انفلات في الأسعار رغم حملات الرقابة بالسعودية

02 يوليو 2015
أحد الأسواق التجارية في السعودية (العربي الجديد)
+ الخط -
شهدت الأسواق السعودية قفزات في أسعار السلع الغذائية، خلال الأسبوعين الأولين من شهر رمضان الجاري، ما دفع الجهات الرقابية إلى شن حملات لضبط الأسواق، فيما أكد ناشطون في تجمعات لحماية المستهلك وخبراء اقتصاد أن تصاعد الأسعار غير مبرر، لا سيما في ظل انخفاضها عالميا إثر هبوط أسعار النفط عالمياً.

وارتفعت أسعار الخضروات والفواكه بأكثر من 90% في بعض الأصناف. وتقول وزارة التجارة إن مراقبيها ضبطوا مخالفات كبيرة خلال حملات على محلات بيع التجزئة، شملت رفعا للأسعار وبيع سلع فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، واستيراد سلع استهلاكية مقلدة، وتخفيضات وهمية للأسعار، والتلاعب في أوزان السلع.

ويقول رئيس الجمعية السعودية لحماية المستهلك، الدكتور ناصر التويم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الأسعار في المملكة ظلت ترتفع ولم تتجاوب مع الانخفاض العالمي، على الرغم من أن أسعار السلع الغذائية سجلت تراجعا ملحوظا في الأشهر الأخيرة عالمياً.

ويضيف التويم "كل العوامل الاقتصادية تدفع نحو انخفاض أسعار الغذاء في السعودية، خاصة مع تراجعها عالمياً بانخفاض أسعار النفط، وزيادة مخزون كثير من المواد الغذائية لدى التجار والموزعين، ولكنها بدلا من أن تنخفض، هي في ارتفاع"، مشيرا إلى أن وزارة التجارة والتجار يتحملان المسؤولية عن هذا الارتفاع في الأسعار.

ويأتي صعود أسعار السلع الغذائية، خلال شهر رمضان، ليدفع معدل تضخم أسعار المستهلكين إلى مواصلة الارتفاع، وفق المؤشرات المحلية.

وارتفع معدل تضخم أسعار الأغذية في السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، منذ العام الماضي 2014، بمعدل أعلى من نظيره في دول الخليج، والعديد من الدول الأوروبية والصين، على الرغم من ارتفاع الريال السعودي أمام معظم العملات الرئيسة في العالم، إضافة إلى التراجع الحاد في أسعار النفط.

وخسرت أسعار النفط نحو 50% من قيمتها خلال آخر ستة أشهر من العام الماضي، بينما ارتفع الريال السعودي بنحو الخمس، أمام اليورو والين الياباني خلال 2014، وكان من المفترض أن تنخفض أسعار السلع محلياً، إلا أن ذلك لم يحدث، بل ارتفعت الأسعار، وفق خبراء اقتصاد.

اقرأ أيضاً: أزمة أرزّ في السعودية قبل رمضان

ويؤكد المحلل الاقتصادي، محمد السويلم، لـ"العربي الجديد"، أنه كان من المفترض أن نشهد هبوطا في أسعار مختلف السلع بالتزامن مع ارتفاع الريال المرتبط بالدولار.

ويقول "الأمر محير فعلا، أظهرت الأرقام الإحصائية أن الريال ارتفع بحوالى 20% أمام إحدى عشرة عملة عالمية، من بينها اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني والدولار الكندي، ولكن الأسعار لم تظهر تراجعاً ولو تدريجياً يقارن بهبوط عملاتها أمام الريال".

ويوضح أن اليورو تراجع بمقدار 28%، فيما تراجع الين الياباني حوالى 16%، والجنيه الإسترليني 12%، مشيرا إلى أن قيمة واردات السعودية تبلغ سنوياً قرابة 651 مليار ريال (173.6 مليار دولار). وعلى الأقل، فإن قرابة 50% تأتي من الدول التي ارتفع الريال أمام عملاتها، كونها تعد من أكبر الشركاء التجاريين مع المملكة.

ويتابع السويلم أن "مؤشر تكاليف المعيشة لا يزال يسجل ارتفاعاً، ينبغي أن توضح وزارة التجارة والصناعة أسباب هذا الارتفاع، وأن تكشف الحقائق، وتتصدى لأي جشع في السوق بأي طريقة تحدث".

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، في الرابع من يونيو/حزيران الماضي، فإن أسعار الغذاء العالمية تراجعت في مايو/أيار إلى أدنى مستوى منذ سبتمبر/أيلول عام 2009.

وتراجع مؤشر "فاو"، الذي يقيس التغيرات الشهرية لسلة من الحبوب والبذور الزيتية والألبان واللحوم والسكر بنسبة 22.4% في مايو/أيار، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وساعد ارتفاع الإنتاج العالمي وتدني أسعار النفط الخام، في كبح جماح أسعار الغذاء في العام المنصرم. ومن المتوقع أن تبلغ مخزونات الحبوب في نهاية موسم 2015/2016 نحو 634.3 مليون طن، انخفاضا من 646.5 مليون طن في 2014 - 2015.

ويؤكد المتحدث الرسمي لجمعية حماية المستهلك، الدكتور عبيد العبدلي، أن "أسعار السلع العالمية انخفضت، ولكن في المقابل لم نلحظ أي استجابة أو تأثرا في الأسواق المحلية بهذا الانخفاض".

واعتبر العبدلي لـ"العربي الجديد"، أن المستهلك يتحمل جزءا من المسؤولية، كونه يرضى بدفع أي سعر يحدده التاجر، ولا يوجد أي صوت جماعي مؤثر من المستهلكين.

وتشير بيانات غير رسمية إلى نسبة الفقراء في السعودية تصل إلى 25% من السعوديين، البالغ عددهم نحو 20 مليون مواطن، أي بما يعادل 5 ملايين مواطن، هم الأكثر تأثراً بارتفاع مستويات أسعار السلع، وفق خبراء اقتصاد.

ورغم تأكيد تجمعات حماية المستهلك وخبراء الاقتصاد، ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير، إلا أن المؤشرات الرسمية تظهر استقرار مستوى التضخم.

ولا يقتصر الأمر على الأسعار المبالغ فيها، ورصدت أمانات المدن الكثير من السلع الفاسدة، التي تعرض للمشترين، كان أكبرها في جدة (غرب المملكة)، وكذلك في مكة المكرمة، وفي المنطقة الشرقية.

ويقول المحلل الاقتصادي، حبشي الشمراني، إن "مشكلة الكثير من السعوديين تتمثل في القيام بعمليات شراء كبيرة، من دون التأكد من صلاحية ما يشترون، إنهم ينجرفون وراء الإعلانات والتخفيضات الوهمية".

ويضيف لـ"العربي الجديد"، "في كل عام نشاهد المراكز التجارية تستقطب المستهلكين بحرب الأسعار، سواء كانت تخفيضات صريحة أو ضمنية".

وتابع "يستمر مسلسل منافسات التجار، طيلة شهر رمضان، لاستعراض بضائعهم، من دون أن يسأل المشتري نفسه هل يحتاج فعلا لهذه السلع، وبعضهم لا يكلف نفسه عناء التأكد من تاريخ صلاحية ما يشتري، ويجد نفسه متورطا في شراء سلع غذائية على وشك الفساد".


اقرأ أيضاً:
مصدر حكومي: الأسعار تواصل ارتفاعها في السعودية
ارتفاع تكلفة المعيشة في السعودية 2.1% في فبراير

المساهمون