باكستان: الأزمة السياسية على فوهة بركان

19 اغسطس 2014
آلاف المتظاهرين وسط إسلام آباد (أصف حسن/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
تتّجه الأزمة السياسية في باكستان نحو مزيد من التعقيد، بعدما فشلت وساطة أحزاب وحركات دينية، مدفوعة من الحكومة، بإقناع زعيم حركة "الإنصاف" عمران خان ورجل الدين طاهران القادري، بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وإنهاء الحراك الاحتجاجي الذي تشهده العاصمة، إسلام آباد، منذ عدة أيام.

وفي وقت يُصرّ فيه القادري وخان على مواصلة الحراك الاحتجاجي، والدخول إلى المنطقة الحمراء التي تقع فيها مقار حكومية هامة، بهدف إطاحة حكومة نواز شريف، تضرب الحكومة عرض الحائط بمطالب المحتجين وتُصرّ على التمسك برئيس الوزراء، ملوّحة بالتصدّي لأي هجوم على المنطقة الحمراء.

وأوضح القيادي في حزب "الرابطة الإسلامي" الحاكم ووزير السكة الحديدية خواجه سعد رفيق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة لن تقبل المناقشة بشأن استقالة رئيس الوزراء وحل البرلمان مهما يكن الثمن. وحذّر المحتجين من القيام بأي خطوة قد تؤدي إلى خلق فوضى في البلاد.

وعلى الرغم من رفض المعارضة المُتكرر للحوار قبل تحقيق مطالبها، غير أن الحكومة وجهت مرة أخرى دعوة للمعارضين إلى الجلوس على طاولة الحوار، مرشحةً وفدين جديدين من القياديين في الأحزاب السياسية، أحدهما بزعامة خورشيد شاه، زعيم المعارضة في البرلمان، ليتفاوض مع عمران خان، والآخر بقيادة وزير الداخلية الأسبق أفتاب شيرباؤ، بهدف التفاوض مع طاهر القادري.

لكن الوفدين لم يحققا أي تقدم في هذا الشأن، ولا تزال المعارضة تُصر على موقفها وتطلب تنحّي رئيس الوزاء.

وما زاد الطين بلة هو بدء اعتصامات مفتوحة في معظم المدن الرئيسية الباكستانية، التي دعا إليها زعيم حركة "منهاج القرآن" و"الحركة الشعبية"، والأحزاب السياسية والحركات الدينية الموالية له، منها حزب "الرابطة الإسلامية" ـ جناح قائد أعظم، ومجلس وحدة المسلمين، كبرى الجماعات الشيعية في البلاد، والحركة السنية، التي يتزعمها حامد رضى.

وفي خطوة تصعيدية أخرى، قدّم أعضاء البرلمان الفدرالي وبرلمانات الأقاليم الثلاثة البنجاب والسند وبلوشستان، المنتمون إلى حركة "الإنصاف" استقالاتهم. وأكد نائب عمران خان، شاه محمود قرشي، أن أمر الاستقالة من برلمان إقليم خيبر بختونخوا، قد أُجل إلى ما بعد التشاور مع الجماعة الإسلامية، حليفة الحركة في الحكومة الإقليمية.

غير أنّ الحكومة حسمت الأمر من جهتها، وأعلنت سحب الثقة من حكومة إقليم خيبر بختونخوا، في مؤشر آخر لوصول مساعي التهدئة إلى طريق مسدود.

شفير الهاوية

ورأى المحلل السياسي صديق أنصر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة فشلت تماماً في التعامل مع الاحتجاجات، وأن هذه الخطوة قد ترغمه على إعلان حلّ البرلمان الفدرالي والبرلمانات الإقليمية.

في المقابل، دعت العديد من الأحزاب السياسية والحركات الدينية عمران والقادري إلى إنهاء حراكهما الاحتجاجي والجلوس إلى طاولة المفاوضات. واعتبرت الأزمة الحالية خطراً على النظام الديمقراطي، بل وعلى البلاد برمتها.

وقال زعيم الحركة القومية المتحدة إلطاف حسين، إن "بلادنا لفي خطر، وإن القوى السياسية الباكستانية بأمس الحاجة إلى ضبط النفس، والتضحية بمصالحها الشخصية لأجل البلاد". كما أعربت الأحزاب عن دهشتها تجاه إعلان عمران خان انطلاق العصيان المدني ضد الحكومة، واعتبرته خطوة غير منطقية، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي في البلاد.

ودان مجلس الشيوخ وبرلمان إقليم بلوشستان إعلان خان العصيان المدني، واعتبراه قراراً ضد الدولة وليس ضد الحكومة فحسب.

الجيش و"طالبان"

أما موقف الجيش إزاء الأزمة السياسية، فلم يتضح حتى الآن، إذ لم يعلق على ما يحدث في الساحة السياسية. ويحمل موقف الجيش الحالي في طياته الكثير من الدلالات، ويقوّي فكرة وقوف الجيش وراء الاحتجاجات. لا سيما أن وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف قد أعلن بوضوح، في حوار خاص له مع قناة "جيو" الفضائية، أن الحراك الاحتجاجي يهدف إلى انقلاب عسكري على غرار ما حدث في مصر. لكنه شدّد على أن الحكومة ستصد كل هذه المحاولات وتبذل قصارى جهدها للحفاظ على النظام الديمقراطي في البلاد.

إلا أنّ رئيس الحكومة نواز شريف عقد اجتماعاً ظهر اليوم، مع قائد الجيش، راحيل شريف، لبحث الأزمة الحالية. فيما أفادت مصادر حكومية بأن عملية الجيش الحالية في المناطق القبلية ضد "طالبان" كانت أحد الملفات التي تم التباحث بشأنها. وقد حضر الاجتماع عدد من المسؤولين الأمنيين، لم تذكر المصادر الحكومية هوياتهم. ​

وكان اللافت أيضاً أن حركة "طالبان" والجماعات المسلحة الموالية لها لم تبد موقفها تجاه الأحداث السياسية، ولعل السبب هو عدم رغبتها، في الظروف الحالية، في مواجهة الجيش، الذي يقوم حالياً بعملية عسكرية ضدها في المناطق القبلية.
المساهمون