اهزم الدولار بثلاث خطوات

26 مارس 2016
سعر الدولار وصل إلى 495 ليرة سورية (العربي الجديد)
+ الخط -


الموهبة نعمة من الخالق، يؤتيها، كما الحكمة من يشاء، ويبدو أن ثمة فائض موهبة لدى أصحاب القرار الاقتصادي السوري، ما أدى لارتفاع حرارة القرارات، وبدأت، كما نسب النمو المرتفعة جداً، تأتي بمفاعيل عكسية، فيما يسمى مجازاً بسخونة الاقتصاد.

في الأمس، وبعد خمس سنوات من تهاوي أسعار الليرة السورية، الذي أفقدها أكثر من 95% من قيمتها، منذ كان سعر صرفها مقابل الدولار 50 ليرة ووصل اليوم لنحو 495 ليرة، تفتقت موهبة مفوضية المصارف الحكومية لدى المصرف المركزي بالقرار الحاسم، وأصدرت توجيهها الموهوب للمصارف برفع سعر الفائدة لتشجيع السوريين على الإيداع بالليرة السورية.

ثمة ما يثير الضحك والاستغراب في آن، من هذا القرار المتأخر فقط خمس سنوات، لعل أهمها، هل لدى المواطن السوري فائض سيولة ليودعها بالمصارف، بعد سنوات من التجويع والتضخم النقدي وتسريحه من عمله، أوصلت نسب البطالة إلى 70% والفقر إلى 80% ليحتل خلالها السوريون المراكز الدنيا على جميع مؤشرات التنمية .

وأيضاً، ماهي نسب الفائدة التي يمكن أن تمنّ بها المصارف على المودعين، وتساوي ولا نقول تزيد عن نسبة التضخم التي أكلت قيمة العملة السورية، أم يظن مصدرو هذه القرارات أن السوريين، كأمثالهم جهلاء .

قصارى القول: بدل أن تسعى المصارف ومنذ بداية تدهور سعر صرف الليرة، باستخدام الأداة النقدية، فيرفعون سعر الفائدة المصرفية، لإغراء السوريين بالإيداع، فتزيد السيولة بالمصارف أولاً ويقل معروض الليرة بالسوق ثانياً، فيتحسن سعرها وفق أبسط البديهيات الاقتصادية، العرض والطلب.

بل، ولأن الموهبة هبة من الله، كما أسلفنا، ثبتت المصارف سعر الفائدة عند 11% رغم علمها، أو هكذا يفترض، بنسبة التضخم الهائلة، بل ومن منطلق فائض الموهبة، سارعت تحت ضغط الحكومة الموهوبة والمصرف المركزي الموهوب، لمنح القروض بالليرة السورية، لتزيد وفق قاعدة الموهبة، من السيولة بالسوق النقدية السورية.

ولأن المواهب بحكومة الأسد لا تقتصر على المصارف فحسب، طبعت الحكومة السورية، بإشراف المصرف المركزي ومجلس النقد الموهوبين، 10 مليارات ليرة سورية العام الفائت بمطابع الشريك الروسي الموهوب، لتضخها بالسوق السورية، دون أي تغطية خدمية أو إنتاجية أو عملات أجنبية أو سندات أو معادن، لتزيد كتلة النقد السوري بالسوق عن 650 مليار ليرة سورية، ويساهم أصحاب المواهب، بتدهور سعر صرف الليرة، الفاقدة أصلاً لجميع عوامل استقرار النقد، من قطع أجنبي ومعادن ثمينة وإنتاج وتصدير.

خلاصة القول: ربما على مبدأ "يخسر المرء لفرط ما يود أن يربح" خسر السادة الموهوبون بحكومة الأسد فرصة استقرار سعر العملة وخسروا بالمقابل قيمة القروض التي منحوها خلال الثورة وبعدها، وتجاوز عدد المقترضين المتعثرين الملاحقين قضائياً لمصلحة "المصرف العقاري السوري" فقط، 45 ألفاً، منهم 604 ممنوعين من السفر...ولكن ليس من مشكلة مادامت المبادئ مصانة والممانعة قائمة والموهبة بخير.

 

اقرأ أيضاً: سورية ..الدولار يقترب من 500 ليرة والذهب بأعلى مستوياته

المساهمون