منذ أشهر اعتقد اللبنانيون أنهم بلغوا، أو كادوا، قعر الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية المتلاحقة التي ألمّت بهم منذ أواخر عام 2019، قبل أن تأتي نكبة الانفجار الهائل في "مرفأ بيروت" الثلاثاء الماضي، ليخسر لبنان بوابته التجارية الرئيسية ويتكبد خسائر ضخمة بالأرواح والممتلكات والبنى التحتية، في كارثة لم تكن تخطر على بال أحد من مواطنيه.
اعتباراً من الربع الأخير من سنة 2019، بدأ مسلسل انهيار الليرة مصحوباً بغلاء مستفحل لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وتآكلت سريعاً ودائع اللبنانيين في المصارف وكذلك احتياطي النقد الأجنبي لدى "مصرف لبنان" المركزي، وأعلنت الحكومة سنة 2020 عجزها عن سداد الديون وتبخّرت أموال الخزينة العامة، وتضعضعت موازنة الدولة التي تلقت الضربة القاضية بخسارة الرسوم الجمركية التي تشكل جوهراً أساسياً في هيكل إيراداتها مع الشلل التام الذي أصاب مرفأ العاصمة.
دمار شبه كامل ضرب المرفأ، واستدعى حضوراً فورياً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، ليبدأ الحديث عن "عقد جديد" و"نظام جديد" في هذا البلد، بعدما اجتاح الفساد هذا النظام على مدى 30 عاماً.
"العربي الجديد" يرصد في هذا الملف تطورات الأثر الاقتصادي والمالي والمعيشي على لبنان، حكومة ومواطنين.