يخسر العراق سنوياً ملايين الدولارات جراء إهماله المناطق الأثرية وعدم تطوير قطاع السياحة، ومن ضمنها مدينة بابل ذات التاريخ الممتد إلى 7 آلاف سنة، التي أسسها "حمورابي" وجعل منها عاصمة لبلاد ما بين النهرين، لتصبح بعد ذلك أكبر إمبراطورية بقيادة الملك نبوخذ نصر.
وتشكو حكومة بابل اليوم من قلة التخصيصات المالية، في الوقت الذي ينتظر فيه العراق إدراج المدينة على لائحة يونسكو للتراث العالمي، لتبدأ بعدها أولى خطوات ترميمها وتقديمها كأنموذج سياحي عصري.
وفي السياق، قال عضو المجلس المحلي لبابل أحمد عدنان، لـ"العربي الجديد"، "إنّ مدينة بابل القديمة تحتاج إلى دراسة شاملة لغرض تطويرها، وجعلها مناسبة وجاهزة لاستقبال السياح المحليين والأجانب"، مبيناً أن "الإدارة المحلية لها لا تستطيع وحدها أن تعيد تجهيز منطقة الآثار وتقديمها كرمز سياحي، بسبب قلة الأموال المخصصة من قبل الحكومة المركزية لهذا الملف".
وأشار إلى أنّ "الأموال التي تحتاجها بابل أكبر بكثير من إمكانية ميزانية مجلس محافظة تعاني من مشكلات خدمية كثيرة"، لافتاً إلى أن "الاهتمام حالياً ينصبّ على إصلاح مؤسسات المدينة ومشاريعها الإنمائية المعطلة". كذلك لفت إلى عدم وجود فنادق في حال أراد السياح المبيت في المدينة.
وأضاف "بابل تُرحّب بأي مستثمر يرغب في العمل بمنطقة آثار المدينة، لا سيما أنها ضمن محافظة تشهد استقراراً أمنياً، فليس هناك أي خطر على حياة مستثمر عربي أو أجنبي".
في موازاة ذلك، أكد مصدر محلي أن "بعض زائري آثار بابل يعثرون بين فترة وأخرى على قطع وألواح طينية، مكتوب عليها بلغة مسمارية، ويأخذونها معهم، على الرغم من عدم تقديرهم لقيمة هذه الألواح".
وأشار المصدر لـ"العربي الجديد" إلى تكرار مثل هذه الحوادث في منطقة آثار بابل، لا سيما في موقع (بورسبا) و(برس نمرود)، وعدم وجود كاميرات أو أجهزة مراقبة لرصدها أو منعها.
وكانت مديرية شرطة حماية الآثار بمدينة بابل قد أعلنت الشهر الماضي العثور على 75 قطعة أثرية عليها كتابات مسمارية، فيما أكدت تسليم جميع القطع إلى المتحف الوطني في العاصمة بغداد.
بدوره، أكّد الخبير الاقتصادي باسم أنطوان أنّ "العراق يخسر سنوياً ملايين الدولارات جراء إهماله لقطاع السياحة". وقال لـ"العربي الجديد"، "يوجد في كل مدينة عراقية معلم أثري قديم، لكن نتيجة الإهمال تحوّل إلى ملجأ للحيوانات الضالة".
وبيَّن أن "المصروف الذي ينفقه السائح خلال رحلته السياحية هو ألف دولار أميركي، فكم من ألف دولار خسره العراق جراء عدم اكتراثه بالآثار؟".
وتتنظر وزارة الثقافة وهيئة السياحة والآثار، المدمجة فيها، قرار إعلان إدراج بابل على لائحة التراث العالمي، عقب قيام الوزارة بإعداد ملف الإدراج بالتنسيق مع منظمة يونسكو، وبتعاون مع الملحقية الثقافية في السفارة الأميركية لدى بغداد، للبدء بخطوات جادة من أجل النهوض بواقع المدينة الأثرية المتردي.
وقال المتحدث باسم وزارة الثقافة عمران العبيدي إنّ "الهمّ الأول والأساسي الذي نفكر فيه حالياً، هو حصول الموافقة من قبل يونسكو على إدراج بابل على لائحة التراث العالمي"، مبيّناً أن "وفوداً عدة من يونسكو زارت المدينة للتعرف على واقعها واحتياجاتها".
وأكّد العبيدي لـ"العربي الجديد" أنّ "إدراج بابل على هذه اللائحة يدخلها في مرحلة جديدة، تتوفر فيها مظاهر الإعمار والتطور"، مضيفاً "نأمل خيراً ونعتقد أن يونسكو ستدرج المدينة الأثرية، التي تأثرت كثيراً بالحروب التي مرت بالبلاد".