باريس تسعى لاستدراك "زلّة" هولاند بـ"جهود" لوقف العدوان

12 يوليو 2014
من التظاهرات المنددة بالعدوان في باريس يوم الجمعة (getty)
+ الخط -

أثار موقف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في مكالمته الهاتفية مع رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، والتي "تضامن فيها مع إسرائيل ضدّ الصواريخ المنطلقة من غزّة"، الكثير من البلبلة، كونه يتعارض مع الموقف الفرنسي التقليدي؛ فقد أحرجت المجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزّة هولاند، المعروف بزلات لسانه، وجلبت عليه انتقادات اليسار الفرنسي، الذي رأى أنّ فرنسا تشجع إسرائيل في مغامراتها العسكرية.

ونقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في عددها الصادر اليوم، معلومات عن "إلحاح إسرائيلي شديد" للحصول على هذا الدعم الرسمي، بعدما سَاوَى المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفرنسية، ستيفان فُولْ، بين قذائِفَ الفلسطينيين والغارات الإسرائيلية.

وحاول هولاند أن يتدارك خطأه؛ فطالب بتغليب "الحوار"، ثم تحدث مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن "عدد الضحايا الفلسطينيين"، وأشار إلى "وجوب وقف التصعيد". ولا يبدو أن موقف فرانسوا هولاند "زلّة لسان عابرة"؛ فالرجل "يشعر بتعاطف شخصي مع إسرائيل"، على حد قول الأكاديمي الفرنسي جوليان سالينغ. وهو ما يتفق معه موقف مدير صحيفة "لومانيتيه"، باتريك لي هياريك، الذي كتب أن "خطاب الإليزيه السياسي لا يمكن القبول به، وهو يمثل قطيعة مع توجهات فرنسا التقليدية".

وقد أدركت الحكومة الفرنسية الحرج الذي سببه موقف هولاند، فسارعت إلى مبادرات عديدة. وذكّرت بأنّها كانت أول عاصمة غربية تُدين اغتيال الفتى الفلسطيني، محمد أبو خضير، حَرقاً في القدس. وحاول مقربون من الرئيس هولاند تأكيد أن "الموقف الفرنسي يظل دائماً مبنياً على التوازُن".

كما حاولت الدبلوماسية الفرنسية استدراك انحيازها الفاضح لتل أبيب، فكثفت اتصالاتها على أكثر من صعيد مع عدد من العواصم، منها واشنطن وأنقرة والدوحة وعمان والقاهرة وأعضاء مجلس الأمن من أجل التوصل الى قرار يدعو الى وقف إطلاق النار.

وأفادت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أنه يتم حالياً تداول أفكار ومشاريع، من بينها المشروع الذي تقدم به الأردن في مجلس الأمن، لوقف إطلاق النار، الذي يبدو، بحسب عدد من الدول، مقبولاً.

وأشارت المصادر الفرنسية الى أن الكوادر الرسمية في باريس أخذت علماً بالمواقف الاحتجاجية التي صدرت عن أوساط فرنسية، أعربت عن صدمتها لصمت السلطات الفرنسية حيال المجازر الإسرائيلية، لا بل تأييدها من قبل قصر "الاليزيه"، على ضوء اتصال هولاند بنتيناهو.

وفي الواقع، فإنّ الموقف الفرنسي لا يختلف عن مواقف العواصم الغربية الأخرى من ناحية "تأييدها لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس". وهو ما يعني تضامناً مع الموقف الإسرائيلي وتشجيعاً على العدوان.

وأشارت صحيفة "لوموند" إلى الحرج الذي ينتاب العواصم الغربية من الحرب الإسرائيلية على فلسطينيي غزة، والتي تمنح لبنيامين نتنياهو حرية المناورة. وتُفسّر أسباب هذا الحرج بالعلاقات الوثيقة التي تربط الغرب بإسرائيل، وأيضاً بالتعب الغربي والأميركي من الهزات السياسية والعسكرية التي تضرب العالم العربي من ليبيا إلى العراق، إضافة إلى العامل المصري.

وتقول الصحيفة: إن الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، لعب دوراً حاسماً في وقف العدوان الإسرائيلي على غزّة 2012، فيما يُعرَف، عن الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، نفورُهُ من التفاوض مع حركة "حماس". ولذلك، يبقى الحل المنتظر، في نظر فرنسا، من دولتي قطر وتركيا، حيث يقيم في الأولى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، في حين تُعتَبر الثانية "حامية للحركات الاسلامية في الشرق الأوسط"، وهو السبب الذي سيدفع هولاند للاتصال برئيس الوزراء التركي، في الساعات القريبة القادمة، بحسب الصحيفة نفسها.

وفي سياق المواقف والتحركات المناهضة للعدوان الإسرائيلي، والرافضة للانحياز الفرنسي الرسمي الكامل للعدوان، نظّمت "حركة الشباب الاشتراكي" الفرنسية، يوم الجمعة، تجمعاً أمام مقر وزارة الخارجية الفرنسية، شارك فيه أكثر من مئة وخمسين شخصية، نددوا بالعدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، والأعمال الوحشية التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي.

وأدانت "حركة الشباب الاشتراكي" تعاطي السلطات السياسية والإعلامية الفرنسية مع هذا العدوان. وحذر بيان المعتصمين من "صمت الدوائر الرسمية" عن الجرائم الإسرائيلية، والذي أثار انتقادات علنية من المنظمات الحقوقية والهيئات وعدد من الكتاب. وانتقدوا صيغة بيان "الإليزيه" وانحيازه لإسرائيل.