انفصاليو أوكرانيا يتجهون لخسارة الحرب مع كييف

08 يوليو 2014
الجيش الأوكراني في سلافيانسك (جينيا سافيلوف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

بقيت سلافيانسك الأوكرانية والطرق المؤدية إليها، حتى الخامس من يوليو/تموز الجاري، خاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا تحت إمرة القائد الميداني، إيغور ستريلكوف، الذي شغل رسمياً موقع قائد ميليشيات دنيبروبيتروفسك. لكن سرعان ما خسر الانفصاليون المدينة لصالح الجيش الأوكراني، فيما يبدو أن ستريلكوف سيقود معركة الدفاع عن دونيتسك وربما لوغانسك معاً، اللتين تريد القوات الأوكرانية استعادتهما.

وكان عدد المقاتلين المدافعين في المعركة الخاسرة عن سلافيانسك قد وصل إلى ألفي مقاتل، مسلحين ببنادق ورشاشات ومضادات دروع، ومدافع مضادة للطائرات، في مواجهة عشرة آلاف جندي أوكراني، مدعومين بنحو مئتي مدفع وراجمات صواريخ.

وأما في دونيتسك ولوغانسك، فمن المتوقع أن تتضاعف أعداد المقاتلين من الطرفين وأن تشارك في الهجوم إلى جانب الجيش الأوكراني النظامي تشكيلات غير رسمية.

ويخشى نتيجة ذلك، انفلات القوة وأعمال الانتقام، فيما يبدو أن نتيجة المعركة الكبرى بين الأقاليم الموالية لروسيا وكييف، محسومة لمصلحة الأخيرة، فموسكو غير عازمة على دخول الحرب.

وعلى الرغم من قرع طبول الحرب في دونيتسك لوغانسك، إلا أن ثمة محاولات لإبقاء مكان للحلول السياسية. فأعضاء لجنة الاتصال الرباعية يؤكدون ضرورة انعقادها عاجلاً للبحث في إمكان التوصل لاتفاق ينهي الصراع القائم.

لجنة الاتصال بين المكاتب والواقع

في 2 يوليو/تموز الجاري، عقدت في برلين مشاورات حول الوضع في دونباس بين وزارات الخارجية الألمانية والروسية والفرنسية والأوكرانية.

ونقلت وكالة "إنترفاكس" عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوله إن المشاركين في اجتماع الرباعية ببرلين اتفقوا على إعلان مشترك بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

وفي الخامس من يوليو/تموز، جرت محادثة هاتفية بين لافروف، ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ثم مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، ركّز خلالها لافروف على عدم جواز تعطيل اتفاق 2 يوليو/تموز.

وتم التأكيد على أهمية العمل بالاتفاق، ولا سيما بعد التدهور الخطير للأوضاع نتيجة العملية العسكرية الأوكرانية التي أوقعت المزيد من الضحايا بين المدنيين وتسببت بمزيد من الدمار، وفقاً لتعبير الخارجية الروسية.

ووافق شتاينماير وفابيوس على ضرورة الدعوة العاجلة للجنة الاتصال للانعقاد، لكنه من غير المعروف إن كانت اللجنة ستعقد اجتماعاتها قبل الهجوم على دونيتسك ولوغانسك.

من سلافيانسك إلى أين؟

وفي حديث لموقع "أنتي ميدان" في الخامس من يوليو/تموز، قال قائد قوات الانفصاليين في سلافيانسك، إيغور ستريلكوف، "جرى ليلاً، كسر حلقة حصار سلافيانسك عن طريق تضليل العدو بمناورة هجومية نفذتها مجموعة مدرعة قتل معظم أفرادها للأسف".

وأضاف "استطاع 80 إلى 90 في المئة من المقاتلين مغادرة المدينة، وتمكنا من سحب 90 في المئة من الأسلحة وتم إجلاء عائلات المقاتلين، والناس المتعاطفين معهم، فقد كان من الخطير جداً تركهم في المدينة".

واعترف ستريلكوف بالعجز عن حماية سلافيانسك، وعدم القدرة على الصمود أمام هجوم الجيش الأوكراني، واعتذر من سكان المدينة، ووعد بتلافي الأخطاء التي ارتكبت في الدفاع عن سلافيانسك.

