بايدن يدخل مرحلة الحسم بالانتخابات الأميركية بكفة راجحة... والمفاجآت تبقى واردة

19 اغسطس 2020
جائحة كورونا تحتّم إجراء المؤتمر بتقنية الفيديو (برايان سنايدر/ فرانس برس)
+ الخط -

كما كان منتظراً، أعلن مؤتمر الحزب الديمقراطي الأميركي ترشيحه رسمياً لجو بايدن لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، فيما تترقب الأنظار، غداً الخميس، خطابه لقبول الترشيح في اليوم الأخير للمؤتمر الذي جرى ولأول مرة عبر تقنية الفيديو؛ بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا.

المخاوف نفسها ستكون حاضرة خلال مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي دونالد ترامب، إذ سيتم كذلك تنظيمه عبر تقنية الفيديو.

لكن اللافت في مؤتمر الديمقراطيين، أنه، ولأول مرة، شاركت في فعالياته شخصيات سياسية وازنة من الجمهوريين العتاق المناوئين لترامب، مثل المرشح الرئاسي الجمهوري وحاكم ولاية أوهايو السابق، جون كاسيك، ووزير الخارجية السابق كولن باول، حيث ألقى كل منهما كلمة دعا فيها إلى دعم بايدن.

سابقة غير معروفة، خصوصاً وأنها تتكامل مع نشاط انتخابي مكثف تقوم به مجموعة من نخب الحزب الجمهوري تحت اسم "مشروع لنكولن" ضد التجديد لرئاسة ترامب.

ومثل هذا الانسلاخ على نخبويته، يشكل إضافة لحملة بايدن ويعطيها نكهة تنويع بقدر ما يعكس حالة انشقاق ولو بسيط في صفوف الحزب لغير صالح الرئيس.

كما تحدث في المؤتمر رهط من قيادات ووجوه الحزب الديمقراطي، من بينها الرئيسان السابقان جيمي كارتر وبيل كلينتون. وغداً يأتي دور الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما.

وكان المؤتمر قد بدأ أعماله وسط أجواء وحسابات مناسبة للمرشح جو بايدن. فهو متقدم على ترامب بمعدل 8 نقاط، حسب آخر خمسة استطلاعات رأي. ولا تبدو الظروف المواتية لنائب أوباما السابق، بصدد التراجع. ففيروس كورونا شهد أخيراً فورة أدت إلى زيادة الوفيات بمعدل ألف يومياً خلال العشرين يوماً الماضية. وتيرة يخشى من تزايدها، خاصة إذا ما اختارت بعض الولايات استئناف الدراسة كالمعتاد في موعدها الأسبوع المقبل.

وبذلك، يستمر التعثر الاقتصادي ومعه تراكم البطالة، فيما عجز الكونغرس حتى الآن عن إقرار حزمة دعم وتحفيز لمواجهة التداعيات. وزاد من ثقل اللحظة على البيت الأبيض، أنّ لجنة مجلس الشيوخ أصدرت اليوم تقريرها عن نتائج تحقيقها في موضوع التدخل الروسي في انتخابات 2016، والذي كشف أنّ الرئيس ترامب طلب ونال مساعدة موسكو في الانتخابات. وأهمية ذلك أنه صادر عن لجنة يشكل الجمهوريون أغلبيتها، بحيث لا يعود من السهل على البيت الأبيض وصم التقرير بالانحياز ضده. 

الفارق الذي يتمتع به بايدن مريح لكنه غير مطمئن لفريق من مؤيديه

كل ذلك يتكدس قبل 11 أسبوعاً من موعد الاستحقاق الانتخابي الأبرز في الولايات المتحدة الأميركية. مسافة صارت معها فسحة الاستدراك ضيقة. لكنها ليست معدومة بالضرورة؛ على الأقل بلغة الأرقام.

فالفارق الذي يتمتع به بايدن مريح لكنه غير مطمئن لفريق من مؤيديه. فهو لا يزال على حاله تقريباً منذ الربيع الفائت، من غير أن يحقق أي قفزة حاسمة بالرغم مما نسب إلى إدارة ترامب من تقصير في التصدي للوباء وتداعياته الموجعة، بشرياً واقتصادياً، والتي تترتب عليه عادة محاسبة انتخابية.

كما أنّ هذه الأرقام تستدعي شريط 2016 حيث كانت المرشحة الديمقراطية السابقة، هيلاري كلينتون، آنذاك قد احتفظت بمثل هذا الهامش المتقدم طوال الصيف ولغاية أوائل أكتوبر/ تشرين الأول، ليتبخر بعدها وبسرعة في الأسابيع الأخيرة من الحملة.

طبعاً الظروف الحالية مختلفة جداً؛ فالرئيس ترامب يواجه أزمة مركّبة ومن العيار الثقيل، والوقت ليس لصالحه. لم يسبق أن جدّد لرئيس في وضع تزيد فيه نسبة البطالة على 10%، ناهيك بـ170 ألف وفاة بوباء كورونا، وهي حصيلة مرشحة لأن تكون في حدود ربع مليون عشية الانتخابات.

لهذا، يسود الفريق الديمقراطي عموماً جو من الارتياح خاصة بعد اختياره السناتور كامالا هاريس لمنصب نائب الرئيس، التي تزامن اعتمادها رسمياً الليلة مع مرور ذكرى مائة عام على التعديل الدستوري الذي أعطى المرأة الأميركية حق التصويت في الانتخابات.

مصادفة استبشر بها المتفائلون كعلامة على فوز قادم لبايدن، وبالتالي لأول امرأة بالمنصب رقم 2 في البيت الأبيض. وهو تفاؤل له ما يبرره حتى الآن، إلا إذا طرأت مفاجئات أو أدت العملية الانتخابية إلى خلافات واعتراضات، حسب ما يؤشر إليه الجدل الجاري حول احتمال حصول معظم التصويت بالمراسلة بسبب كورونا، والتي يقف ضدها الرئيس ترامب بذريعة أنها "تؤدي إلى انتخابات مزورة "، فيما يتهمه خصومه بأنه يتعمّد التهويل من هذه الصيغة بنية "تقليص عدد الناخبين الذين قد لا يأتي معظمهم إلى أقلام الاقتراع خوفاً من عدوى الفيروس".

وبهذا، تُرجَّح كفّته طالما أن مؤيديه عازمون على تحدي خطر الجائحة والحضور إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.

في مثل هذا المناخ تبقى كل الاحتمالات عير مستبعدة، ولهذا يتردد أن هذه الانتخابات قد لا يكون لها مثيل.

المساهمون