انفوغرافيك: زواج الصغيرات محنة الاقتصاد اليمني

20 أكتوبر 2014
في تحرك لمنع زواج الصغيرات (محمد حويس/فرانس برس/getty)
+ الخط -
تعيش آمنة في صنعاء. تزوجت، فهجرها زوجها لتعود إلى بيت أهلها. ‏
كلا، هذه ليست قصة فتاة عادية، ولا يجب أن ننتقل إلى ‏الخبر التالي في الصفحة.
آمنة عمرها 11 عاماً، ‏هي طفلة انتزعها والدها من مقاعد الدراسة ليزوجها من رجل مسن يدين له ‏بمبلغ لا يتعدى الـ 100 دولار.‏ إذن، اختار الوالد بيع ابنته. وبعد مغادرة الزوج إلى ‏السعودية للعمل، هربت الفتاة إلى ‏بيت والدها، الذي رفض استقبالها، برغم شكواها من ممارسة زوجها شتى أنواع التعذيب عليها.
إضافة إلى النظرة الاجتماعية والدينية والثقافية، يحضر الاقتصاد ضمن الأسباب الرئيسية لظاهرة ‏زواج ‏القاصرات في عدد من الدول العربية ومنها اليمن، ليولّد بالتوازي انعكاسات اقتصادية ضخمة، تسهم في وأد أي تطور في الواقع المعيشي. ‏فحرمان ملايين ‏الفتيات من التعليم، ومن ثم عدم انخراطهن في سوق العمل يخفض حجم الناتج المحلي، ‏ويعرقل أي رؤية لاستنهاض النمو، ويؤدي ‏إلى تفاقم المشكلة السكانية وتوسيع مؤشرات الفقر والبطالة ‏والحرمان. ‏
وفي حين أعلن البنك الدولي ومنظمات دولية أخرى عن ‏صرف ملايين الدولارات هذا العام على دراسات ‏وبرامج تربط زواج القاصرات بتراجع نسبة النمو الاقتصادي، سأل تقرير ‏البنك الدولي في نهاية أغسطس ‏الماضي: "ما التكلفة الاقتصادية لزواج القاصرات؟" وأجاب البنك في التقرير نفسه: "في الواقع ‏لا ‏نعرفها". فلنحاول اكتشاف بعض نواحي الارتباط بين زواج الصغيرات والمؤشرات الاقتصادية. ‏

نمو سكاني... وفقر ‏

وفقا للموجز الاقتصادي ربع ‏السنوي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي مطلع عام 2014، فإن أعلى معدّل للفقر في منطقة ‏الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سُجّل في اليمن. في المقابل، يرتفع عدد سكان اليمن 800 ألف نسمة سنويا، ‏بحسب المجلس الوطني للسكان.
وفي تحليل ارتفاع معدلات الفقر بالتزامن مع ارتفاع عدد السكان، يشير تقرير أصدره ‏المركز الدولي ‏للدراسات عام 2011 إلى تبوؤ اليمن المرتبة الـ13 من بين 20 دولة صُنفت على أنها الأسوأ في زواج ‏القاصرات، ‏حيث تصل نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن دون سن الثامنة عشرة إلى 52%.‏
وفي حديثها لـ"العربي الجديد" ، تقول رئيسة اللجنة ‏الوطنية للمرأة في اليمن شفيقة سعيد إن "الفقر سبب ‏رئيسي في انتشار ظاهرة زواج الصغيرات والقاصرات، إضافةً إلى ارتفاع ‏معدلات الأمية في أوساط ‏النساء والتي قاربت 80%"...
إذ يعد الزواج المبكر من أكبر تحديات التنمية في اليمن. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، ‏فإن ‏الزواج المبكر ‏يعني ارتفاع عدد الولادات، ونسبة أعلى من الفقر، وفرص تعليم أقل للأطفال، ومهنا ‏غير ‏متخصصة.‏
ويؤكد أستاذ علم ‏الاجتماع السياسي الدكتور، عبد الباقي شمسان، أن زواج القاصرات يفاقم ‏مشكلة ‏التنمية، ويقول لـ"العربي الجديد": "مع الزواج المبكر ترتفع نسبة الأمية، خاصة بين الإناث. ويعمل زواج ‏الصغيرة على ‏حرمانها ‏من التعليم، وبالتالي هذا الزواج له كلفة كبرى على الاقتصاد".‏

إضعاف الخدمات العامة ‏

ويقول الأمين العام ‏للمجلس الوطني للسكان الدكتور أحمد بورجي لـ‏‏"العربي الجديد" إن "النمو ‏السكاني ‏يلتهم الموارد، ويؤدي إلى ‏ضعف نوعية ‏وكمية الخدمات من تعليم وصحة وطرق وكهرباء، كما يؤدي إلى مشاكل عديدة أبرزها ‏عمالة الأطفال ‏وتهريبهم للعمل والتسول في دول الجوار".‏
في حين يقول شمسان إن مشكلة الزواج المبكر ‏اجتماعية ذات نتائح اقتصادية، فالفتاة تنتقل إلى مرحلة ‏الحمل ‏المبكر ثم ولادة مبكرة؛ مما يعرض حياتها للخطر، وفي أفضل ‏الظروف فإن المواليد يتعرضون ‏للأمراض، ‏ومنها سوء التغذية، وبالتالي ينتج جيل هزيل وغير فاعل، هذا دون التطرق إلى ‏ارتفاع كلفة ‏الإنفاق على ‏الصحة.‏
والزواج المبكر يعني بالضرورة الانعزال عن الحياة العامة ‏والمشاركة المجتمعية. ويكشف تقرير رسمي، انخفاض معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة ‏اليمنية، في حين تشكل النساء 49.2% من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ عددهم ‏‏26 مليون ‏شخص.
في حين أوضح تقرير صادر ‏عن وزارة التخطيط اليمنية أن مشاركة المرأة اليمنية في الحياة ‏الاقتصادية بلغت 18% فقط، مشيراً إلى أن هذه ‏النسبة تعكس الاختلال الهيكلي لمشاركة ‏المرأة في تحمل أعباء التنمية.‏ ولم تزد ‏مشاركة المرأة اليمنية عن 7%، مقابل 93% للرجال، من الإجمالي العام للمشتغلين.‏ وأرجع ‏التقرير سبب هذه الفجوة بين النساء والرجال اليمنيين وتدني مستوى مساهمة المرأة اقتصاديا، إلى ‏عادات الزواج المبكر، ‏وارتفاع نسبة الأمية بين الإناث.‏ ‏
وفي حديثه لـ"العربي الجديد" يوضح المسؤول الإعلامي لمنظمة اليونيسف في اليمن، محمد الأسعدي، أن ‏الفقر من الأسباب الرئيسية للزواج المبكر بجانب ‏المعتقدات الدينية والثقافية. وتحدث الأسعدي لـ"العربي ‏الجديد" عن جهود منظمته في مكافحة مشكلة زواج الأطفال عن طريق ‏إيجاد بيئة مناسبة لتعليم الفتيات.


المساهمون