شحنة معنوية قبل المعركة الحاسمة

في المقابل، أكد الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، في كلمة نشرها موقع الرئاسة الأوكرانية، أن "هذا ليس نصراً كاملاً، ولكن تطهير سلافيانسك من عصابات الأشرار المدججة بالسلاح له أهمية رمزية كبيرة، إنها نقطة التحول لعودة دونباس إلى الحياة الطبيعية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من دولتنا العظيمة القوية الأوروبية".

ترافق ذلك مع إعلان الرئاسة الأوكرانية استمرار العملية العسكرية في منطقتي دونيتسك ولوغانسك. ووفقاً لوكالة "إنترفاكس" الروسية، قال بوروشينكو إن "الوضع معقد جداً، والإرهابيون تغلغلوا في المدن الكبيرة".

كما نقلت وكالة "إنترفاكس" عن رئيس الأمن الأوكراني، فالينتين ناليفايتشينكو، قوله إن الانفصاليين "ينتقلون الآن إلى دونيتسك. من أجل ماذا؟ من أجل زرع الفوضى في الأماكن التي يقطنها عدد كبير من السكان". وأشار إلى أن "القوات الخاصة هي التي ستنفذ المهمات في المدن الكبيرة".

المعركة المقبلة

وعلى الرغم من انسحاب المقاتلين من مدينتي سلافيانسك وكراماتورك اللتين اكتسبتا على مدى أيام الصراع بعداً رمزياً، فإن وضع أوكرانيا يزداد تعقيداً، ويرى البعض أن تحولاً في المعركة لم يحصل بعد لأن ما أراده المقاتلون في سلافيانسك، أمام اختلال معادلة القوة، هو إشغال الجيش الأوكراني وتمكين رفاقهم من تحصين جبهة دونيتسك ولوغانسك قبل الهجوم عليهما.

ويعول الانفصاليون على كثافة السكان في دونيتسك ولوغانسك وخطورة قصفهما بالمدفعية والطائرات، وعلى تضاريس الطبيعة التي لا تسمح بحصارهما والتحكم بهما من مرتفعات على مثال سلافيانسك، القليلة السكان والواقعة في منخفض.

ويهدد الانفصاليون في "جمهورية دونيتسك" باللجوء إلى حرب العصابات ضد الجيش الأوكراني، حسبما ذكر زعيم حركة "نوفوروسيا" (روسيا الجديدة) بافل غوبارييف، أمام حشد جماهيري في دونيتسك.

في المقابل، تتركز الاستراتيجية الرئيسية للجيش الأوكراني، بمحاصرة لوغانسك ودونيتسك، وإرغام الانفاصاليين على إلقاء السلاح، حسبما أعلن نائب رئيس مجلس الأمن والدفاع الأوكراني، ميخائيل كوفال.

قوى غير متكافئة بانتظار الموت

وتشير المعطيات المتداولة إلى أن من سيقوم بمهمة الدفاع عن دونيتسك، إلى جانب قوات سلافيانسك المنسحبة إلى هناك، هو كتيبة "فوستوك" (الشرق) بقيادة ألكسندر خوداكوفسكي، القائد السابق لقوات "ألفا" في المدينة، ومنظمة "أبلوت" التي يديرها شكلياً رئيس وزراء جمهورية دونيتسك، ألكسندر بونداريا.

ويدور الحديث عن ثلاثة آلاف مقاتل، مسلحين بعدد محدود من الآليات وعدد كبير من الأسلحة النارية، في مقابل خمسة آلاف مقاتل أوكراني.

كما يجري الحديث، في منطقة ليبيتسك، عن حوالي ألف متطوع بقيادة ألكسندر موزغوفوي، مسلحين برشاشات وقاذفات قنابل وعدة سيارات مدرعة، في مقابل حوالي ثلاثة آلاف جندي أوكراني مدعومين بأكثر من سبعين مدفعاً وراجمات صواريخ.

وأما في لوغانسك، حيث الوجود الأقوى للانفصاليين تحت قيادة، فاليري بولوتوف، فتشير الأنباء إلى وجود خمسة آلاف مقاتل، في مقابل ستة آلاف مقاتل أوكراني من الحرس القومي، علماً بأن المطارين الموجودين في المناطق الانفصالية (في دونيتسك ولوغانسك) يقعان تحت سيطرة الجيش الأوكراني.