشاكل بيئية أبرزها القمامة وأدخنة عوادم السيارات، لكن الإمكانات المادية القوية لهذه الشركات تمكنها من التغلب على المعوقات البيئية. إلا أن اكلاف إنشاء هذه المدن تعتبر مرتفعة، وكذلك السكن فيها.
وقد صنفت مصر ضمن الدول العشرين الأقل التزاماً بالمعايير البييئة بحلولها في المرتبة 121 بين 141 دولة في مؤشر الاستدامة البيئية الذي يقيس التنافسية السياحية في تقرير التنافسية العالمية لعام 2013- 2014. ما يعني أن تحديات التلوث تواجه قطاعات عديدة، السياحي والعقاري والصحة مثلاً.
"التلوث الهوائي أحد المعوقات التي تعرقل قطاع السياحة في مصر خصوصاً في ظل توجه العالم نحو استحداث الطاقة غير المتجددة لترسيخ مفهوم البيئة الخضراء، ولكن تسير مصر في اتجاهٍ معاكس بقطع خطوات نحو استخدام الفحم الذي يُصنف كأكثر مصادر الوقود تلويثاً للبيئة، ويشكل مخاطر على صحة المواطنين"... هذا ما يقوله عضو الغرف السياحية المصرية أحمد عواد خلال حديثه مع "العربي الجديد".
ووفقاً للبيانات الرسمية هناك 80 فندقاً ومنتجعاً سياحياً فقط في مصر تستخدم الطاقة المتجددة من بين أكثر من 2000 فندق ومنتجع سياحي في البلاد. وتدليلاً على حجم تأثير أزمة التلوث على نشاط السياحة، أرسلت جمعية الاستثمار السياحي في البحر الأحمر مذكرة إلى وزير السياحة، تستنكر فيها اتجاه الحكومة لاستخدام الفحم.
قد يكون الفحم بعداً من أبعاد أضرار التلوث على السياحة، ولكن هناك جانباً آخر يسلط أحمد عواد الضوء عليه، إذ يشير إلى قيام مراكب سياحية عائمة وفنادق بالتخلص من الصرف الصحي في مياه البحر الأحمر والبحر المتوسط ونهر النيل، ما يعرض حياة المواطنين والكائنات البحرية للخطر. ويؤكد عضو الغرف السياحية المصرية أن الأجهزة الحكومية تتخذ إجراءات صارمة ضد هذه المنشآت تصل إلى إغلاقها وتحويل أصحابها إلى القضاء، لما تمثل هذه الجرائم الكثير من المخاطر على كافة مناحي الحياة في مصر، وعلى المواطن والاقتصاد.
خوف على القرار الاستثماري
تتوجه الدولة المصرية لاستخدام الفحم كوقود لتشغيل المصانع لحل أزمة نقص الطاقة. هذا الأمر أثار الكثير من المخاوف لدى المستثمرين والمسؤولين في قطاع السياحة، وخصوصاً أن الأخير يساهم بنحو 13% من الدخل القومي للبلاد. وبحسب الخبراء، فإن الفحم يعزز تأخر المنشآت السياحية في تحسين الاستدامة البيئية التي تلعب دوراً في تحديد الأجانب للوجهات السياحية التي يفضلون زيارتها، كما يؤثر على قرارات الاستثمار السياحي في مصر. وعبر وزير السياحة، هشام زعزوع، عن تلك المخاوف في تصريحات صحافية أطلقها أخيراً بقوله: "قلق الشركات السياحية والعقارية مشروع، لأن البيئة جزء مهم من الدعاية السياحية في أي دولة، ولا يمكن للسياحة والفحم أن يستقيما معاً في نفس المضمار".
إقرأ أيضاً: الضجيج والنفايات يخيفان الاستثمار الغذائي والعقاري في الأردن