انفتاح فرنسي على إسلاميي ليبيا بتنسيق إقليمي

19 اغسطس 2017
لقاء حفتر والسراج برعاية الرئيس إيمانويل ماكرون(جاك دومارتون/فرانس برس)
+ الخط -
تواصل الدبلوماسية الفرنسية نشاطها في الملف الليبي، ويبدو أنها بدأت توسيع دائرة اتصالاتها بالأطراف الليبية بعدما أدرك الفرنسيون استحالة التوصل لحل متين وشامل، من دون إشراك جميع أطراف الصراع الليبي، بينها القوى الإسلامية. وقد كشفت مصادر في تونس لـ"العربي الجديد" عن وجود اتصالات فرنسية بالقوى الإسلامية في ليبيا، تلت مباشرة الاجتماع بين رئيس حكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، واللواء خليفة حفتر، في باريس في 25 يوليو/تموز الماضي، الذي انتهى بالإعلان عن عشر نقاط للتسوية. وأكدت المصادر أن بعض ممثلي هذه الجهات تحولوا بالفعل إلى باريس، التي تنوي مد جسور التواصل مع بقية مراكز القرار والفصائل ومن يمثلها في ليبيا. وأشارت إلى وجود اتصالات مع مختلف الأطراف في مصراتة، ومع "البنيان المرصوص"، وحتى مع ممثلي مفتي ليبيا، الشيخ الصادق الغرياني. ويبدو أن هذه اللقاءات لم تتوقف، إذ يجري التنسيق حالياً لتوجه ممثلين عن فرنسا مكلفين بالملف الليبي، إلى مصراتة قريباً، وفق المصادر.

وأكدت المصادر التونسية نفسها أن أطرافاً فرنسية زارت تونس أخيراً، والتقت بعدد من القيادات الحزبية التونسية، لإشراكها في حث الأطراف الليبية القريبة منها على الانخراط بالحل الفرنسي. وأوضحت أن فرنسا تدرك جيداً أن هذا الحل ليس بيد السراج وحفتر وحدهما، وأنه ينبغي جمع بقية الأطراف والقوى المؤثرة في المشهد الليبي، بمن فيهم ممثلو نظام معمر القذافي. ويبدو أن هذا الإدراك الفرنسي زاد بعد التنسيق الفرنسي-الجزائري، إذ أكد المسؤولون الفرنسيون لمضيفيهم في تونس أن التنسيق مع الجزائريين متواصل على درجة عالية.

وكانت أطراف ليبية عدة قد أبدت احترازها بعد لقاء باريس بين حفتر والسراج. وفي تونس، اعتبر رئيس البلاد الباجي قائد السبسي، أن لقاء باريس سينتج "حلاً سطحياً" إذا لم يشمل كل الفرقاء في ليبيا، وهي وجهة نظر تتقاسمها تونس مع الجزائر، وتؤكدان بالتالي أن المصالحة الشاملة في ليبيا هي الحل الوحيد للأزمة.



وتساءل مراقبون بعد المحاولات المتعددة للقاء السراج وحفتر، عمّن يمثل بقية الفصائل، خصوصاً القوى الإسلامية ونظام القذافي. ويبدو أن الجزائر مصرة على إشراك الجميع وتحذّر من الإقصاء في أي مشروع للحل. وتؤكد المصادر التونسية أن التنسيق بين الجزائر وباريس من ناحية، وبين الجزائر وتونس من ناحية أخرى، يقود إلى التواصل مع كل الفرقاء في ليبيا، وهو ما يفسر الحركية النشيطة التي شهدتها المنطقة في الأيام الأخيرة، إذ توافدت إلى تونس شخصيات ليبية عديدة، وعقدت لقاءات دبلوماسية مختلفة مع سفراء الدول الغربية في ليبيا، وأغلبهم مقيم بتونس.

وبشأن تصريحات حفتر في موسكو أخيراً، وما إذا كانت تعتبر نكثاً لاتفاق باريس، قللت المصادر من أهمية هذه التصريحات واعتبرتها مجرد رفع لسقف المفاوضات لتسليط مزيد من الضغط على بقية الأطراف، لأن ما حدث في ليبيا منذ سنوات قاد إلى وعي دولي بأن محاولة اقتحام طرابلس بالقوة ستقود إلى انهيار كامل في العملية السياسية ولن تؤدي إلى نتائج فعلية، بل ستزيد من إطالة عمر الأزمة وتعقيدها، وفق ما ذكرت المصادر.


المساهمون