وسيطر حشد من النشطاء الموالين لروسيا، اليوم الأحد، على مركز بث تلفزيوني في دونيتسك، العاصمة الإقليمية لشرقي أوكرانيا.
وطالب المحتجون بوقف بث القنوات الناطقة بالأوكرانية، وإعادة قنوات الدولة الناطقة بالروسية. وكانت الحكومة المؤقتة في العاصمة كييف، قامت، الشهر الماضي، بحجب بث القنوات الروسية والتي تُستخدم كأدوات دعاية للكرملين.
وكان من بين الحشد الذي كان يقدر بعدة مئات عشرات من الرجال الذين يرتدون أزياء مموهة وأقنعة.
وعرض محتجون مؤيدون لروسيا في شرق أوكرانيا، أمس السبت، إطلاق سراح ثمانية مراقبين دوليين رهائن في إطار تبادل سجناء، في الوقت الذي تستعد فيه دول غربية لفرض عقوبات جديدة على موسكو.
وألقت حكومة كييف المدعومة من الغرب باللوم على روسيا، فيما وصفته بخطف مراقبين من منظمة "الأمن والتعاون" في أوروبا، أول من أمس الجمعة.
وقال الانفصاليون، إنّهم يشتبهون في أنّ المراقبين كانوا يتجسسون عليهم، فيما ذكرت كييف أنّ المراقبين يستخدمون كدروعٍ بشرية.
وأرسلت منظمة "الأمن والتعاون" في أوروبا مزيداً من المراقبين، أمس السبت، في مسعى للإفراج عن المراقبين المحتجزين في مدينة سلافيانسك التي يسيطر عليها الانفصاليون. والمحتجزون من ألمانيا والسويد والدانمارك وبولندا وجمهورية التشيك.
وأدان وزير خارجية المانيا، فرانك فالتر شتاينماير، اليوم الأحد، ظهور المراقبين تحت الحراسة المسلحة، ووصف ذلك بانه "مثير للاشمئزاز".
وقال شتاينماير إن "ظهور المراقبين مخالف لكل القواعد ويمثل انتهاكاً لكرامة الرجال".
وقالت متحدثة باسم المنظمة ومقرها فيينا، والتي تضم روسيا في عضويتها: إنّ المنظمة تتواصل مع "كل الأطراف" منذ مساء الجمعة، لكنها لم تتصل بالمراقبين بشكل مباشر.
بدوره، قال جهاز أمن الدولة الأوكراني: إنّ المراقبين يحتجزون "في ظروف غير إنسانية في قبو بمقر الإرهابيين"، وإنّ أحدهم بحاجة لمساعدة طبية. والمراقبون هم جزء من بعثة تقصي عسكرية تقودها ألمانيا جرى نشرها منذ بداية مارس/ آذار الماضي بطلب من كييف.
غير أنّ فياتشيسلاف بونوماريوف، الذي عين نفسه رئيساً لبلدية سلافيانسك، قال للصحافيين: إنّ "هؤلاء الجنود يتواجدون على أرضنا من دون إذن منا. بالطبع هم سجناء". وذكر الانفصاليون أنّهم على استعداد لتسليم المراقبين المحتجزين مقابل رفاق لهم تحتجزهم السلطات الأوكرانية.
وأضاف بونوماريوف أنّ "السجناء على الدوام أوراق مقايضة خلال وقت الحرب. إنّه سلوك دولي".
ونشرت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية، مقابلة بالفيديو، مع رجل قالت إنّه قائد ميليشيا في سلافيانسك، اسمه إيفان ستيرلكوف، تتهمه أجهزة الأمن الأوكرانية بأنّه موظف في المخابرات الروسية. وألمح ستيرلكوف إلى أن المراقبين ربما كانوا يستغلون وضعهم الدبلوماسي "للقيام بأعمال استطلاع لمواقع المقاومة لصالح الجيش الأوكراني".
وقالت وزارة الخارجية الروسية: إنّها تعمل على حل أزمة احتجاز المراقبين التي ألقت مسؤوليتها على كييف لفشلها في ضمان سلامة البعثة في "مناطق لا تسيطر السلطات على الوضع فيها وبدأت فيها عملية عسكرية ضد مواطنيها".
في المقابل، قال رئيس الوزراء الأوكراني أرسني ياتسينيوك: إنّ طائرات عسكرية روسية دخلت المجال الجوي الأوكراني سبع مرات خلال ليل السبت. وأبلغ رئيس الوزراء الصحافيين قبل أنّ يقطع زيارة لروما أنّ "السبب الوحيد هو استفزاز أوكرانيا، واتهامها بشن حرب على روسيا".
الانفصاليون
الى ذلك، احتشد بضع مئات من النشطاء الموالين لروسيا في دونيتسك، اليوم الأحد، دعماً لإجراء استفتاء على الاستقلال، مؤكدين سعيهم للانفصال عن أوكرانيا.
قوات أميركيّة في ليتوانيا
أزمة المراقبين الدوليين تزامنت مع نشر واشنطن لـ 150 من قوات المظلات في ليتوانيا، أمس السبت. وبهذا يكون إجمالي الجنود الأميركيين الذين وصلوا إلى بولندا ودول بحر البلطيق التي كانت جمهوريات سابقة في الاتحاد السوفيتي 600 جندي.
