تنطلق اليوم منافسات كأس العالم في رياضة الرغبي في بريطانيا، والتاريخ يتحدث أن هذه الرياضة تملك شعبية كبيرة في العالم، وأصبحت تنافس رياضة كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
تستقبل بريطانيا اليوم بطولة كأس العالم للرغبي، تلك اللعبة التي انطلقت مع انتهاك أحد طلاب مدرسة تدعى "رغبي" في عام 1823 قوانين لعب كرة القدم، حين كان يسمح للاعبين بإمساك الكرة بأيديهم ورميها من دون الركض بها.
ذات يوم، أمسك ويليام ويب إيليس، طالب من المدرسة، الكرة وركض بها متجاهلاً قوانين اللعب. نتج عن ذلك التصرّف المتهوّر، فكرة لعبة الرغبي المعروفة اليوم في العالم، وبعد مرور أعوام على تصرّف إيليس، والذي إن حصل اليوم وضمن نطاق أي لعبة، لاعتبر غباء أو جهلاً بقوانين اللعب. لكن على النقيض من ذلك اتّخذ نهجاً أساسياً للعبة الرغبي، وبات الإمساك بالكرة والركض بها أمراً مسموحاً به خلال اللعب في عام 1830.
وكتب صبيان مدرسة الرغبي قوانين اللعبة للمرّة الأولى في عام 1845، بيد أنّهم لم يحدّدوا عدد اللاعبين لكلّ فريق. ففي عام 1839، زارت أديلاد ملكة بريطانيا آنذاك وزوجة الملك ويليام الرابع، المدرسة حيث كان فارق العدد بين الفريقين اللاعبين شاسعاً (75 مقابل 225) وكانت اللعبة تدوم أحياناً لمدّة خمسة أيّام.
رياضة الرغبي والتاريخ
تأسّس اتحاد كرة الرغبي في عام 1871، ومنه انطلق الفريق الدولي الأوّل للرغبي في بريطانيا، وارتدى أعضاء الفريق القمصان البيضاء تيمناً بلاعبي مدرسة الرغبي الذين لطالما ارتدوا اللون الأبيض خلال اللعب، وانطلقت لعبة الرغبي في البداية بين طلاب مدارس بريطانيا الحكومية، لتصبح بعد ذلك رياضة الشتاء في الإمبراطورية البريطانية، إلى أن اتّسع نطاقها لتنتشر في العالم.
والجدير بالذكر أنّ لعبة الرغبي أثّرت على تطوير العديد من الألعاب الرياضية مثل كرة القدم الأميركية والأسترالية والكندية، والتي انبثقت جميعها من الرغبي الإنجليزية. يتكوّن فريق الرغبي من 15 لاعباً لكل طرف، يلعبون لمدّة ثمانين دقيقة مقسومة على نصفين، ويحقّ للاعب أن يركض حاملاً الكرة بيديه إلى الأمام، على شرط أن يمرّرها إلى الخلف فقط، إلى أن يصل اللاعب بالكرة إلى خط الفريق المنافس له ويتجاوزه، وما إن تلمس الكرة الأرض، حتى يسجّل خمس نقاط، حيثُ يسمى ذلك الهدف "try" (محاولة).
وبهدف تسجيل نقطتين إضافيتين يلتقط الكرة بعدها، ويهرع بها إلى وسط الملعب، ويركلها فوق العارضة، حيث ينبغي أن تمرّ الكرة بين العمودين في منطقة الخصم، وفوق الخط الذي يتوسطهما، كما يمكن تسجيل ثلاث نقاط في حال خالف أحد اللاعبين قوانين اللعبة، من خلال لطم لاعب في وجهه على سبيل المثال، حينها تنطلق صفّارة الحكم الذي يعاقب بإعطاء الفريق الخصم الحقّ في ركل الكرة بين عمودي منطقة الخصم، أمّا شكل كرة الرغبي البيضاوي الذي نراه اليوم، فكان يعتمد على حجم مثانة الخنزير، والتي كانت تستخدم لصناعة الكرة من الداخل.
المونديال واستضافة بريطانيا
على الرّغم من شبه غياب عشّاق أو معجبي لعبة الرغبي على الساحة العربية، حيث تحبّذ تلك الشعوب كرة القدم، تمارس الرغبي في أكثر من مائة دولة حول العالم ويشاهد أحداثها العالمية على شاشات التلفزيون ما يزيد على أربعة مليارات شخص، والمثل الأكبر مباراة كأس العالم التي تقام على ملاعب بريطانيا هذا الشهر، حيثُ تكافح المنتخبات الدولية المشاركة فيها للفوز بكأس "ويب إيليس".
وفي جولة لـ "العربي الجديد" في ملعب تويكنهام للرغبي في لندن، والذي يتّسع لـ 82 ألف شخص، لفتت المشرفة على الجولة إلى الفارق الكبير بين معجبي كرة القدم وكرة الرغبي، من حيث ردود الفعل على هذه الرياضة، وقالت إنّ لعبة الرغبي على الرغم من خشونتها، غير أنّ مشجعيها يمتلكون روحاً رياضية عالية، ويحترمون المنافسة المحتدمة بين فريقي اللعبة.
وهم يتمتّعون بها من دون إثارة شغب في الملاعب، ويسمح لهم بتناول الكحول داخل الملعب مع غياب أي وجود للشرطة في الداخل، والتي تتوزّع عناصرها في الخارج للمحافظة على الأمن، حيث تكتظ الشوارع أمام الملعب بمشجّعي الرغبي الذين يتهافتون لشراء التذاكر. في المقابل لطالما أثيرت المشاكل داخل ملاعب كرة القدم، على الرّغم من وجود عناصر الشرطة المكثّف ومنع تناول الكحول فيها.
ستؤثّر مباريات مونديال الرغبي، على شوارع بريطانيا التي تزدحم بالسيارات، ويغلق العديد منها لتسهيل وصول مشاهدي المباراة إلى الملاعب. في وقت تُحذّر لافتات نصبت بالقرب من أماكن اللعب سائقي العربات على أنواعها من الازدحام الذي سيخنق الطرقات، وتنصحهم بتجنّب المرور بها أيّام المباراة.
وبالنسبة للبطولة العالمية تستقبل 11 مدينة بريطانية المباريات التي تستمرّ لمدّة 44 يوماً من 18 سبتمبر/أيلول حتى 31 أكتوبر/تشرين الاوّل، بين 20 منتخباً، الأمر الذي يُشكّل فرصة لتعريف العالم إلى مدن بريطانية مختلفة، وجذب المزيد من السيّاح إلى تلك المدن التي يتميّز كلّ منها بتاريخ ومناظر طبيعية وأثرية متنوّعة، كما تعطي الفرصة لسكّان تلك المناطق من معجبي رياضة الرغبي لحضور بعض المباريات، من دون تكبّد عناء القدوم إلى العاصمة لندن.
في المقابل تعتبر بطولة كأس العالم للرغبي، من أهمّ الأحداث الرياضية التي تضخ في الاقتصاد البريطاني نحو 2.2 مليار جنيه إسترليني، حيثُ وصلت مبيعات بطاقاتها إلى مليونين حتى اليوم، أمّا الأجانب القادمون من خارج البلاد فيزيد عددهم على 500 ألف شخص.
اقرأ أيضاً:بالفيديو..عنف ولكمات متبادلة بين اللاعبين في مباراة رجبي