بالون ينفخه الجميع في اليمن

13 فبراير 2015
+ الخط -

على الرغم من استمرار الأطراف السياسية اليمنية، بخلاف التنظيم الناصري، في حوار ما بعد "الإعلان الدستوري لجماعة الحوثي"، برعاية أممية، ولليوم السادس على التوالي، إلا أن فرص نجاحه تكاد تكون ضئيلة، إن لم تكن منعدمة، إذا ما التفتنا إلى المعطيات الماثلة في الواقع.
على الصعيد السياسي، وبالنظر إلى مواقف أحزاب المشترك، والقريبة منه، فإنها ذهبت نحو المشاركة في الحوار، على أساس استئنافه، من حيث توقف الأسبوع الماضي (أي إلغاء الإعلان الدستوري)، وعلى الرغم من مشاركتها في الحوار، إلا أن لها مواقف موازية تذهب في اتجاه الضغط، لفرض مطالبها، ويتمثل ذلك في موقف الكتل البرلمانية الست "الناصري، الاشتراكي، الإصلاح، المستقلون، العدالة والبناء، التضامن"، الذاهب في اتجاه رفض إعلان "أنصار الله" باعتباره انقلاباً على الشرعية الدستورية التوافقية (المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار، واتفاق السلم)، ودعوتها جماعة الحوثي إلى إلغائه، ورفضها الدعوة الموجهة لأعضاء مجلس النواب للالتحاق بـ"المجلس الوطني"، والدعوة، في الوقت نفسه، لرئيس مجلس النواب، وهيئة رئاسته، وجميع رؤساء الكتل البرلمانية، لعقد اجتماع لمناقشة ما يجب عمله.
استبق ذلك التصعيد تصعيد سياسي، برز في تصريحات بعض قيادات المشترك، وفي مقدمتها محمد قحطان الذي كشف عن وجود استعدادات للنزول إلى الشارع في الأيام المقبلة، لرفض ما أسماه انقلاب الحوثي، كون الأمور وصلت إلى طريق مسدود.
وفي مسار تصعيدي مضاد، ومتناقض في الوقت نفسه، برز الموقف السياسي لجماعة "الحوثي" في اتجاه التمسك بما يسمى "الإعلان الدستوري"، بالتوازي مع إعلانهم التمسك بالحوار، وذلك على لسان متحدثها الرسمي، محمد عبد السلام، الذي أكد أن جماعته لن تتراجع عن موقفها، وأن الخطوات الثورية، وما تلاها من إعلان دستوري، ستستمر في هذا الاتجاه، مع استمرار الحوار، أيضاً، مع كل القوى السياسية، مراهناً على الموقف الدولي والإقليمي الذي قال إنه سيراعي، في الأخير، المصلحة التي تؤدي إلى الإجماع الشعبي الذي حظيت به الثورة، على حد قوله.
حاولت الجماعة، أيضاً، تدعيم موقفها السياسي هذا، بترويج وسائلها الإعلامية بعض المواقف في المحافظات الداعمة ما يسمى إعلانها الدستوري.
المؤشرات أعلاه كفيله بأن تقودنا إلى استنتاج أن حوار موفنبيك عالق في المواقف المتصلبة، على الرغم من دعم انقطاعه، إلا أن واقع التضارب في المواقف السياسية، في ما يخص التوصل إلى حل مبدئي حصيلة لذلك الحوار، والتصعيد الميداني على أرض الواقع يؤكد، وبما لا يدع مجالاً للشك، صحة ما ذهبنا إليه.  ففي حين تضمن حديث أمين عام حزب العدالة والبناء، النائب عبدالعزيز جباري، المشارك في الحوار نفسه، التأكيد على توصّل الأطراف السياسية إلى اتفاق مبدئي، يتمثل بتشكيل مجلس رئاسي بـسبعة أعضاء، مع الإبقاء على البرلمان، وتوسيع مجلس الشورى إلى 301 يمثل فيه الجنوب بنسبة 50%، كما يشمل التمثيل في المجلس الشباب بنسبة 20% والمرأة بنسبة 30%، وأن المباحثات جارية لإجراء الترتيبات الضرورية لإتمام الاتفاق والانتقال إلى التنفيذ..إلخ.