وقالت رئيسة ليتوانيا داليا جريبوسكايتي، عند الترحيب بالقوات في قاعدة سياولياي الجوية :إنّه "في ظل التهديدات نعرف من هم أصدقاؤنا الحقيقيون".
وتابعت جريبوسكايتي، أن وجود القوات الأميركية سيردع من يسعون لزعزعة الاستقرار في أوروبا والسلام في المنطقة. لكنها لم تُذكر روسيا بالاسم. وأضافت للصحافيين أنّ "العدد ليس مهماً نظراً لأن تعرض أي من ضيوفنا لأذى يعني مواجهة مباشرة ليس مع ليتوانيا بل مع الولايات المتحدة".
عقوبات غربية
من جهتها، أعلنت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، أنها اتفقت على فرض مزيد من العقوبات على روسيا. وتوقع دبلوماسيون أن تكشف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن عقوبات جديدة على شخصيات روسية اعتباراً من يوم غدٍ الإثنين.
وتنفي روسيا مسؤوليتها عن حملة ينفذها انفصاليون مؤيدون لها سيطروا على مبانٍ حكومية في شرق أوكرانيا، وتتهم حكومة كييف بتأجيج التوتر بإرسال جنود لطرد الانفصاليين.
وقال مسؤولون أميركيون: إنّه قد يتم الإعلان عن عقوبات جديدة تستهدف شخصيات "مقربة" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم غدٍ، ما لم تتحرك روسيا لنزع فتيل الأزمة.
وأعلن زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في بيان مشترك، أنّ روسيا لم تتخذ أي خطواتٍ ملموسة لتطبيق اتفاق أبرم في جنيف يهدف لردع الجماعات المسلحة.
وقال البيان: إنّه "بدلاً من ذلك واصلت (روسيا) تصعيد التوتر بلغة تبعث على القلق بشكل متزايد ومناورات عسكرية تجري بشكل يمثل خطراً على الحدود الأوكرانية". وأضاف "اتفقنا الآن على أن نتحرك سريعاً لفرض عقوبات إضافية على روسيا". غير أنّ البيان أكد أنّ "الباب ما يزال مفتوحاً أمام التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة".
وقالت مصادر في الاتحاد الأوروبي: إنّ التكتل سيضيف، غداً الاثنين، 15 اسماً جديداً لقائمة الروس الذين جمدت أموالهم وفرضت قيود على إصدار تأشيرات سفر لهم. ويجتمع دبلوماسيون كبار في الاتحاد الأوروبي في اليوم نفسه لمناقشة الخطوات المقبلة.
وقال مصدر من حكومة احدى دول مجموعة السبع لوكالة رويترز:إن "لك أن تتوقع المزيد من الكيانات وبعض الأفراد، الامر يتعلق باستهداف الأرصدة المالية لأشخاص". وأضاف أن الكيانات ستشمل مؤسسة أو أكثر من المؤسسات المالية.
وأقرّ بوتين، للمرة الأولى الأسبوع الماضي، أنّ روسيا تواجه صعوبات بسبب العقوبات، لكنه قال: إنّ التداعيات ليست "حرجة".
اتصال لافروف وكيري
في غضون ذلك، ذكرت وزارة الخارجية الروسية أنّ وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، بحث مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، سبل نزع فتيل الأزمة في أوكرانيا في اتصال هاتفي من برلين، أمس السبت، "مع التركيز على الخطوات الممكنة لإنهاء الأزمة".
وفي مكالمة منفصلة مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قال لافروف: إنّه يتعين على أوكرانيا وقف العمليات العسكرية لجيشها في المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد لنزع فتيل الأزمة.
وأوضح مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أنّ كيري، طالب روسيا أنّ تؤيد علناً جهود أوكرانيا بدلاً من تشويه تلك الجهود. وأضاف أن كيري، أبلغ لافروف أنّ التحركات الاستفزازية للقوات الروسية على حدود أوكرانيا ودعم موسكو للانفصاليين وخطابها التحريضي يقوض الأمن في أوكرانيا.
تيموشينكو والأطلسي
الى ذلك، أشارت رئيسة الوزراء السابقة والمرشحة للرئاسة الأوكرانية يوليا تيموشينكو، إلى أنّه ينبغي "على بلادها أنّ تكون عضواً في منظمة حلف شمال الأطلسي، كي تحمي نفسها من العدوان الروسي".
وأضافت في حديث صحافي إلى قناة "فوكس نيوز" الأميركية، أنّه "على الرغم من تأييد الأقلية من الأوكرانيين لحصول بلادهم على عضوية الأطلسي، غير أنّ أفعال العدوان الروسي في شرق البلاد، أحدث تغييراً جوهرياً في الفكر العام".
ولفتت إلى أنّ "حرب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، على أوكرانيا، جعلته قادراً على تغيير عقلية الأوكرانيين وتحويلهم نحو توجه استراتيجي مختلف".