ذهب حديث القيادي الاشتراكي، علي الصراري، في اتجاه تأكيد عدم التوصل إلى أي صيغة، موضحاً أن هناك مناقشة لتصورات عديدة، لم تقد إلى توافق، لافتاً إلى أنه تم الاتفاق على ذهاب المكونات إلى هيئاتها القيادية، والبحث معها في التصور الذي يمثل وجهة نظرها لتقديمه إلى الاجتماع، مساء اليوم التالي.
وعلى الصعيد الموازي للمواقف السياسية، يبرز واقع تصعيد ميداني لأطراف سياسية، وفي مقدمتها الإصلاح من جهة، وجماعة الحوثي من جهة أخرى، من خلال تسابقهما المحموم لتنازع الاحتفاء بذكرى ثورة 11 فبراير 2011، واستخدامها غطاء للتصعيد والتصعيد المضاد، والذي لا شك أن تداعياته ستنعكس سلباً على واقع ذلك الحوار. ففي حين دعت القوى الثورية، ويتقدمها الإصلاح، لإحياء الذكرى الأربعاء، بمسيرات رافضة لـ"الانقلاب الحوثي" صباحية في شارع الزبيري، ومسائية نسائية في شارع الستين. برز، في المقابل، تصعيد "أنصار الله" ميدانياً في اتجاه الاحتفاء بالمناسبة نفسها بمسيرتين تقاما عصر، أمس الأربعاء، رجالية في ساحة جامعة صنعاء، والأخرى نسائية في شارع الستين، وذلك وفقاً للدعوة التي وجهها زعيم الجماعة لمن أسماهم "أبناء الشعب" للمشاركة في المسيرتين، احتفاءً بالمناسبة، ودعماً لـ "الإعلان الدستوري"، إضافة إلى توسعهم الميداني، ووصولهم إلى مركز محافظة البيضاء.
وفي ظل تلك الأجواء المحتقنة، تأتي اتجاهات موقف حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وفقاً للرؤية المقدمة إلى الحوار. والتي كشفت عنها يومية اليمن اليوم، إذ نسبت إلى مصدر سياسي مضامين تلك الرؤية والمتمثله بـ: حل توافقي يضمن عدم تجاوز الشرعية الدستورية، كما يضمن استيعاب ممثلي أنصار الله في السلطة التشريعية، من خلال غرفتين تشريعيتين (مجلسي النواب والشورى) تحت مسمى المجلس الوطني، ونزع صلاحيات اللجنة الثورية، وتحييدها عن العمل الرسمي، والعودة إلى ما كان قد تم التوصل إليه، الخميس الماضي، من تشكيل مجلس رئاسي يقره البرلمان، ويضم في عضويته خمسة أشخاص (2 من المحافظات الجنوبية، و 3 من المحافظات الشمالية)، برئاسة قيادي من أبناء المحافظات الجنوبية.
يأتي ذلك في الوقت الذي كان الأمين العام المساعد للمؤتمر، الشيخ سلطان البركاني، قد عبّر عن ثقته في عدم استجابة أعضاء الكتلة البرلمانية للمؤتمر إلى الدعوات المطالبة بتشكيل كيانات سياسية، بديلاً عن مجلس النواب، معتبراً أنه لا معنى لتلك الدعوة.
في الأخير، يمكن وصف الوضع العام في اليمن بأنه حالة أشبه ببالون، يتم نفخها من الأطراف كافة.
 
 


 

avata
avata
حميد الحظاء (اليمن)
حميد الحظاء (اليمن)